ارتديت معطفي الشتوي عدلت قميصي وأغلقت زرين من أزرار المعطفوخرجت من منزلي وأغلقت الباب بهدوء كما تقول العبارة السخيفة القديمة
لا تغلقوا الأبواب بقوة كي لا تؤذوا من دفع ثمنها , خرجت أولى خطواتي
للخارج فلفح وجهي نسيم بارد قوي فلا شيء أبرد من برد صباح الشتاء إلا
ثلاثة أشياء الموت والرسائل الفارغة والحب , عدلت ياقة المعطف ورفعتها
للأعلى مثبتا لها بيدي مغطيا لفكا وجهي وجزءا من خداي وسرت بخطوات
متوسطة السرعة تراقب عيناي الرصيف تحتي كي أتجنب بقع المياه
عند منتصف الشارع كان هناك باب آخر عليا فتحه في هذا الصباح دفعت
الباب الزجاجي بيدي فرنت الأجراس المعلقة به معلنة دخولي وصلت عند
طاولة البائع بخطوات ثابتة فقال مبتسما ما أن رآني
" صباح الخير أراك مبكرا اليوم "
صدق من قال أن أكثر الناس فضولا هم الباعة , سحبت علبة سجائر ووضعت
له النقود على الطاولة في صمت وغادرت فوصلني صوته قائلا
" هذا أكثر من ثمن العلبة "
قلت بهدوء " أترك الباقي للمرة القادمة "
وخرجت من فوري دسست علبة السجائر في جيبي وتابعت طريقي , أمطار الأمس
لا تزال بقع مياهها في الطريق حتى اليوم وثمة أطفال بزي المدرسة يقفزون حولها
كم يذكرني هذا بالطفولة فكم كنا نضيع الوقت قبل وصولنا للمدرسة أنا أحسد
الأطفال على هذه العفوية لو كان أحد الكبار من يفعل هذا الآن لأصبح سخرية
بعد وقت من السير وصلت لمقهى بواجهة من الخشب والزجاج وطاولات في الخارج
مبللة بمياه المطر وأخرى في الداخل وصوت لطرقات خفيفة , عبرت الباب بخطوة
واحدة دخلت وأبعدت يدي عن ياقة معطفي لتبتعد عن وجهي وجلت بنظري حتى وقع
على الجالس في آخر المقهى وحيدا يميزه المعطف الشتوي بالأزرار الذهبية الذي يرتدي
مظهرا طبيعة وضيفته , كان منشغلا بقراءة جريدة في يده ويظهر على ملامحه الضيق
أنت تقرأ
منازل القمر
Romanceرواية تحكي الحب تحكي الرومانسية والأحلام المستحيلة رواية تحكي الحاضر وتسافر بكم للماضي وللذكريات المنسية لتحكي الحزن لتحكي البؤس والحرمان والطفولة الأليمة