٩؛ التَّحرُش بِالحُبْ.

5.4K 543 443
                                    

مرحبًا يا صغيراتي 💖

استمتعنّ واتركنّ تعليقًا ونجمة 🤗

_

أحيانًا، نحتاج أن نبتعد لنقترب. أن نفترق لنلتحم. أن نضيع من بعضنا للأبد لنلتقي لما وراء الأبدية. نحتاج أن نقسوَ لننكسر. وأن نتهشم لنرمم التصدعات مجددًا. أن نتبعثر لنلملم أنفسنا من جديد وأن نبكي بشدة كي نضحك بعنف.

أن نصالح الحياة بقبلة فتراضينا باحتضان وهدهدة. أن نربت على جروحنا كي نطببها. وأن نغازل الدنيا فتبتسمَ لنا. نحتاج لجمع شمل الأضداد في حياتنا كي نحيّا.

بتناقضنا وبكل الغموض فينا. بصناديقنا المقفلة ومفاتيحنا الضائعة. بأروقة داخلنا الباردة وبيوت روحنا الدافئة المشتعلة. نحتاج لأن نغمض أعيننا ونحجب عنا كل شيء لبعض الوقت.

نحتاج أحيانًا أن نلتقي أشخاص لا نعرفهم. أن نحجز موعدًا في مطعم لن يحضره أحد. أن نحضر دفترًا لن نكتب فيه. ولاقتناء ثوب لن نرتديه. وحفلة على شرف ميت. وسهرة في صباحٍ مشرق.

لكننا أبدًا لمْ نُرِد حبًا لا يريدنا. وقلبًا لا نسكن ثغوره وعمرًا لن نفنيه سويةً. لم نرد لقاءً مؤقت وفراقًا دائمًا. لم نرد دمعةً حارة تفلتها أعيننا في مراسم تأبين أشخاص أُزهِقوا بداخلنا.

لم نرد حبًا أبدًا أشعل فتيل دمارنا ووقف بعيدًا في صفوف المتفرجين يشاهد احتراقنا وانفجاراتنا الداخلية!

نحتاج لكل جنون في حياتنا بعيدًا كل البعد عن دائرة الحب وقصصه الحزينة المميتة.

واحتاج بيكاسو كل جنون، وأحب كل الجنون إلا ما يتعلق بجنون الحب. ثم ها هو يرتشفه جرعاتٍ مكثفة تسيل في عروقه تكاد تفجرها لشدة التكدس.

آخر ما تمناه جنون كهذا، وهي التي نسجت له الألم ثوبًا ألبسته له غصبًا فضت وثاق دمعةٍ ساخنة فرت من عينيها لتسكن فوق خده ثم فصلت شفاههما. رغم أن شفتاه لم تحتضنها ولم يضمها ولم يتحرك.

ثبُت كتمثال بارد ميت لا حياة فيه، وكان الابتعاد هو حلها الأمثل. ببطء كانت تنسل من التحامهما الحميمي لتتفشى فيه أعمق، وليغرق فيها حتى النهاية ولأبعد من النهاية وما بعدها.

كانت أصابعها لاتزال تحتضن وجهه وهي تحدق فيه بأعين ترتعش فيها حتى قطرات الدموع المالحة.

أنزلت يدها بخفة وصرخ جلده مستغيثًا يطالبها بالعودة. رفعت أناملها لتتحسس شفتيها ثم همست برعشة وصلت حتى لحبالها الصوتية :
- ما هذا؟ ما الذي قُلته؟ وما الذي حدث؟

بِيكَاسّو || A war of bloodحيث تعيش القصص. اكتشف الآن