5 : تهيؤات

16.8K 2K 74
                                    

استيقظتُ في سيارتي، لشدة خوفي ليلة أمس خلدتُ للنوم في سيارتي.
من الجيد أن عُطلتي انتهت وسأعود للعمل اليوم حتى لا أقضي اليوم كله فب هذا المنزل، عليّ البحث عن منزلٍ جديد فأنا لا أستطيع النوم في سيارتي كُل يوم.
دخلتُ لمنزلي سريعاً وارتديتُ ثيابي على عجل ثم سحبتُ حقيبة مساحيق التجميل وحملتها وخرجت.
وضعتُ مساحيق التجميل في مرآة السيارة ثم أدرت المُحرك وتوجهتُ نحو مبنى 'كوزموبوليتان' الذي أعملُ فيه ككاتبة لعمود 'خرابيش' وفي كُل يوم أكتبُ فيه عن شيءٍ ما لفتني.
وصلتُ للمبنى وجلستُ فوق مكتبي ثم وضعتُ رأسي بين كفيّ.
لم أكن يوماً سعيدة جداً بإنتهاء العطلة كما أنا اليوم.
"قهوة؟" سأل أحدهم، بدا صوتهُ مألوفاً.
رفعتُ رأسي، لأجد رجُلاً ضخم البُنية وطويل القامة، ذو شعرٍ متوسط الطول، بني اللون، وابتسامة لطيفة وغمازة على خدّه الأيسر.
بطريقةٍ ما.. بدا مألوفاً.
"لا شكراً.." قلتُ بهدوء.
"متأكدة؟ تبدين شاحبة." قال لي وقد دفع بالفنجان الذي يحملهُ نحوي.
"حسناً، شكراً." قلتُ له وسحبتُ الفنجان من يده لأُنهي الموضوع ولكنه لم يرحل بل سحب كُرسيّ المكتب الذي بجانبي وجلس.
"أنا هاري." مدّ يده ليصافحني.
"إيڤيان." قلتُ له وقد صافحتهُ بالمقابل.
أنا حقاً لستُ في المزاج لفتح الحوارات مع أحدهم.
"اسمٌ لطيف، وماذا تعملين يا إيڤ؟" سأل وهو ينظر لي كالجرو.
"أنا كاتبة، ماذا عنك؟" أجبته وقد التفتُ لجهاز الحاسوب خاصتي وبدأُ في البحث عن منازل للبيع.
"في أي عمود؟ أم لديكِ صفحة خاصة؟" سألني وقد تجاهل سؤالي عن وظيفته.
"في عمود خرابيش، ماذا عنك؟" سألتُ مجدداً.
"وعمّا تكتبين؟" سأل وقد تجاهل سؤالي عن وظيفته مجدداً.
"ماذا تعمل أنت؟" سألتهُ بخشونه وقد تجاهلتُ سؤاله.
"أنا؟.. آمم.. أنا مُدقق." أجاب بتردد.
ماخطبه؟
"ألا يُفترض أن تكون في المبنى الآخر؟" سألته، فعلى حد علمي بأنهم قاموا بنقل المدققين لمبنى جديد.
"أجل صحيح.. ولكن تعطّلت آلة القهوة هُناك لذا أخذتها من هُنا." أجاب مبتسماً.
صمت، ولم أُبدي أيّ ردّة فعل وأكملتُ بحثي عن المنازل.
"ماذا تفعلين؟" سأل وقد أمال رأسهُ لينظر لشاشة حاسوبي.
"أتصفح الإنترنت." أجبتُ ببرود، أكره المتطفلين.
"منازل للبيع؟ أستنتقلين؟" سألني بإندهاش.
ماخطبه؟ أأنا أول بشريّ ينتقل من منزله على وجه الأرض؟
"وماشأنك أنت؟ ألا تملك عملاً لتحشرَ أنفك فيه بدلاً من شؤوني؟" أجبتهُ بنفاذ صبر، لم أعد أحتمل.
نهض هاري من الكُرسي وقد بدا متألماً من كلامي ورحل دون كلمة.
أعلمُ أني قسوت عليه ولكنهُ قام بإستفزازي في الوقت الخطأ.
قمتُ بنسيان ماحدث، وقد سكبتُ كامل تركيزي على المنزل الذي سأقوم بشراءه.
وجدتُ منزلاً جيداً وسأقوم برؤيته بعد العمل.
أغلقتُ الحاسوب وعُدت للعمل على عمودي الممل في المجلة.. عمودي الذي لا يقرأه سوى كبار السّن.
بعد إنتهاء عملي خرجتُ من المكتب وألقيتُ بفنجان القهوة الورقيّ الذي لم أشرب منه شيئاً في سلّة النفايات.
خطر هاري في ذهني للحظة، وشعرتُ بالذنب لقسوتي عليه.
توجهتُ للمبنى الجديد ودخلتُ لموظفة الإستقبال.
"مرحباً كيف أُساعدك؟" سألتني مبتسمة.
أريتها بطاقتي الوظيفية.
"أنا أبحثُ عن مُدققٍ يعملُ هنا يُدعى هاري." قلتُ لها.
"مهلاً." قالت لي بلطف ثم بدأت تنقر فوق أزرار الحاسوب.
"آسفة، لا يوجد شخصٌ بهذا الإسم." قال لي متأسفة.
ماذا؟ ولكن إن كان لا يعمل في 'كوزموبوليتان' هذا يعني بأنه لا يمكنه دخول المبنى بدون بطاقة وظيفية.
لربما هو يملكُ إسماً آخر ولكن إختصارهُ 'هاري'..
على أي حال لقد أردتُ الإعتذار له ولكني لم أجده وهذه ليست مشكلتي فلديّ مايكفيني.
خرجتُ من المبنى لأجد هاري يرتكزُ على سيارتي.
كيفَ عرف أن هذه سيارتي؟
"هاري، اسمع، اعتذر لم أقصد.." بدأتُ أقول له.
"إيڤ، لا مشكلة." قاطعني.
"لَم كذبت؟" سألته.
"بشأن ماذا؟" سألني مستغرباً.
"بشأن كونك مدققاً. لقد ذهبتُ لأعتذر ولكني لم أجد موظفاً باسمك." أجبته منفعلة وقد وضعتُ حقيبتي جانباً لأقوم بترتيب شعري.
"لقد كذبت، آسف، ولكني أردتُ التقرّب منكِ، أتواعدينني؟" سأل.
أهو جاد؟
"هاري أنا آسفة ولكني أمرّ بالكثير حالياً ولا أعلم إن كنتُ مستعدة للخوض في علاقة." أجبته بأسف ثم دخلتُ لسيارتي ورحلت.
دخلتُ للمنزل ثم توجهت لغرفتي حتى أقوم بتبديل ثيابي حتى أذهب لرؤية المنزل الذي أريد شراءه.
سمعتُ صوت تحرّكات قادمة من غرفة المعيشة.
خرجتُ من غرفتي بهدوء ودخلتُ لغرفة المعيشة، لم أجد شيئاً فبدأتُ أتفحص الغرفة بهدوء.
فجأة شعرتُ بيدين على خصري.
صرخت ثم التفتُ سريعاً لأجد هاري.
"هاري؟!" سألتهُ مندهشة.
"يا إلهي إهدئي." قال ضاحكاً.
"ما الذي تفعلهُ هنا وكيف دخلت؟" سألتهُ بفزع.
"لقد نسيتِ حقيبتك عندما قمتِ بترتيب شعركِ ونحن نتحدث، فلحقتُ بكِ وطرقتُ الباب ولكني وجدتهُ مفتوحاً." قال ببساطة.
ولكني متأكدة بأني أغلقتُ الباب.
"متأكدة بأني أغلقته." همست.
"تهيؤات، عزيزتي." قال مبتسماً وهو يناولني الحقيبة.
"شكراً." قلتُ بهدوء وشاهدته يرحل وتأكدتُ من إغلاقي الباب جيداً.

خطيئة | h.sWhere stories live. Discover now