"أنا بخير كما أنا ." قالت بصوت منخفض ، ولكنها واقعاً أرادت ان تصرخ بها ، وهذا كان كافياً ﻷبيها ليفهم أخيراً ما تريده ويخرج من الغرفة مطرقاً برأسه ، وكأنه يخجل حتى من وجودها .
فور ان خرج اغمضت عينيها لتسمح لدمعة معلقة بالنزول أخيراً .. مسحت عيناها ببطء ووقفت عن السرير ، لتجلس أمام البيانو الصغير الشبيه بألعاب الأطفال .. والذي امتلكته منذ كانت في العاشرة .
لم يكن عزفها بهذه الجودة لكنه كان مقبولاً .. كافياً لها على الأقل لتفكر بشيء آخر ، غير نظرات والدها وعيون الجميع المعلقة عليها طوال الوقت ، وأصوات انتقادهم الرتيبة بداخل رأسها .
لكن لم يكن كافياً هذه المرة .. وعرفت ما تريد فعله .
وقفت بخطوات خفيفة واتجهت للمرآة ، ولو لم يكن جسدها ممتلئا إلى هذا الحد .. ﻷخطأتها للاعبة جمباز .
بنفس الحركات الراقصة ، والتي تناسقت تماما مع ما بداخلها .. امسكت بعلب مساحيق التجميل التي خبأتها في أحد الادراج المغلقة بقفل .
كان ذلك الدرج مغلقاً لتتجنب السخرية ، لماذا قد يشتري شخص بمقدار جمالها المنخفض إلى حد مؤسف هذا الكم من مساحيق التجميل باهظة الثمن ؟ أليست مضيعة للدولارات ؟
فبعد كل شيء ، الحروق على جسدها والباوندات الزائدة لا يمكن اخفاؤها أبداً بهذا الشكل .
جلست امام المرآة الطويلة وبدأت تلون وجهها بالمساحيق ، انتهت وقد زخرفت الحروق التي امتدت من عنقها إلى خدها الايسر .. أجل ، لقد زخرفتها بدلاً من محاولة اخفائها !
ابتسمت لتخرج اسنانها من بين شفتيها المطليتان بالأحمر ، لقد كانت تغسل اسنانها كثيراً .. لكن لونها لم يكن ابيضاً مثل (ابتسامات هوليوود) ، لقد كان لوناً عاجياً طبيعياً جداً .
وبالطبع هذا اللون العاجي سيميل للاصفرار عندما تضع احمر شفاه فاقع إلى هذه الدرجة ، لكنها لا تهتم ! من الطبيعي ان تكون الاسنان عاجية ! ولون أسنانها في الواقع هو اقل مشاكلها .
امسكت بالقلم الاسود تضع اللمسات الاخيرة حول عينيها ، لقد كان اللون الاسود مبالغاً فيه لدرجة انه يكاد يلامس خديها ، لكنه اعجبها على اي حال .. ولا يوجد شخص هنا ليحكم عليها .
وحتى تلك الاصوات دائمة التقريع بداخل رأسها ، لقد خمدت تماماً .. شيء ما اشتعل بداخلها وأضاء المكان ، ما جعل الاصوات التي تسكن الظلام تهرب .
وضعت العدستين الملونتين الرقيقتين في عينيها لتصبحا مائلتين للون بحري ، لطالما تمنت لوناً بحرياً أو ازرق .. او على اقل تقدير عسلي ! لكنها كانت تمتلك عينان بنيتان قاتمتان جداً على عكس والديها واخوتها ذوي العيون الكريستالية الرمادية والخضراء !
YOU ARE READING
The Butterfly Effect
Classics"إن إعصاراً ما حدث في قلب آفرودَيت ، كان سببه رفة من جناح ابولو بمكان بعيد منذ بضعة شهور" - إدوارد لورنز ، بتصرف .