سمعت حيدر يقول" قمر "
نظرت له فقال " أين أنتي أناديك من مدة "
قلت بخجل " لقد شردت قليلا عذراً منك "
قال مبتسماً " إذا دورك "
جُلت بنظري بينهم جميعاً حتى وقع على رائد فنظرت للأرض وقلت
" أقول له لا تقتل الورد "
لاذ الجميع بالصمت وكأن كلماتي فاجأتهم أو عجزوا عن تفسيرها
قال حيدر حينها " دورك أسماء "
ضحكت وقالت " لا أتذكر فيما فكرت "
قال معترضا " عليك التذكر بسرعة "
قالت ضاحكة " أنا حقا لا أذكر هل أكذب عليكم "
قال بحماس " أفسدت عليكم , دورك يا رائد "
رفعت نظري له فكان ينظر لي ثم نظر جهة البحر وقال
" أقول له أنت بلا مشاعر "
أحسست حينها بالعبرة تخنقني حتى كدت أنهار أمامهم ولم أعد أسمع شيئاً مما يقولونه
وقفت بعدها وتوجهت للشاطئ أتمشى عند حواف أمواجه في صمت حيث الضوء الخافت
والقمر والسكون , محتضنة ذراعاي ألتمس الدفء من الوشاح الصوفي الملفوف حولهما
وأنظر لأثار قدماي وهما تغوصان في الرمال الرطبة , أبث حزني للموج وللرمال واشتكي
لهما من مالك قلبي وجوارحي الجالس هناك , من قسوته وجبروته على قلبي المسكين
شعرت حينها بيد تلتف حول كتفي , نظرت لصاحبها فكان رائد فابتسمت له من بين
دموعي وحزني وعتابي وألمي فضمني له وقال " أنتي هنا مكانك القلب يا قمر "
نظرت هنا وهناك ولم أجد أحداً , نزلت دموعي رغماً عني حين نظرت للبعيد فكان
جالسا مكانه , نعم كنت أتوهم ما حدث كما أتوهم الآن أنه ينظر إلي , كما أتوهم نظرات
الحزن والحيرة الآن في عينيه , ابتسمت بحزن وعدت بنظري لقدماي وتابعت سيري
فشعرت حينها بشيء يصطدم بي بقوة حتى وقعت أرضاً , رفعت نظري فكان ثمة
شابان يبدوا أنهما كانا يركضان وصدمني أحدهما , وما هي إلا لحظات وكان
رائد عندنا أوقفني وقال صارخاً في أحدهما بحدة
" ألا ترى أمامك قل أن الظلام حالك ولا أنوار ولا قمر مكتمل وأنك لم تراها "
قال الشاب بهدوء " آسف أنا لم أنتبه لها "
قال بغضب أكبر " رُش أسفك بالملح وكُلْه لا أحتاجه "
أنت تقرأ
منازل القمر
Romanceرواية تحكي الحب تحكي الرومانسية والأحلام المستحيلة رواية تحكي الحاضر وتسافر بكم للماضي وللذكريات المنسية لتحكي الحزن لتحكي البؤس والحرمان والطفولة الأليمة