(١٩) فتنـة وصفعـة

ابدأ من البداية
                                    

أضحى الآن يتمنى أن يكون لقاؤها مجرد حلم، أن يكون ما فهمه في هذه اللحظة سوء فهم، أي شيء غير حقيقة بقائها كل هذا الوقت بعيدًا عنه بإرادتها .

بيرلي لن تفعل به هذا، لن تقبل أن تراه كل هذه السنوات وتتركه .

خرج صوته ميتًا دون شعور منه :

" أنتِ ..أنتِ لم تفعلي هذا بي، لم تعذبيني بهذه الطريقة برلنت صحيح ؟؟ أنتِ لم تتعمدي الابتعاد عني بهذا الشكل، أنتِ ..أنتِ لا تعرفين من أنا صحيح ؟؟"

عند هذه الفكرة أبتسم بأمل ينحني ارضًا يجلس على ركبتيه ينظر لها بأمل واعين لامعة موجوعة يتحدث بتعب :

" أنتِ لم تتعرفي عليّ وهذا سبب ابتعادك عني صحيح ؟؟ أنتِ لم تعلمي هويتي الحقيقية، أنا... أنا تميم، تميم رفيقك وصديقك و...وزوجك بيرلي "

صمت ثم قال بأمل يسألها أن تؤكده :

" لا يعقل أنكِ عرفتني وتجاهلتني كل ذلك الوقت، صحيح صغيرتي ؟!"

جرحتها نبرته واشعرتها في لحظات بالموت يسري بين عروقها، بكت تقول بصوت موجوع :

" لقد هددتني بـ... "

صرخ في وجهها بجنون وقد انتفض جسده وفاض صبره من كل ذلك، لا يعقل أن كلمات نطقها في لحظة انفعال تسبب له جحيم أربعة عشر عامًا  :

" كنت كاذبًا، كنت غبيًا، كيف لكِ أن تصدقي لحظة أنني بهذا التجبر الذي يدفعني صوب قتلك يا غبية ؟!"

اقترب منها وهو يضرب جانب رأسها باصبعين في خفة وخوف أن يؤذها حتى في أقصى حالاته انفعالًا يهدر فيها بقهر شديد  :

" منذ متى وأنا بهذه القسوة التي تدفعني لقتل أحدهم دون ذنب؟؟ ماذا إن كان أحدهم هذا يعني لي حياتي بيرلي ؟؟ كيف ...كيف اضعتي مني كل تلك السنوات بعيدًا عنكِ ؟! لقد كدت أُصاب بالجنون وأنا أبحث عنكِ في كل مكان يا امرأة "

ختم حديثه يشعر بالوجع هامسًا من بين أنفاسه الثائرة ووجهه يحكي لها معاناة خالصة له :

" حرامٌ عليكٍ برلنت، حرامٌ عليكِ "

بكت برلنت بقوة وهي تدفن وجهها بين كفيها تحاول الحديث، لكن وكيف تفعل وحتى التنفس كان صعبًا عليها لشدة بكائها، حالة تنتابها حين يشتد بها البكاء ويتحكم بها الحزن .

" عشت أربعة عشر عامًا من العذاب، أقتل نفسي يوميًا، أرفض الشعور بفرحة صغيرة مخافة أن اكسر عقابي لنفسي، يالله حرمت على قلبي الفرحة دونك برلنت، ما الذي فعلتيه بيرلي ؟؟"

ازدادت أصوات بكاء برلنت، وحاولت أن تشهق من بين بكائها، وصَعُب عليها التنفس لتنهار ارضًا تشير له في محاولة بائسة للدفاع عن نفسها .

تحرك لها تميم بسرعة ورعب وهو يضم وجهها بين كفيه يقول بلهفة كبيرة وكأن الصغيرة بيرلي عادت مجددًا له تبكيه قسوة والدها أو صراخ والدتها، أسرع يبعد لثامها عن وجهها ونسى في ثواني قليلة كامل غضبه :

مملكة سفيد " أول الآثمين"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن