سيمفونيّة زوربا الراقصة تعلمكَ كيف تخلع عنكَ الوجع، تجعلكَ تقسم ألا تبكي منه وأن ترقص عليه كرقص القبور. جعلت توًا حواس بيكاسو كلها ترقص، لا لنفض الوجع بقدر ما كانت ترقص لهول الوجع!
أحيانًا فعل النقيض يبرز البواطن، كأن تنفجر ضاحكًا لأن أطرافك تحترق. كأن تغني لأنك تموت. كأن تشيع ميت بتصفيق!
تلك الأفعال تبرز الألم. الألم الذي يقود للجنون، والجنون الذي يقود للعبقرية!
لم يرد أن يكون رسامًا عبقريًا مطلقًا على حساب الوجع!
- لا تذهب فأنت لي!
أنا وأنفاسي والعالم من حولي ملكٌ لكِ، وفي بعض الأحيان نحن لا نُمنح ما هو ملك لنّا لا لأي شيء سوى أن الحياة أرادت تجربة نوع جديد من الحرمان علينا. أن تُحرم من حقوقك أفظع من أن تحرم من أي شيء عداها.
كلما فتشت الحياة في جعبتها تجد دومًا الأفظع لتقديمه لنا.
لا تظن أبدًا أن هذا أسوأ شيء سيحدث لك فهناك دومًا أسوأ الأسوأ!
هبطت غصته مَرة أخرى مُرة وعلقمية في حلقه، ثم حبس أنفاسه بداخل صدره يغمض عينيه بلا حراك ودون أن ينبس ببنت شفة وعلى لسانه تتصارع الكلمات لكي تخرج
وتقود حربها بلا عتاد وبالتأكيد حُسِمت النتيجة بالخسارة فخسر الكلام أمام رهبة الصمت وأسدل ستاره على مسرح الألم.رفع أصابعه المرتعشة ولمس كفيها الناعمين ثم فك أسرها ونهض!
رفعت كفها تحدق به، صدرها يعلو ويهبط بعنف تكاد عظامها أن تتحطم. اختنقت بالهواء وكأنه مليء بثاني أوكسيد الكربون وحسب ولا وجود للأكسجين؛ فقد سحبه من مجرى رئتيها حينما سحب نفسه منها!
أغمضت عينيها تحس باحتراق في قرنيتها. هذا الألم في زاوية صدرها لا يحتمل. ها هي مجددًا تخسر ما لا تذكر أنها امتلكته يومًا، تخسر ما لا تعرف ماهيته، وتبكي حواسها صمت هذا الرجل، ثم تعبث الأحرف المبهمة والهمسات المشوهة بخلايا قلبها وتنغزهُ بنصول النسيان، ولازالت الذاكرة في سبات.
- أتعلم؟ تلك الغصة تخنقني. لكنها ليست في حلقي. تلك الغصة في قلبي، وبكاؤه بات يزعجني، صوت الأنين في داخلي يؤلم خلايا دماغي!
عبأ رئتيه بالهواء حتى كادت حويصلاته الهوائية أن تنفجر قبل أن يزفرها يود لو أن تتزعزع صخرة الألم عن صدره ولم تفعل. التف ينظر لها بأعين غائرة وتمتم :
- سأخبر الطبيب.ابتسمت بسخرية، ورويدًا رويدًا تحولت تلك الابتسامة الواهنة لضحكة مليئة بالدموع. رفعت وجهها تحرك عدستها بدائرية تحاول أسر المالح ثم عادت تنظر له وتمتمت :
- أخبرني فقط من تكون أنت! قل من تكون فقط ولن أطلب منك المزيد.
YOU ARE READING
بِيكَاسّو || A war of blood
Fanfictionأخبرتني ذاتَ مساء: - كلماتُنا قضيّة تحتاجُ مرافعة ومحامٍ، الأشخاصُ لا يكفون عن تأويلها، وبطريقةٍ ما، نصبحُ مُدانين ما إن تُدان هي كذلك. احتجتُ يومها أن أسألكَ أكثر، لكنني أعلمُ أنكَ تمقُت كلّ ما ينتهي بألفٍ معكوفة تُدعى علامةَ استفهام. فصمتُ... وتأ...
١٥؛ مِن رَحِم الألمِ رسّام.
Start from the beginning