الفصل العاشر

10.4K 318 10
                                    







سمعت حيدر يقول

" قمر "

نظرت له فقال " أين أنتي أناديك من مدة "

قلت بخجل " لقد شردت قليلا عذراً منك "

قال مبتسماً " إذا دورك "

جُلت بنظري بينهم جميعاً حتى وقع على رائد فنظرت للأرض وقلت

" أقول له لا تقتل الورد "

لاذ الجميع بالصمت وكأن كلماتي فاجأتهم أو عجزوا عن تفسيرها

قال حيدر حينها " دورك أسماء "

ضحكت وقالت " لا أتذكر فيما فكرت "

قال معترضا " عليك التذكر بسرعة "

قالت ضاحكة " أنا حقا لا أذكر هل أكذب عليكم "

قال بحماس " أفسدت عليكم , دورك يا رائد "

رفعت نظري له فكان ينظر لي ثم نظر جهة البحر وقال

" أقول له أنت بلا مشاعر "

أحسست حينها بالعبرة تخنقني حتى كدت أنهار أمامهم ولم أعد أسمع شيئاً مما يقولونه

وقفت بعدها وتوجهت للشاطئ أتمشى عند حواف أمواجه في صمت حيث الضوء الخافت

والقمر والسكون , محتضنة ذراعاي ألتمس الدفء من الوشاح الصوفي الملفوف حولهما

وأنظر لأثار قدماي وهما تغوصان في الرمال الرطبة , أبث حزني للموج وللرمال واشتكي

لهما من مالك قلبي وجوارحي الجالس هناك , من قسوته وجبروته على قلبي المسكين

شعرت حينها بيد تلتف حول كتفي , نظرت لصاحبها فكان رائد فابتسمت له من بين

دموعي وحزني وعتابي وألمي فضمني له وقال " أنتي هنا مكانك القلب يا قمر "

نظرت هنا وهناك ولم أجد أحداً , نزلت دموعي رغماً عني حين نظرت للبعيد فكان

جالسا مكانه , نعم كنت أتوهم ما حدث كما أتوهم الآن أنه ينظر إلي , كما أتوهم نظرات

الحزن والحيرة الآن في عينيه , ابتسمت بحزن وعدت بنظري لقدماي وتابعت سيري

فشعرت حينها بشيء يصطدم بي بقوة حتى وقعت أرضاً , رفعت نظري فكان ثمة

شابان يبدوا أنهما كانا يركضان وصدمني أحدهما , وما هي إلا لحظات وكان

رائد عندنا أوقفني وقال صارخاً في أحدهما بحدة

" ألا ترى أمامك قل أن الظلام حالك ولا أنوار ولا قمر مكتمل وأنك لم تراها "

قال الشاب بهدوء " آسف أنا لم أنتبه لها "

قال بغضب أكبر " رُش أسفك بالملح وكُلْه لا أحتاجه "

منازل القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن