الفصل الأخير

ابدأ من البداية
                                    

اشتعلت أعينها ورمقته بإذدراء من استفزازه، ظلت تطالعه بصمت ثم
مطت شفتيها وابتسامة مستفزة تجلت بملامحها قائلة:
-أي أوامر تانية حضرتك..قالتها وهبطت من فوق فراشها تجذب مأزرها ...تتحرك بخطى سلحفية، وعيناه الثاقبة تخترقها، جذبها بقوة حتى حاصرها بين ذراعيه
-مش عجبك كلام حبيبك يالولة، ارتجف جسدها بين ذراعيه فتحدثت بتقطع
-راكان إبعد لو سمحت..انحنى يضع رأسه بحنايا عنقها
-لو زعلانة على اللي حصل الصبح فدا غصب عني، رفع رأسه يطالعها بإشتياق
ملس وجنتيها بأنامله، أحس بقبضة تعتصره عندما تذكر اختفائها، رفع ذقنها وبنظرات تخصها وحدها:
-لو تعرفي إحساسي وقت ماعرفت إنك بين أمجد ايه كنتي عزرتيني، احتضن وجنتيها بين راحتيه ونظر إليها بأعين تفيض عشقًا واردف بنبرة شجية متألمة:
-كأن حد مسك جمرة وحطها جوا قلبي، كنت حاسس بنار لو طلعت مني كانت حرقت الكون كله، كل مااتخيل بس إنك بين ايد واحد حقير زي أمجد
حد خنقني بجنزير من نيران، عقلي واقف وقلبي نار بتغلي، كنت عامل زي اللي غرق ومستني روحه تطلع لبارئها
وضع جبينه فوق خاصتها وشدد من إحتضانها وبأنفاسًا حارقة ..وآآه خرجت من جوفه بنيران لفحت وجهها وهو يتخيلها بين أمجد
أطبق على جفنيه وهتف
-العجز صعب، لا مش صعب مؤلم لدرجة تتمني الموت ومتعرفيش توصليله
رفعت كفيها على وجنتيه واغمضت عيناها تستلهم من وجوده بجوارها أمانا لها أنه واقيها الحامي، احتضنته تسحب رائحته لراحة رئتيها وهتفت بنبرة متأسفة:
-آسفة مكنش قصدي، انا كل اللي فكرت فيه زين وبس
ضغط على خصرها بقوة آلامتها
-وأنا فين، فين من حياتك ياليلى، من أول مقابلة لينا ودايمًا شايفني آخر واحد تلجأيله
وقف مشدوها يتمزق بين ضعف قلبه وقلة حياته فعشقها أصاب القلب بداء الضعف

أسفك هيعملي ايه لو عمل فيكي حاجة، لمس كرزيتها وهتف بحزن
-لمس حاجة تخصني صح، لمسها ياليلى..انسابت عبراتها تهز رأسها بعنف
-مخلتوش يقرب مني صدقني، حافظت على نفسي بكل عزيمة، لو كان قرب كنت موت نفسي وأكيد أنت متأكد من دا
رفعت نفسها واحتضنت خاصته قائلة من بين قبلاتها
-مصدقني صح، اوعى بعدك عني بالطريقة الموجعة دي علشان كدا ياراكان
انسابت عبراتها بغزارة، تحتضن وجهه
-لو علشان كدا يبقى أذتني أكبر أذى، لأن مراتك مش ضعيفة ابدا علشان تخلي حد ياخد حاجة مني تخصك لوحدك
بتر حديثها بقبلة جموحة أطاحت بكل تهديداته وعقوبته، قبلة يعاقب بها نفسه ويعاقبها على أذية روحها، استمرت قبلاته حتى فقد سيطرته وتحكم سلطان قلبه به ولكن اخرجة من نشوة عشقه طرقات على غرفته
تراجع للخلف محاولا السيطرة على اتزانه ولا يختلف الأمر لديها، فجلست عندما خانتها سيقانها ..اهتز صوتها تجيب
-أيوة..تحدثت داليا من خلف الباب
-مدام ليلى آسفة، لكن زين صحي وعايز حضرتك
جذبت مأزرها ترتديه وعيناها تحاوطه، تمدد على الفراش واتجه ببصره إليها
-متتأخريش، وبعدين زين متعود يصحى ويبقى عايزك كدا، عقدت رباط مأزرها تطالعه بغضب فلقد تحولت عن من ماكانت عليه منذ قليل واقتربت منه تنذر بعاصفة هوجاء قائلة:
-أنا مبقتش عايزة داليا ياراكان، ومن بكرة البنت دي تطلع من البيت، وقبل ماتتكلم وتقولي بتقطعي رزقها ، شوفلها شغل تاني بعيد عني وعنك ودا آخر كلام
عيناه كانت تتجول على جسدها الذي ظهر من فتحة مأزرها وكأنها لم تقول شيئا
لكمته بصدره وصاحت بغضب:
-مبتردش ليه، بقولك البت دي عايزاها تمشي، نظرت للذي ينظر إليه
رفعت كفيها تغلق مأزرها جيدًا ، وبدأت تسبه
-مستفز وبارد وقليل ادب كمان
تمدد ينظر لسقف الغرفة
-قدامك عشر دقائق والاقيكي هنا..رفعت حاجبها ساخرها
-الأمر والطاعة سيدي الملك، قالتها وتحركت من أمامه سريعا تسبه بسرها، خرجت متجهة إلى غرفة ابنها وجدت داليا تحمله وتحاول تهدئته
-ماله زين ماهو كل يوم بينما اشمعنى النهاردة، قالتها بنظرة ساخطة
هزت أكتافها قائلة:
-معرفش يامدام، كنت نايمة فجأة لقيته صحي وبعيط..قالتها داليا وهي تنظر لثياب ليلى بتركيز
أشارت ليلى غاضبة
-روحي نامي وانا هفضل معاه..خطت إليها خطوة وهتفت
-لأ ..هبات معاه، ممكن تكوني مشغولة ولا حاجة، رمقتها بنظرة اخرصتها فتحركت للخارج
حملت ابنها ثم قامت بإرضاعه، تمسد على خصلاته ، سبت داليا قائلة:
-الحيوانة مفكرة مش واخدة بالي منها، وعينها اللي عايزة اقلعها من وجهها دي على المحروس جوزي..تذكرت شيئا فابتسمت بغرور وهمست لنفسها
-طيب ياراكان لو مخلتكش تلف حوالين نفسك مش يبقى ليلى البنداري، افلتت ضحكة وهي تنظر إلى ابنها
-بابا بيقول متقوليش كدا، اسمها ليلى راكان البنداري، بيحسسني هيزيد بالاسم بتاعه، انحنت تطبع قبلة على جبينه
-شبه باباك اوي حبيبي، بس إياك تطلع عينك زايغة على البنات..لمعت عيناها وهي تضمه لصدرها
-حبيبي البنات لازم اللي تجري وراه، نهضت تضعه على فراشه وظلت بجواره تحملق النظر به، ملست بأناملها على ملامح وجهه
-قمري وحبيبي ربنا يخليكوا ليا، طبعت قبلة على وجنتيه ثم اتجهت إلى غرفة أمير، قامت بدثره جيدا بغطائه الخفيف، ثم قامت بخفض درجة المكيف
جلست بجواره لبعض الوقت تمسد على خصلاته، تتذكر حزنه اليوم
-اميري نور عيني عارفة انا قصرت معاك الفترة اللي فاتت بس وعد حبيبي بعد كدا مش هبعدك عن حضني، ومش هسمع كلام بابي ابدا..تسطحت بجواره بعدما ألقت نظرة على ابنتها وتمددت بجواره تحاوطه بذراعها حتى غفت بجواره
بعد فترة شعرت بيد تهزها بخفة، فتحت عيناها وجدته معذب قلبها، جمعت خصلاتها ثم نهضت خلفه بعد خروجه
توجهت إلى غرفتهما وجدته يقف بالشرفة يشعل سيجاره، محاولا السيطرة على إنفعالاته
توقفت خلفه متسائلة:
-الساعة كام دلوقتي، أجابها وهويواليها ظهره
-باقي ساعة على الفجر، غيري هدومك وانزلي ماما كانت بتسأل عليكي
اتجهت لخزانتها بعدما علمت بغضبه من نبرة صوته، ولكنها توقفت عندما هتف بنبرة لا تقبل النقاش
-بعد كدا اشوفك برة الأوضة باللبس دا هولع في قمصانك كلها، استدار وغرز عيناه بسواد ليلها مقتربا منها ونظراته النارية تحرقها
-ازاي تنامي جنب ابنك بلبسك دا، اتجننتي افرض الولد صحي وشافك كدا
ضيقت عيناها غير مستوعبة حديثه، ثم تسائلت
-مش فاهمة هبل الكلام بتاعك، دا ابني وكمان طفل
وصل إليها بخطوة يجز على أسنانه ويتحدث بغضب جحيمي
-اتجننتي ابن ايه اللي بتقولي عليه، ماانا عارف أنه ابنك، ولا المتخلفة مش ملاحظة أن الولد داخل في عشر سنين وبدأ عقله يستوعب كل حاجة يشوفها
جذب حمالة قميصها حتى أصبحت بقبضته ونيران تخرج من عينيه
-مش شايفة دا ، ايه يامدام ، عقلك كان فين وانت نايمة جنب الولد وجسمك مكشوف بالطريقة دي
أشار على صدرها الذي يظهر بطريقة ملفتة
-دا كمان مش باين، جز على أسنانه يضغط على خصرها ويتحدث بفحيح
-متخلنيش اتغابى عليكي ياليلى، الولد في سن فاهم كل حاجة، ومتخليش عقله يجمع حاجة
ذُهلت من حديثه فهتفت غاضبة:
-راكان اتجننت انت غيران من الولد، نزع كفيه من بين يديها وصاح غاضبا
-ايه الهبل اللي بتقوليه دا، مش معقولة تكوني بلا عقل لدرجادي، انا بقولك الولد عقله بقى يسجل الحاجات دلوقتي وبدأ يستوعب، احنا في زمن الالكترونيات يامدام، لازم تحسبي كل حاجة قبل ماتعمليها وخاصة الولاد، اتعاملي مع الولاد بحذر ياليلى علشان مزعلكيش
انحنى يرمقها وكأنه تحول لشخص غير الذي كانت بأحضانه منذ فترة
-دلعك للولد هيضيعه، دا ولد لازم يعتمد على نفسه، لازم يتحمل الغلط علشان ميعملوش تاني
أشار بسبباته وتحدث محذرا دون نقاش
-ممنوع تدخلي مع الولد وهو بياخد شاور، ممنوع تغيري لكوكي قدامه، وممنوع كوكي كمان تدخل اوضته دون استئذان وهو كمان..مش هتكلم في الموضوع دا تاني، إياكي اشوفك تدخلي على الولد وهو بياخد شاور ياليلى، خلي الولد يطلع راجل مش نايتي ، نفث نيران غضبه منها مع أنفاس سجائره 
أغمضت عيناها بقهر ثم تحدثت بنبرة حزينة
-عايز تمنعني اساعد ابني ياراكان ..ركل المقعد واتجه يقبض على كتفها بعنف
-هو إنتِ ليه غبية ياليلى، ماشاء الله واحدة ماسكة إمبراطورية زي شركات البنداري وناجحة جدا فيها، ليه غبية في حياتها الشخصية، وضع إصبعه على رأسها يلكزها به
-دي تشتغل في حياتها كمان، بدل مااحلف عليكي مفيش شغل تاني
اكفهر وجهها فهتفت غاضبة:
-هو إنت ليه دائمًا عايز تطلعني فاشلة ومش فاهمة، دنت تتعمق بمقلتيه
-الولد صغير، كفاية اتحرم من حنان ابوه، عايز تحرمه من حنان أمه كمان، أمير ابني انا سمعتني
تجمد بوقوفه وكأنها حطمته حتى أصبح أشلاء متناثرة
-أيوة هو ابنك وأنا ابوه، واللي بقول عليه هو اللي هيتنفذ من غير ولا كلمة
قالها وتحرك سريعا للخارج يصفع الباب خلفه بقوة حتى اهتز له جدران المنزل

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن