6: الموعد

18.7K 2K 70
                                    

وصف شكل الموعد ف الصورة اللي فوق ♡
__________________________________

هدأت الأوضاع في منزلي قليلاً، ولكني مازلتُ أصرّ على الإنتقال وبدأ حياة جديدة.
بالأمس قمتُ بالإتصال على هيلين لأعتذر منها ولكنها لم تُجيب.. لربما هي تتجاهلني.
ركنتُ سيارتي أمام الشركة ثم دخلت وتوجهت لمكتبي لأجد القهوة في المنتصف مع ورقة صغيرة.
"صباح الخير.
هاري.x"
ابتسمت ثم حملتُ القهوة بين يديّ وارتشفتُ منها.
"كيف كان المنزل؟" سمعتُ صوت هاري من خلفي.
التفتُ له بكُرسييّ الدوار.
كيف يعرف موعد دخولي المكتب وخروجي؟
"كان جيداً، ولكني مازلتُ أبحث لربما أجد أفضل." قلتُ له.
صمتُ قليلاً ثم أضفت قائلة: "شكراً على القهوة."
"لا مُشكلة."قال مبتسماً ثم تقدم وسحب الكرسيّ المقابل كالعادة وجلس.
"صحيح، كيف تدخل دوماً للشركة؟ ألا تحتاج لبطاقة وظيفية؟" سألته وأنا ارتشفُ من القهوة.
"كلا، رجُل الأمن صديقي نوعاً ما." قال بثقة.
ساد الصمت، وبدأتُ أنا أقوم بعملي.
"اخرجي معي." قاطع هاري تركيزي.
صمتُ قليلاً أُفكر بالأمر..
لقد اختفت هلوساتي حالياً، وقد تخطيتُ ماحدث بيني وبين كايل لذا.. ما الضرر في منح هاري فرصة؟
التفتُ لهاري ونظرتُ في ملامح وجهه التي بدت صادقة.
"لقد واجهتُ الكثير من الخيبات في العلاقات العاطفية وإعطائي لكَ فرصة يُعتبر إنجازاً.. لا تخذلني." قلتُ بهدوء.
"لن أفعل." ردّ بجدية.
نهض هاري.
"سآتي لأخذك عند الثامنة." قال مبتسماً وقد انحنى ليطبع قبلة على خدّي.
كان شفتيه باردتان كالثلج. هل التكييفُ عالٍ أم أني لا أشعر؟
هاري لطيف، ولكن عليّ التعرّف عليه أكثر بعد.
بعد إنتهاء عملي عُدت للمنزل ثم قمتُ بتجهيز نفسي وارتداء الثياب المناسبة، ولكن لفتت نظري رائحة عطر رجالية صارخة منتشرة في منزلي.
من أين أتت هذه الرائحة؟ النوافذ مغلقة..
قاطع تفكيري صوت الهاتف، إنه هاري.
"أنا بالخارج." قال وأنا أعلم جيداً بأنه يبتسم.
خطفتُ حقيبتي ونزلتُ السلالم ثم خرجت لأجدهُ ينتظرني في سيارة سوداء، لم أعرف نوعها.. ولكنها تبدو جديدة.
خرج هاري من السيارة عندما رآني أخرجُ من المنزل، ثم فتح لي الباب.
كانت هذه الحركة اللطيفة جديدة بالنسبة لي، فلم يفعل أحدهم لي هذا من قبل.
صعدتُ للسيارة وأنا لا أستطيع التوقف عن الإبتسام لسببٍ ما.
استنشقتُ في سيارته رائحة العطر ذاتها التي استنشقتها في منزلي قبل قليل.
هل هي التصقت بثيابي لهذا أنا لازلتُ اشتمها؟ ربما..
"أين سنذهب؟" سألته.
"أيمكنكِ أن تحزري؟" سألني وهو يقود بخفة.
"مطعم؟" سألته مجدداً.
"كلا." ردّ ببساطة.
"مقهى إذاً؟" سألته وأنا أعبث بأطراف شعري.
"كلا." أجاب.
إذا كان ليس مطعم ولا مقهى فأين يمكن أن يكون؟
"لقد عجزت، أين سنذهب؟" قلتُ مستسلمة.
"لا فائدة من إخبارك لقد وصلنا." قال لي وقد ركن سيارته.
نظرتُ حولي، كُنا خارج المدينة، بعيداً عن الضجة والضوضاء..
كان مكاناً تغلبُ عليه الطبيعة.
"تعاليّ." قال لي وقد أمسك بيدي وقادني نحو خيمة كبيرة منصوبة بحذر وإتقان.
فتح لي هاري مدخل الخيمة لأتفاجأ بمحتواها..
إضاءة خافتة في الزوايا، وأغطية ووسادات، ثم تلفاز محمول صغير، وعدة سلال ممتلئة بالوجبات الخفيفة.
سأكون كاذبة إن قلتُ بأنهُ لم يُفاجئني..
لقد اعتدتُ على قضاء مواعيدي في مطاعم فاخرة ومقاهي عالمية معروفة، لم يجرؤ أحدهم على أخذي لمكانٍ بهذا التواضع وهذا الجمال في الوقت ذاته.
لطالما كنتُ أُخبر هيلين بأني أُفضل قضاء موعدي في مكانٍ مريح نشاهد الأفلام ثم ننام في أذرُع بعضنا لأني لا أتحمل فكرة المطاعم الفاخرة واللباقة وغيره.. أردتُ شخصاً أتصرف معه بحرية.. شخصاً كـ هاري.
قادني للداخل ثم اخترنا أحد الأفلام وقمنا بمشاهدتها.
بصراحة لم أكن مهتمة بالفيلم، لقد أردتُ الحديث مع هاري.. أردت أن اعرفه أكثر.
التفتُ لألقي نظرة عليه ولكني تفاجأتُ برؤيته ينظر لي.
"ألستَ تُشاهد الفيلم؟" سألته مبتسمة.
"كلا، أُفضل مشاهدتك وأنتِ تُشاهدين الفيلم." قال ضاحكاً.
"اطفئه، فلنتحدث." قلتُ له.
بدا متفاجئاً من طلبي ولكنه أطفأ الجهاز ثم سكب لي بعض النبيذ والتفت لي ليناولني الكأس.
"أريد أن نعرف بعضنا أكثر." طلبتُ منه.
"أنا بالفعل أعرفك." قال ببساطة وعلى شفتيه ابتسامة غريبة.
"ماذا تعرفُ عني؟" سألتهُ متحدية.
"أعرفُ أنكِ في السادسة والعشرين، وأنكِ فقدتِ والديكِ في حادث سيارة، وأنكِ تُفضلين الطعام الإيطالي، وتعشقين اللون البنفسجيّ الفاتح.." بدأ يقول وهو يُحدّق في عينيّ ويلفظ كل كلمة بهدوء.
"كيف تعرف كل هذا؟" سألته مستغربة.
"أنا فقط أعرف." قال ببساطة وهو يسكب لنفسهِ كأساً آخر.
"ماذا تعرفُ أيضاً؟" سألتهُ بدافع الفضول فقط.
"أعرفُ أنكِ بدأتِ تميلين لي ولكنك لا تريدين الخوض في علاقة لأني الرجُل العاشر الذي تواعدينه بعد أن قام السابقون بتخييب ظنّك." قال ثم ابتسم ابتسامة رضا وهو يراقب ملامح وجهي كيف تحولت من استغراب لدهشة.
كيف يعرف كُل هذا؟
"أكُنتَ تلاحقني؟" سألته بصدمة.
"تقريباً." قال وقد بدا وكأنهُ يتذكر.
"منذُ متى؟" سألتُه.
"منذُ الحادث." أجاب ببساطة.
بقيتُ صامتة، لا أستطيع تفسير أجوبته.
"ماذا عنك؟ أنا لا أعرفُ شيئاً عنك." قلتُ له لأغيّر الموضوع.
"ماذا تريدين أن تعرفي؟" سألني وقد شبّك ساعديه واسترخى في جلسته.
"عمرك، عائلتك، وظيفتك وموطنك.. اشياء كهذه." قلتُ له.
"وكم أبدو لكِ في العمر؟" سألني.
"تبدو في العشرينات، السابعة والعشرون أو في مثل عمري." قلتُ له مخمنة.
"حسناً إذاً لطالما أبدو لكِ في السابعة والعشرون إذاً أنا في السابعة والعشرون." قال مبتسماً.
"لا، أخبرني جدياً." قلتُ له.
"في السابعة والعشرون." عاد يقول ضاحكاً.
"حسناً إذاً ماذا عن عائلتك، ووظيفتك؟" سألته.
"لقد.. تركتُ عائلتي." قال وقد أنزلَ رأسهُ للأسفل.
"أتمانع إذا سألت عمّا حدث؟" سألته بلطف.
"لقد ارتكبتُ خطيئة لا تُغتفر." اعترف وهو لا يزال ينظر للأرض بدلاً من وجهي.
أردتُ سؤاله عن التفاصيل ولكنهُ بدا منزعجاً لذا لم أفعل.
وبما أنهُ قام بمصارحتي بأحد أسراره لذا سأصارحهُ بسرّي.
"أرأيت الحادث ذلك اليوم؟" سألته بعد صمت.
"بعد حدوثه." أجابني.
"لقد تمّ انقاذي يومها بطريقةٍ ما، وأظنُ أن من أنقذني ليس إنساناً، لأنهُ يلاحقني في منزلي كالأشباح." قلتُ له وقد توقعتُ بأن يضحك ولكنه لم يفعل.
"أيضايقكِ الأمر؟" سأل وقد بدا قلقاً.
"أجل، إنهُ يُرعبني للغاية، لذا أنا كنتُ أُفكر في شراء منزل جديد." صارحته.
صمتَ هاري وقد بدا ضائعاً بتفكيره.
"ألا تظنني مجنونة؟" سألته ضاحكة.
"كلاّ." ردّ ببساطة.
انتهى بنا المطاف أنا وهاري نتحدث عن كلّ شيء حتى بزغ الفجر.
وسأكون كاذبة إن قلتُ بأني لا أستلطفُ هاري أكثر من ذي قبل.



خطيئة | h.sWhere stories live. Discover now