-الفصل العاشر: نُكران-

28 3 2
                                    


⋆˖⁺‧₊☽◯☾₊‧⁺˖⋆

إنها العتمة، تضمه من كل صوب وتلحفه ببرودتها التي ترجف صلبه حيثما كان. كل الجدران معتمة، كل الأعين مضوية عدا عيناه، كل الناس أحياء عداه. كل الأرواح تنجو.. كل الأرواح إلاه.

كم مضى منذ أن ألقي في هذه الغرفة المعتمة؟ منذ متى هو يرتجف وحده بين نفثات الرعب التي يصدرها صمت الأركان؟

حاول أن يصم الهدوء بكفيه، حاول أن يضغطهما على أذنيه كي لا يضيع في هذا الصمت لكنه غرق بين أمواجه المتلاطمة حين فعل.

لا شيء ينير بصيرته في هذه الغرفة المظلمة، لا شيء يسكن رجفته ولا شيء يضم يداه المهتزتان على أذنيه.

لا كف يمسح دموعه الدافئة التي خالفت الصقيع المخيم على الأرجاء ولا يوجد صوت يآنس وحشته.

"أرجوك.. أرجوك.."

تمتمها بتكرار وتوسل طوال الليل، منذ أن غربت الشمس وحتى الفجر حين أخذ ضوءه يرسم تفاصيل الغرفة لعينيه الباكيتان.

حتى سمع صوت وقع الخطى وتراجع عن الباب أخيرا لإيقانه أنه الشخص المرغوب. الشخص الذي ناجاه طوال الليل لينجده من ظلمة هذه الغرفة.

"أبي.."

ناداه بوهن فور أن أبصره وانتقلت عيناه عنه إلى والدته التي تحمل دلوا وممسحة.

"تعال"

نهض من فوره يتقدم إليه، أطاع وخضع ووقف أمامه مخفضا رأسه وضاما قدميه بعينيه فيما دار الحديث بين والديه.

"نظفي هذا المكان حتى أعود به، يبدو أنه سيطيل البقاء"

انقبض قلبه مما سمع، نظر لوالده بهلع ونفى راجيا قبل أن يتشتت حين استدار والده ومشى في الرواق الأيسر المؤدي إلى مكتبه.

انفتح الباب، دخل لوهان المكتب يمشي على أثر أبيه قبل أن توقفه قدماه في وسط الغرفة على السجاد الدافئ الذي كان على نقيض الأرضية الباردة هناك.

ظل يمسح بكفيه على بعضهما، ينظر إلى أبيه بوجل وعيناه تترقبان أي فعل حانق منه.

"اجث على ركبتيك"

تلقى الأمر وقبل أن يتمكن من استيعابه هو وجد نفسه جاثيا يترقب. ينصت لأي أمر آت كي ينفذه ولا يبدو ذاك العاصي بعيني أبيه.

كي لا تضطر والدته لتنظيف تلك الغرفة أبدا، كي لا يبقى هناك مجددا.

لكنها لم تنل أمرا واضحا بأن لا تفعل، لذا بقي صوت احتكاك الممسحة بالأرض هو كل ما يشغل صمت المكان. كل ما يملأ هذا السكون.

 TAKE ME HOME Donde viven las historias. Descúbrelo ahora