الفصل السابع والعشرون

264 12 5
                                    

(( أشلاء القلوب ))

_ الفصل السابع والعشرون _

هنا فتحت عيناها بدهشة عندما أدركت الوضع وأتضح صوته لها أكثر ؛ وابتعدت عنه فورًا وهي تصيح منفعلة :
_ إنت بتعمل إيه جمبي !؟

اقترب منها مجددًا ووضع يد بجانب رأسها من اليسار واليد الأخرى من اليمين وهو شبه فوقها ويهمس بمكر :
_ بقفلك الشباك عشان تعرفي تنامي !

أحست برعشة سرت في أنحاء جسدها ومنعتها حتى عن التحرك ، وقد أسعفت الكلمات من فمها بصعوبة وتهتف بتحذير :
_ أبعد يا أُسيد عني

_ لا

كانت أجابته مباشرة تدل على رفضه القاطع فأكملت بصوت أكثر ارتباكًا :
_ قولتلك أبعد ! ، أصلًا أنا وإنت مفيش كلام ما بينا

قال بوجه مبتسم :
_ بس بالنسبالي في  كلام كتير .. في إنك قاسية ومنشفة ريقي من إمبارح بسبب اللي حصل وحاولت مليون مرة أصالحك مفيش فايدة ، طاب بزمتك أنا قاسي كدا معاكي ده حتى إنتي دايما بتغلطي ومش بقدر أخليكي زعلانة مني وبروح أنا اللي أصالحك بالرغم من إن إنتي اللي المفروض تعملي كدا

_ أنا بغلط في حجات بسيطة ، لكن غلطتك إنت مش صغيرة ومش حاجة هينة عشان أسامحك عليها بمجرد ما تقولي أنا آسف

قالت بعبوس بسيط في حنو :
_ طيب قوليلي إنتي أعمل إيه عشان أخليكي تسامحيني وأنا هعمله علطول ؟

أكملت قسوتها بدون رحمة وهي تهتف بحدة :
_ عايزاك تبعد عني خالص والكلام بينا هيبقى بحدود يعني كأننا أغراب ويا إما إنت تروح تنام في أوضة تاني يا إما أنا أروح

طالعها بأعين شبه غاضبة ومنزعجة ، من كلماتها التي أثارت جنونه .. فهو يعرف جيدًا أنه يستحق عقابها وأنه أذنب في حقها ، ولكن كان ينتظر أن يرى الشفقة والرحمة في عيناها .. أن يرى ذلك الملاك الذي رآه أول مرة .. وأن يشعر بأنها تشعر بألمه وتقدر موقفه ، فهذه هي المرة الأولى له الذي شك بها وأهان كرامتها وكانت ناتجة عن حماقة منه ، وقد أقسم على عدم تكرارها .. ألا يحق له أن تلتمس له العذر وتسامحه .
فهي إن دخلت وفتشت في قلبه ستراه متهالكًا وضعيفًا ، يحارب كل الظروف التي تصر على إيقافه عن العمل وجعله جثة هامدة مكانها بين التراب !  . فإن كانت هي حزينة على فقدانها لطفلها فهو الأسى مزقه لأشلاء ومع ذلك يحاول الظهور أمام الجميع بالمظهر القوي والثابت ، فقد كان ذلك الطفل سيعيد لقلبه المتهالك نشاطه وحيويته ، ولكن هي فضلت أن تكون مرض خبيث يزيد من تهالك قلبه وتصر كالظروف على القضاء عليه .
ابتعد عنها بوجه جامد وغاضب لينهض من الفراش تمامًا ويتجه نحو خزانته وهو يقول بصرامة :
_ اللي حصل إمبارح ده حصل إزاي ؟!

اعتدلت في جلستها ونزلت من الفراش لتقترب منه وتقول ساخرة :
_ أسأل ليلى هانم حصل إزاي وهي هتقولك !

رواية أشلاء القلوب Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora