"انتِ تغطينه لأنه جميل جداً ؟" حركت رأسها في ايماءة تقريباً ، كانت تعرف جيداً ان هذا غير صحيح .. وانها تغطيه لأنها تعرف ان السخرية ستنهال عليها فور ان تفارق كلمة (آفرودَيت) شفتيها .. أو ربما حتى قبل هذا .

"إذا ابولو ، هل تعزف ، ترسم ؟" سألته ليبتسم بحالمية .. ويقول مخرجاً الصورة التي في رأسه عن نفسه "أجل ، اعزف على خمس آلات .. واستطيع الرسم والنحت ، لدي يدا فنان ."

الرعشة الخفيفة في يديه اسفل المكتب كانت ترفض جعله يغوص في خياله أكثر ، وكأنها تذكره بمدى كذبه .. ولم يشعر بالذنب ، حتى انه اعتقد أنه لو وُضع على جهاز كشف كذب ، لما استطاع كشفه .. لم يشعر بالذنب مطلقاً عندما يكذب .

تماماً مثلها ، كان يرى نفسه فقط في ابولو .. كان يرى نفسه نحاتاً، رساماً ، عازفاً .. بينما هو لا يستطيع حتى التحكم بيديه ليكتب جملة مفيدة بدون ان يركز عليها لدقائق بعد ان يبتلع اقراص ادوية تؤثر على وعيه لبقية اليوم .

وهي كانت ترى نفسها في آفرودَيت ، لم تستطع رؤية نفسها سوى إلهة للحب والجمال ، ملاك فاتن قد يرتدي أي شيء او حتى تبقى عارية ، وستظل جميلة .. بالرغم ان افتقار ملامحها الواضح للتناسق كان يجعل الجميع ينفرون ، وما يزيد الأمر سوءاً هي آثار الحروق التي تغطي جسدها الممتلئ -أكثر من اللازم- هنا وهناك .

"كيف وصلتِ إلى هنا ؟" سألها باستغراب لتبتسم ، كان يستطيع ان يعرف انها تبتسم بالنظر إلى عينيها اللتان تضيقان ، ولقد حسدها على هذا ! كانت تمتلك تحكماً كاملاً بجسدها ، تستطيع الابتسام في الوقت المناسب ، والعبوس عندما تريد .

"لقد فتحت الموقع ! ماذا عنك ؟ هل سقطت من السماء ؟" 

سألت بسخرية ، ليس هناك طريقة اخرى للدخول إلى اي موقع سوى ان تفتحه ! لهذا تردد درو قليلاً قبل ان يتمتم  "لا ، لقد ظهر فقط على شاشة حاسوبي ."

"حسناً ابولو .. دعني اشرح لك قواعد موقع (تأثير الفراشات.)"

اخذت نفساً عميقاً ، ثم كررت العبارة التي رآها في البداية "أثر الفراشة لا يُرى ."

اومأ برغم انه لم يفهم ، واكملت هي "أثر الفراشة لا يزول ."

هل هذه قواعد حتى ؟ تسائل بداخله في استغراب ، وصمت منتظراً التكملة لكنها قالت ببساطة "اكتشف البقية بنفسك ، سعيدة لرؤيتك .. واتمنى ان اراك لاحقاً ."

كانت ستغلق المحادثه ، لم يعرف كيف ستغلقها بالرغم من انها تحتل شاشة حاسوبه بالكامل بدون علامة (×) واحدة ، لكنها كانت ستغلقها ! والفكرة جعلته يهلع بطريقة ما ، ولقد نسي تماماً بشأن المؤقت اعلى الشاشة .

"مهلاً ، آفرودَيت !"

قبل ان يكمل جملته ، اسودت المحادثة مجدداً .. وعندما نظر إلى المؤقت عرف ان آفرودَيت لم تغلقها .. لقد انتهى وقتهما ببساطة .

"أثر الفراشة لا يزول .."

ظهرت العبارة على شاشة حاسوبه اسفل الفراشة البنية مجدداً ، ثم صغرت الشاشة لتعود إلى طبيعتها .. مع واجهة لموقع يسمى (تأثير الفراشات) فتحه بالخطأ بينما هو يبحث عن الفيلم !

ابتسم بداخله بينما بعثر شعره وعيناه معلقتان على الشاشة ، وظهرت في رأسه تلك الكلمة التي كان يكررها كثيراً بدون ان يفهم من حوله معناها ..

"سرنديبية ."

_______________________________________________________________________________

(أثر الفراشة لا يرى ..  أثر الفراشة لا يزول .) 

عباره من قصيده لمحمود درويش . 

X oxo

The Butterfly Effectحيث تعيش القصص. اكتشف الآن