٢١؛ رَقصةٌ في جَوفِ اللّيل.

Start from the beginning
                                    

مات الملك غدرًا، مات هيون شيك بصدق، لأنه أحب بصدق. ولأنه كان نقيًا بصدق. لأنه كره الأحمر القاني بصدق. لأنه رغب لو تسود الخضرة بصدق. وتلك الحياة الكاذبة لا تمتع ناظريها إلا بالخراب فابتلعته في باطنها وردمت فوقه التراب!

أومأت إيرين بعجز متألم؛ فهي لا تملك غير هذا. جففت ما بقي من دموعها وابتسمت بكذب؛ تحتال على الألم وهي تظنه أحمقًا لينخدع لكنه لم يفعل فغافلته بأن عادت تختبئ بين ضلوع حبيبها وشطر روحها تلتحف عبقه، وتستنجد بأنفاسه فلم يملك غير ضمها لصدره، كما فعل بها وليدة من قبل، كعصفورة بين كفيه!

- ماذا حدث بعد ذلك؟

- ولدتِ أنت وخشى الصيادون أن تنتقل قوة الملك لك فكان لا بد أن يتخلصوا منكِ ولذلك فررت بك للبعد الآخر.
وعلى الأرجح أن الخونة الذين كانوا يملأون القصر حينها أخبروهم ولذلك أتى يونجي أيضًا لذلك البعد! ربما استخدم نسخة من مفتاح العوالم الذي استعمله لوهان هيونغ لفتح شق الزمن!

- وكيف عاد السلام؟

- أخبرني لوهان هيونغ أنه بعد رحيلنا بعدة سنوات، جثت الملكة على قدميها أمام حشد كبير من البشر والصيادين لطلب السلام.
صك ضروسه بقوة وهو يقطب حاجبيه بغضب :
- إراقة الدماء مجددًا وتدمير حلم الملك دفعاها لفعل هذا.
تنهد بقلة حيلة.
- عمُ يونجي كان يحبها بعمق قبل أن تتزوج والدكِ وعلى الأرجح لهذا قَبِل بالسلام مجددًا. ربما لم يرسل أحدًا لإعلام يونجي لأنه أراد قتلك فعلًا خوفًا من تلك القوة لكن على ما يبدو استسلم يونجي للسلام وهمش فكرة قتلك.
ضحك بسخرية.
- إنه يريدني أنا على كلٍ منذ البداية!

انسلت من حضنه مرة أخرى لتحدق فيه ومدت أصابعها ثم أرخت عقدة جبينه تلك :
- لمَ لا تقدم دليل براءتك ليكف عن محاولة قتلك؟

- لا أملك واحدًا حتى.
زفر بقوة كأنه يحاول زحزحة تلك الصخرة الجاثية فوق جهازه التنفسي تكاد تسحقه :
- كل الأدلة ضدي ومهما بحثت لا أجد شيئًا في صالحي. حاولت كثيرًا في الماضي وفشلت. هو منحني فرصة أو عدة فرص بالأصح ولم أخرج بدليل! في الواقع أنا لا أذكر شيئًا عن تلك الليلة، ليلة مقتل والده!

- ماذا؟ ولكن كيف هذا!

سألت بدهشة فأكمل موضحًا بذات الصوت الرخيم الذي يطوي بين نوتاته الخافتة لحنًا حزينًا من سيمفونية فريدة سُجلت باسمه وحده على شرف ألمه :
- كأنه تم محي ذاكرتي أو أنني لم أكن واعٍ تلك الليلة أصلًا لكن المحاربون قالوا أنني اختفيت منذ الصباح حتى عصر اليوم التالي. أنا حقًا أفقد زمن هذا اليوم.
ليس من ضمن ذكرياتي ولا أعرف أين ذهبت ولا ماذا فعلت لذلك أحيانًا أشك أنني قتلته فعلًا. لا أحد سواي يمكنه القتل بتلك الطريقة! ربما يونجي معه حق...

قاطعته وهي تهز رأسها بغير تصديق :
- أنت تبرر شكه فيك، صحيح؟

مال بعنقه قليلًا يتمتم بتأثر :
- لا أبرر، ربما لو كنت مكانه كنت لأتهمه أيضًا. الوضع معقد تمامًا!

بِيكَاسّو || A war of bloodWhere stories live. Discover now