(٣٢) العيد الوطني

ابدأ من البداية
                                    

كان ما يزال مأسورًا في تلك اللحظة التي سمع بها صوت ذلك الرجل ينطق تلك الكلمات .

ودون أن يشعر وجد نفسه يتوقف في الحديقة التي كان يقابلها فيها يحرك عيونه في المكان بحثًا عن طيفها القديم، طيف تلك الشرسة التي رآها هنا منذ أشهر تتحرك بكل قوة، والتي استمرت على مدار الأيام السابقة في تحديه بشجاعة أعجبته وبشدة ..

أين هي الآن من تلك الصورة التي اقتحمت عقله لفتاة تربت وترعرعت بين فئة لا يستحسن أن يمسهم نعاله...

مسح وجهه يدفن وجهه بين قدمية بعدما ارتكن لإحدى الأشجار يهتف بينه وبين نفسه بكلمات خرجت منه يائسة :

" ربما اخطأت الفهم، ربما ...هي ...ليست مثلهم، تلك الفتاة التي ..التي علمتها منذ اشهر ليست مثلهم، ولا يمكن أن تكون بمثل تلك الخسة والوضاعة التي يسبح بها هؤلاء الأشخاص القذرين"

انتفض جسده بأمل كبير وقد انتعش داخل صدره شعور أنه ربما أخطأ الفهم، هو سيذهب لها ويعلم منها ما حدث وما يقصد، لن يتركها هذه المرة إلا بعدما تخبره كل ما يتعلق بها وبماضيها ....

وعندها هي ..
وبعد انهيار لحظات وسماعها لأصوات الضحكات الخاصة برجال شقيقها :

" يبدو أنني زدت الأمور سوءًا زمرد صحيح ؟؟"

تحدث آخر بسخرية لاذعة :

" ألم يكن ذلك الرجل يعلم حقيقتك القذرة زمرد ؟! هل أتوهم أم أنكِ بتِ تخجلين من حقيقتك ؟!"

ضحك الاول بصوت أكثر ارتفاعًا وهو يجيب :

" ومنذ متى افتخرت تلك الناكرة للجميل بنا يا صديقي ؟! لكن انظر اليها الأن ؟؟ خسرت كل شيء، خسرت صفنا وصفهم وأضحت منبوذة حقًا ليس اسمًا فقط "

نهضت زمرد  ببطء تحاول أن تتماسك لتغادر ذلك المكان، لكن وقبل تحركها ازدادت الضحكات بشكل جعل عقال صبرها يفلت من بين أناملها لتنقض على القضبان تخرج الخنجر الخاص بها تمسك ثياب الرجل تمنعه من الإبتعاد عن القضبان، تغرز خنجرها في معدته تضغط على أسنانها بقوة هامسة بصوت مرعب :

" ربما انحدر منكم بالفعل، لكنني يومًا لن أصبح مثلكم أبدًا مهما وصلت بوضاعتي وحقارتي، فما لكم من منافس يا رجال .."

ختمت حديثها تسحب خنجرها من معدته تسلب من فمه صرخات هزت جدران السجن، ثم دفعته بقوة ترمي الباقيين بنظرات مرعبة، ومن بعدها تحركت ركضًا خارج المكان .

وقبل أن تنهي السلم، ابصرته يقف على بدايته وهو ينظر لها بصدمة، بينما هي ابتسمت بسمة صغيرة موجوعة له وقد أدركت أنه رأى ما فعلت منذ ثواني :

" أمل أن يكون ذلك العرض اعجبك سيدي القائد، عرض مبتذل لشجار بعض المنبوذين بين بعضهم البعض "

صمتت ثم رفعت عيونها له تقول بعدم اهتمام ظاهري :

" على كلٍ لقد انتهيت مما جئت لأجله بالفعل، والآن اعذرني عليّ الرحيل من هنا قبل عودة الجنود لئلا ينتهي بي الأمر في أحد سجون المملكة مع باقي قبيلتي وقومي  ."

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن