الفصل السادس | قطرات مطر

194 9 1
                                    


⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صحوت على وقع ضربات قلبي الذي كان يخفق بقوة حتى كاد يسحق اضلعي من الداخل ، انه رأسي اللعين ، لم أحتمل مقاومة الوجع ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
فـ مددت يدي من تحت البطانية للدرج و فتحته مسرعاً ساحباً كيساً بلاستيكياً به أقراص مضادة للصداع و أبتلعتها دون شرب الماء ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
**
لقد إعتاد على هذا الصداع اليومي حتى قبل تلقيه تلك الضربة الصاروخية من قِبل ماري ، كان قد عاد من العيادة في وقت متأخر متسللا.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نهض من على فراشه بعد ان حلق النعاس بعيداً عن عينيه ، غسل وجهه بسرعة .. و غيّر الشاش بـ واحد آخر نظيف ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
غادر غرفته ثم هبط بالدرج للطابق السفلي حيث تجمعت عائلته حول التلفاز "بلازما" يشاهدون فلماً ما ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
فور ان رأوه .. حتى شهقت جوليا برعب و تمتمت قائلة :
_عزيزي , هل آخذك الي طبيب ما ؟!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قال ديفيد بملل و هو يقشر برتقالته بسكين ما :
_لا انا بخير ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_لم اقصدك انت .. كنت اقصد الغبي الآخر ☺
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
كتب شيرو في نوتته و اعطاه لوالده .. كُتب فيها :
"مبارك ابي .. انت الغبي الاول"
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ما انهى ديفيد قراءة النوتة حتى رمى قشرة البرتقال على شيرو الذي اخذ يقهقه و قد شاركته ميناو الضحك بغباء ، قال جين بجمود :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_كما قال والدي ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نهضت جوليا من عند زوجها ناحية جين و اخذت تتفحص وجهه بقلق و هي تقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_مالذي تقوله !؟ انظر لنفسك ؟! سألتك ما الذي اصاب رأسك و لم تُجِب ، هل انت بخير حقا ؟!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قطب ابنها حاجبيه بضيق و قال بضجر :
_اه يا امي ، اذا بقيت تعاملينني على انني مجنون ، لن تري وجهي في هذا المنزل مجددا ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قال ديفيد ببرود :
_خسئت ! إياك و الهرب !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ابعد جين يديّ جوليا عن وجهه و صاح بغضب قائلا :
_افّ اخبرتكم انني بخير ، دعوني شأني .. يه ..!!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_افٌّ عليك ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اخذ صدره يعلو و يهبط من الغضب ، اجفلت جوليا لوهلة ثم قالت بتعجب :
_ماذا !؟ لم اجبرك على الإجابة ، لم يجبرك احد ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بقيت ترمقه هكذا ثم صرخت قائلة :
_انت مجنون مثل ابيك ! و ابوك مجنون مثلك !! اخرج من بيتي !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تأفف جين بقوة و ارتدى سترته مسرعاً و غادر المنزل و هو يلعن و يشتم حظه داخلياً ، أيمكن ! هل اصابته عدوى الحظ السيء من تلك الفتاة !؟

تمتم ديفيد بصدمة قائلا :
_لحظة !! ما دخلي انا !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
اخذ يجول بسيارته في الشوارع بلا وجهة محددة ، ثم غيّر وجهته ناحية العيادة حيث لا احد هناك سواه .. ربما
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
بعد ان وصل .. ركن سيارته الرمادية عند احدى مواقف الحيّ الذي تقطن فيه عيادته .. ، ترجل من سيارته و اغلقها اوتوماتيكياً ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
ثم سار ببطء ناحية العيادة و دلف للداخل ، حيث ساد الهدوء .. و قد اطرب اذنيه صوت زقزقة العصافير الذي يصدر من الخارج بين الـ حين و الاخر ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
الجو بارد ، حيث إرمدت السماء بغيوم ركامية تنبىء بهطول مطر غزير هذا اليوم ، اخذ نفساً عميقاً و زفره لتخرج انفاسه بشكل ضبابي من فمه ، ابتسم باستمتاع و دلف لمكتبه و هو يدندن ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
*
جلس عند مكتبه و امامه الكثير من الملفات ، اذ انه اخرج ملاحظات مرضاه القدامى و اخذ يمزق القديمة منها ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
و اثناء ما هو يمزق ، دخلت ماري و هي تُطل برأسها قائلة بصوت خفيض :
_صباح الخير ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
رد جين التحية دون ان يلتفت :
_صباح النور.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تقدمت ماري ناحية الكرسي الأسود الجلدي الذي يقبع يسار المكتب ، و جلست عليه و اخذت تحرك قدميها للأمام و الخلف بملل ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اطبق عليهما صمتٌ ثقيل ، رفعت ماري رأسها بسرعة حيث سمعت صوت قطرات المطر و هي تصطدم بزجاج النافذة مصدرة صوت رقيقاً عليها.
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نهضت مسرعة ناحية النافذة ، ثم صاحت قائلة بحماس :
_سيد جين ! انظر !!
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
لم يرد .. فقد كان شارداً و هو يحتسي قهوته السوداء ببطء ، عبست ماري بضيق و قالت :
_أما زال رأسك يؤلمك !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
نفى برأسه و تمتم قائلا :
_لا انا فقط ..-
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صمت و لم يكمل ، رمشت عينيها ببلاهة ثم تقدمت و سحبت الكرسي الأسوَد لتصبح بجانبه ، ثم استندت على الطاولة و هي تقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_فقط ماذا !؟ اخبرني ، ألسنا صديقين !؟
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
صوت صرصور الليل ، تنهد جين بإستياء و قال :
_حسنا قبل ثلاثة اشهر من الآن ، توفيت خطيبتي قبل حفل الزفاف بـ يوم واحد فقط ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
عبس بضيق ، بينما قوست ماري فمها بحزن و عيناها البنيتن تلتمعان بتأثر قائلة :
_اه ! انا آسفة سيد جين ، لا بد ان هذا صعب
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
تابع جين و قد تغيرت نبرة صوته للانزعاج و هو يقول :
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
_طبعاً ، و ما يزيد الطين بلة هي عائلتي ، بدأت تعاملني على انني مجنون ، إذ يعتقدون بأنني قد اتسبب في إيذاء جسدي عندما اخلو بنفسي ، حتى ان عملي صار على المحك ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
اختفت ملامحها بصدمة ، قالت ماري باستغراب غبي :
_اي محك !؟ انت طبيب ماهر ..
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀
قهقه جين بسخرية قائلا :

إبقى معي | stayWhere stories live. Discover now