البارت الخامس عشر

62.3K 948 73
                                    

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك

أبتسمتُ بغرور، حينما سألني
ألم تعرفين ماذا فعلتِ بي؟!
منْ أنتِ، وماذا أقول عنكِ؟!
وقفت بشموخ واجابته:
إذا سألوك عني، قل لهم هي الفتاة الوحيدة التي أدمنتني وأنا كسرتها
لاتخف معذبي:
سأقدم إعتذار لقلبي،فقد أجهدته نبضا لمن لا يستحق
ثم وضعت يدي على صدري وهمست:
أمهلني قليلا ياقلبي، سأرتب حياتي من جديد وأعيده غريبا كما كان

❈-❈-❈

بغرفة ليلى بعد شهر ونصف الشهر من حديثه الأخير معها
حبست نفسها بغرفتها، وساءت حالتها، الآن أصبح جلادها الذي لا يعرف الرحمة كأنه يعاقبها على أختراقها لحصونه التي لا يعلم كيف انهار أمامها
خرجت للنافذة علها تستنشق بعض الهواء، الذي أحست أنه انسحب من غرفتها كما سلبت حياتها من بين يديها
جلست تستند ظهرها للمقعد وتتذكر حديثه ذاك اليوم
مفيش خروج من البيت إلا بإذني، متنسيش إنك حامل في ابننا
ضيقت عيناها مستفهمة
-يعني ايه، هتحبسني، اللي كان رابطني بيكوا خلاص مات
جذبها من رسغها بقوة وهو يهمس إليها بهسيس
-البيت دا مش هتخرجي منه غير في حالتين، وانت رايحة تولدي، والتاني لما تموتي، غير كدا مالكيش تخرجي منه سامعة ولا اسمعك بطريقتي
نزلت كلماته على قلبها كصاعقة، بل اشواك تخربش جدران قلبها المجروح، طالعته بذهول
-اكيد اتجننت مش كدا، وإن شاء الله هتمنعني بصفتك إيه
استدار متحركا ولم يجيب عليها حتى وصل لدى الباب واردف دون أن يعريها إهتمام
-تفتكري ممكن أسامح في حق اخويا اللي اتقتل لواحدة ذيك
هرولت حتى وقفت أمامه وهي تصيح بوجهه
-انت مش طبيعي ليه بتحملني موت أخوك
أمسك ذراعيها يعقدها خلف ظهرها وهمس بفحيح:
-عشان انتِ المسؤلة الأولى في موته، وعجز امي، وركض ابويا بين الحيا والموت، ودلوقتي لو سمعت صوتك هدفنك، أنا اللي مصبرني عليكِ ومستحمل أشوف وشك اللي أكتر وش بقيت اكره هو ابن اخويا اللي في بطنك
وضع كفيه على أحشائه وأكمل ماهشم قلبها
-حياتك قصاد حياته، هتحاولي تقتليه هدفنك حية، قسما عظما ادفنك حية
قالها ثم دفعها بقوة بعيدا عنه، يمسح يديه من ملامستها قائلا:
-اعملي حسابك بعد ولادتك هكتب عليكِ، ودا مش  حبًا فيكِ، دا عشان ابن اخويا، لو عليا عايز اخلص منك، وادفنك في سابع أرض
استدار بجسده كله يتابع أثر كلماته على ملامحها، رسم إبتسامة انتصار عندما وجد تبدل ملامحها وشحوب وجهها
دنى إلى أن وصل أمامها واقترب يهمس بجوار اذنيها
"اهلا بيكِ في جحيم حبيبك مراتي المستقبلة" 
ثم إستدار للخروج، لم تحتمل روحها اهانته ولا مزيد من الجروح التي احرقها بها، فتحدثت قائلة
-شكلك محتاج دكتور نفسي، حالتك صعبت عليا، توقف قبل خطوة لدى الباب حينما شعر بنيران تحرق اوردته من تلك المرأة وعنفوانها، استدار ووصل إليها بخطوة
-وماله اروح لدكتور نفسي معنديش مشكلة بعد مانتجوز ان شاءالله،  عشان متأكد وقتها هتصاب بالجنون من واحدة مغرورة ذيك
قالها وهو يخترقها بنظراته
رفعت بصرها ونظرت بملامحها الشاحبة
-معرفش ليه مُصر توجعني كل ماتشوفني، دنت منه بخطواتها السلحفية وهتفت بصوتها الضعيف
-أنا مش هقعد في البيت دا ولا لحظة بعد ماتمر عدتي فيه، غير كدا أشرب من البحر ياحضرة المستشار، وعايزة أشوف هتتجوزني إزاي
ازداد الغضب بداخله من كلماتها، فجذبها من رسغها وهمس بصوتا غاضب حد الجحيم :
-أنا مش باخد رأيك، وأوعي تفكري هتجوزك جواز حق وحقيقي، لا إنسي انت هنا هتكوني زي مربية لأبن أخويا وبس
نزعت يديها التي ألمتها بسبب ضغطه القاسي عليها، وصرخت بصوتها الهزيل مع انسدال عبراتها
-مش هتجوزك ياراكان سمعتني، مستحيل اتجوزك، حتى عندي الموت افضل اني اكون مرات واحد مغرور زيك
شعور مقيت أصابه جعل دقات قلبه تتقاذف بين ضلوعه في حرب طاحنة تهلك أنفاسه وتحرق رئتيه دون رحمة من حديثها الذي شق قلبه لنصفين، اللعنة عليها وعلى قلبي الذي يضعف أمام دموعها
وقفت أمامه بجسد مرتجف حينما وجدت صمته، ونظراته النارية لها، فاستدارت متحركة من أمامه وهي تتحدث بصوت متقطع
-عايزة ارتاح، ممكن تخرج دلوقتي، وزي ماقولت لحضرتك انا هنا ضيفة لحد ماايام عدتي تخلص، وأن كان على ابنكم مستحيل احرمكم منه
أشعلت بجوفه عاصفة غضب هوجاء، أوشكت ان تقضي عليها حينما اقترب منها بهيئته الجنونية وجذبها من الخلف يضمها ويهمس بحوار اذنها
-احمدي ربنا ان ماما موصياني عليكِ، بحاول اتغاضى ومتعصبش عليكِ، بلاش تخليني افقد شوية الرحمة اللي لسة موجودين في قلبي ناحيتك
هزة عنيفة أصابت جسدها من اقترابه منها بهذا الشكل لأول مرة،  ناهيك عن أنفاسه الحارة التي ضربت بشرتها، فجعلتها لم تقو على الوقوف، كأنه شعر بحالتها ولم يرحم ضعفها فدنى أكثر حتى أقسمت ان شفتيها لامست حجابها فأشعرتها بماس كهربي وهو يقول:
-من حظي الحلو ياليالي ومن حظك الزفت ان اللي مات سليم مش انا، ماأنا نسيت اقولك يامراتي المستقبلية، أنا اللي كنت مقصود، فجت في سليم، عارفة ليه ياليالي، عشان اخد حقي منك وحق أخويا
حاولت دفعه بكل قوتها عندما شعرت بجنونه، نعم هي أيقنت انه ليس على مايرام وخاصة قربه منها بتلك الطريقة
-ابعد عني إنت اتجننت، حاوطها بإمتلاك وأكمل-
-أخويا مات وهو بينادي عليك، أخر حاجة نطقها كانت إنتِ، وحضرتك بكل غرور وعنجيهة صدقتي نفسك وعملتي زعلة حتى من غير ماتتاكدي، اتصلت وقولتلك سليم عمل حادثة، رضيتي وقولتي إلعب غيرها
ضغط بقوة على خصرها وعبراتها تنسدل بقوة على وجنتيها ولم يرحمها فأكمل
-يبقى موتيه بغرورك ولا لا، إزاي المدام تسمع كلام راكان عدوها وتيجي تشوف أخوه،  بس ملحوقة يامدام هعرف أخليكي إزاي تندمي على حاجة اقولها ومتتسمعش
قالها ثم دفعها بقوة بعيدًا عنه، وتحرك مغادر وهو يتحدث
-حافظي على الولد عشان دا اللي شفعلك عندي، واياكي ثم اياكي تخرجي من باب البيت دا دون علمي
شعرت بأن الأرض تدور بها، وكأنها داخل كابوس، دقائق وهي جالسة بمكانها، هزت رأسها رافضة حديثه، وجنونه الذي اوصلها لزرع بذرة الشك
-لا مستحيل اتجوزه، دا مستحيل يكون الراجل اللي اتمنيته في يوم من الأيام، أسرعت تهبط إليه

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن