part (17)

2.2K 188 8
                                    


خطى محمود داخل غرفة باسين فوجده مايزال نائماً ، تقدم منه يحثه على النهوض ففتح ياسين عيناه بتثاقل قائلا ًوهو يتمطى
-صباح الخير ..
-قل مساء الخير الساعة تجاوزت الواحدة ظهرًا هيا انهض ياكسول ...
نهض ياسين ممسكاً رأسه من دوار يعتليه ونظر إلى ساعته ...
اوووف تأخر الوقت فعلًا .
-اين كنت البارحة يا رجل؟
تنزهت قليلاً في الخارج ..الجو كان رائعًا ليلاً ، تعلم أني كالوطاويط لا أخرج إلا ليلاً .
ضحكا عالياً ثم قال محمود :
-حسناً فعلت لكنك تتأخر كثيراً في العودة ..انزل للصالة لنشرب الشاي سوية فاليوم عطلتي ولاأريد إضاعة الوقت هنا سيد وطواط .
***
جلست على العشب الأخضر في حديقة المنزل خائفة حزينة ...فهي حتى الآن لاتستطيع الخلاص
أيقنت أن مهمتها بالنسبة لإيزيس ستنتهي عندما يكتمل نمو حورس ويصبح جاهزاً للانتقام ولكن ماالذي سيجري بعد ذهاب إيزيس.
هل سيكتشف رجال الشرطة أمري وأقضي بقية حياتي في السجن؟ أم سأعدم .. ياالهي ساعدني " تسائلت بقلق وخوف من مستقبل مجهول تسيره .
ومن بين كل ذلك التشاؤم ظهر بصيص أمل رأت فيه نفسها ترتدي الفستان الأبيض ممسكة بيد ياسين لتبدأ حياة جديدة ونظيفة مع رجل تحبه ...ويحبها.
ولكن مهلاً هل يحبني حقا؟
كفي ياحمقاء تعرفين أنه مفعول السحر المتواجد في التمثال والتميمة المعلقة حول عنقك
مع تحطمهما سيتحطم كل شيء .
نفسها تنازعها وافكارها تحاورها وتشتتها يزداد ..انتفضت على صوت عم صلوحي يطلب منها إعداد الشاي لمحمود وضيفه فهرعت تنفذ الأمر لتزيل كل تلك المخيلات من رأسها.
****
تناول ياسين الملف الموجود على الطاولة .. وبدأ بتصفحه وهو ينتظر عودة محمود الذي انشغل بمكتبه وأحس بقلق مفاجئ :ياالهي ،كأنني اعرفهم !!.
دخل محمود يحمل الشاي وضعها على الطاولة وسأل ياسين
-من الذين تعرفهم؟
-هؤلاء ...كلهم انظر
وبدأ يقلب بأوراق قضايا الاختفاء والقتل ليري صورهم لمحمود فبادره نظرة استهجان مبتسماً.
وكيف لك الا تعرفهم وهم من أكبر الشخصيات في مصر؟
زفر ياسين وهو ممسك رأسه وكأنه يريد أن يتذكر أين رآهم مجتمعين !
-محمود انا لا اعرفهم من وسائل الإعلام عندكم ولا اعلم من يكونون أنسيت أني أعيش خارجاً ...ولكن كأنني رأيتهم شخصياً اقصد كل تلك الوجوه اعرفها جيداً ولكن لا اتذكر اين قابلتهم ياالهي أيعقل أن كل هؤلاء مختفين وبنفس الوقت؟ .
- كنا بقضايا القتل الشنيعة الغريبة والآن بقضايا الاختفاء ،أتعلم أشعر أن هنالك خيطاً يربط تلك القضايا ببعضها ولكني أحتاج الدليل..
انظر إلى هذه "
واخرج من جيبه تلك التميمة الصغيرة يريها إلى ياسين الذي امسكها وبدأ يتأملها بدهشة وتمتم لنفسه قائلاً كأنها تشبه التمثال الذي بغرفتي أو تشبه تماثيل أعرفها جيدا بل ورأيتها كذلك ! ياإلهي مالذي يجري اليوم معي ؟
فمرت نرجس بالصدفة بالبقرب منهما لترى تلك التميمة التي كانت تبحث عنها مطولاً فتكلمت ايزيس :
-جدي طريقة وخذي تلك التميمة نحن نحتاجها
-الا ترين انها معه كيف سأخذها ؟
-هذه مشكلتك .
-ولكن!
جلست نرجس على درجات السلم الكبير ، تحاول أن تجد طريقة ما لتظفر بالتميمة و ياسين يحدق فيها بين لحظة وأخرى ، محمود يتكلم عن قضيته المتشابكة وهو يهز رأسه وعقله متعلق بجميلته ،
ياسبن ،ياسين أأنت معي !!.
أفاق من شروده ونظر لمحمود الذي قطب حاجبيه بعد رؤيته لنرجس ففهم الأمر .
--آه معك ،معك طبعا "
لا والله لست معي ، بل لست مع هذه الدنيا كلها يا أحمق ! "
صرخ بنرجس فجأة أن تجلب لهما الكعك ، فانصاعت له بعد أن غمزت لياسين الذي تهللت أساريره فترك محمود بحجة الذهاب إلى الحمام ولحق بها إلى المطبخ وقبل أن يتكلم برقت عيناها بالتزامن مع التميمة المعلقة حول عنقها
-جد طريقة لتحصل على التميمة من محمود"
فوافق قائلا : أنا رهن إشارتك جميلتي "وذهب لينفذ الأمر .
****
خرجا من المنزل ليريه بعض معالم القاهرة ثم جلسا في المقهى يتحدثان فتذكر محمود ذلك التمثال الغريب الذي رأه بغرفة ياسين فتسائل :
-صحيح من أين جئت بذلك التمثال القبيح ؟!
فقال ياسين مستفهماً :
-اي تمثال أتقصد ذلك التمثال الذي بغرفتي ؟
-نعم وهل يوجد أقبح منه في منزلي
-لم افهمك محمود انه لك !
-لي ؟ من أخبرك ذلك الكلام السخيف كيف لي أن أحضر ذلك القرف إلى منزلي .
-ولكن نرجس قالت لي أنها نظفته وأعادته للغرفة كما أنه جميلٌ جداً فلا تقل هذا الكلام .
زم محمود شفتيه وقد خطر له خاطرٌ غريب جداً لكنه منطقيٌ جداً كذلك .
-نرجس إذن !
بدأ يشعر أن هناك شيئاً ما من وراء هذا التمثال الذي كذبت نرجس لأجه وشعر أنه يشبه إلى حد ما هذه التميمة التي أخرجها مجدداً ينظر إليها ، وسرح يفكر به أما ياسين فأدرك أن الوقت المناسب للحصول على التميمة كما أمرته نرجس حين رن هاتف محمود فانشغل بالحديث وبدأ يلعب بالتميمة بيديه ويقلبها على الطاولة وعينا ياسين تترقب اللحظة المناسبة ،وضعها محمود أخيراً فانتشلها ياسين بخفة دون أن يلحظه محمود
وعندما انهى هذا الاخير مكالمته شغله ياسين بموضوع اخر واخر حتى نسي تلك التميمة نهائياً وغادرا المقهى .
****

دخل غرفته وأخرج ملف القضايا مجدداً وجلس على سريره وبعثر الأوراق جميعها أمامه تأمل قضية مقتل سمر وقارنها ببقية الرجال المقتولين وفجأة تذكر تأثر نرجس الشديد عند مشاهدتها للملف وتذكر مافعله ياسين في المقهى . ونهض من فوره يصرخ
؟؟ان الجرائم بدأت عند وصول نرجس إلى هنا وبالطريقة نفسها التي قتلت فيها سمر ، نظراتها الخائفة على الدوام ، تتحاشى أن تتحدث معي وخاصة عن تلك القضية وغيرها ، قضي الأمر إذن.
هرع إلى غرفة ياسين وانتشل التمثال الذي توهجت عيناه من جديد ، أمعن النظر فيه بارتباك ثم ما لبث أن أغلق عيناه بقوة ووضعه في حقيبته....سحر تعمل تلك الفتاة بالسحر دون شك !.
ان لم تكن هي القاتلة فهي حقاً تعرف القاتل
حل المساء وكان ياسين قد سلم التميمة لنرجس التي أخذتها من فورها وذهبت بها إلى المقبرة معه لتعطيها لحتب سخت ولم يلحظا تلك القدمان اللتان كانتا تسير ورائهما بخفة .
حتى وصلا إلى باب المقبرة ودخلاها مما زاد حيرة محمود
-ياالهي كيف يأتيان إلى هذا المكان ؟لم افهم !!
هرع يلحق بهما لكنهما كانا قد اختفيا فجأة من أمامه ، تلفت ذات اليمين وذات الشمال يبحث عن أي أثر يقوده إليهما لكنه لم يصل لشيء،
-اللعنة أين هربا مني !!
****
كانت ايزيس تتأمل ابنها الجميل النائم الذي بلغ اليوم العشرين عامًا من عمره وتقارنه بأوزيريس زوجها الحبيب فكم صار يشبهه !! حتى قطعت خلوتها نرجس ولوحت لها بالتميمة فتهللت أساريرها ونادت بأعلى صوت لحتب سخت الذي لبى النداء من فوره واخذ التميمة منها قائلاً:
-أخيرا عثرتم عليها
ثم اردف يحدث ايزيس : غدا موعدك مع الانتقام
وغدًا ستعودين إلى جسدك .
ابتسمت وقالت : لكم فرحتي عظيمة ..
وانت يانرجس أخيراً ستتخلصين مني "
بابتسامة كبيرة أجابتها :
أخيراً سأعيش حياة طبيعية بعيدًا عن هذه الأجواء الجنونية
****
عاد محمود أدراجه خائباً نحو المنزل و خطر له أن يدخل إلى غرفة نرجس ليضحد شكوكه المتزايدة تجاهها ، وفعلاً دخلها.
تأمل الغرفة جيداً ولكنه لم يعثر على شيء غيرطبيعي فيها ... فتح الخزانة يعبث بأغراضها لكنها مجرد البسة بسيطة لا شيء مهم أو مثير الريبة ،تلمس نقوش المرآة الغريبة بدت بطريقةٍ فجة قديمة وأثرية أنى لفتاةٍ كنرجس بهذه المرآة الغالية؟ كاد أن يخرج لولا أته القى نظرة أسفل السرير ليلمح صندوقاً كرتونياً ، حمله وأخرج محتوياته وانصعق!
*****
رن هاتف المنزل فأجاب محمود على المتصل وابتسم قائلاً :
-أهلا وسهلا بك سيدتي ..طبعًا سيتفاجأ كثيرا أعدك ،كلنا سنتفاجئ .
اغلق السماعة وقال لنفسه : آسف ياصديقي ولكن هذا هو الصواب ..لمصلحتك"
وصعد إلى غرفته، خلع عنه ملابسه ودخل يأخذ حماماً ساخناً ليريح أعصابه متجهزا للأحداث المثيرة التي ستحدث بعد ساعاتٍ قليلة من الآن ،
اجتمع الصديقان على مائدة الإفطار ونرجس ترص الأطباق على الطاولة ، كلاهما ينظر إليها ، فواحد منهما نظراته تحمل كل معاني الشوق والحب ، ترسم أحلاماً وتتعلق بأوهام ، والآخر يحتل الشك قلبه لكنه. يبتسم ، لكن هذه المرة كانت ابتسامة مكرٍ وخبث .

حتى دقت الساعة الخامسة مساءاً وسار محمود إلى المطار مسرعاً، استقبل ضيوفه وعاد بهم إلى المنزل ، وكان ياسين يأخذ قيلولة بسبب سهره طوال الليل يعمل تحت أمرة حتب سخت


******


بهذه الأثناء كانت نرجس بغرفتها ترتبها بعد أن أنهت تنظيف منزل سيدها، .فجأة طرق الباب ففتحت لتجد محمود، كادت أن تتكلم لولا أنه دخل مسرعاً وأغلق الباب ورائه كيلا يلحظه أحد فصرخت به بارتباك :
-ما !ما الأمر ؟
تجاهل فزعها وتقدم نحوها بسرعة والصقها بالحائط
فصرخت به :
-كيف تجرؤ على.
قاطعها محمود مهدداً :اخرسي ،لقد عرفت كل شيء ،وستدفعين ثمن جرائمك ايتها الساحرة الكافرة" .
-كافرة !
خفق قلبها بشدة ولكنها تمالكت نفسها مدافعة :
- ماالذي عرفته ابتعد عني ؟ وكيف تقتحم علي الغرفة هكذا ؟ ان كنت تظن أن عملي عندك يجعلك تتجاوز حدودك فأنت مخطئ.واي جرائم تتكلم عنها ، ماهذا الجنون؟.


*******
دخلت إلى الغرفة وأغلقت الباب ورائها فرأت ياسين يغط بالنوم ..أقبلت وجلست على حافة السرير مسحت على شعره بكل حنية قائلة: لكم اشتقت اليك ياحبيبي. وطبعت قبلة على جبينه ففتح عيناه
وصرخ وكأنه رآى الشيطان وجهاً لوجه.!!!

**
رأيكم يهمني ^ - ^

بين عالمينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن