الفصل الأخير

44.7K 724 51
                                    

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الوداع لايقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذي يحب بروحه وقلبه فلا ثمة أنفصال، فقلب العاشق لا يهدأ قط مالم يبادله المحبوب الوله، وحين يشعر نور الحب في القلب فذاك يعني أن هناك إحساس بالحب في قلب آخر

جلال الدين الرومي

❈-❈-❈

بغرفة ليلى، اتجهت إلى مرحاضها لتجهز لنومها، ظلت لبعض الوقت تنعم بحمام دافئ ليزيل آلامها وارهاقها حتى تنعم بنوم مريح ..اغمضت عيناها وذهبت ذاكراتها منذ ساعات

تجلس بجوار زينب يقومون بإعداد زينة رمضان لتعليقها كعادتهم منذ دلوف ليلى لهذا المنزل
وصل راكان إليهما
-مساء الخير، قالها ثم انحنى يطبع قبلة على رأس والدته
ابتسمت زينب تلمس وجنتيه
-مساء النور على عيونك ياحبيبي، ايه اللي اخرك النهاردة كدا
تراجع بجسده على المقعد، ينظر لتلك التي تصنعت الأنشغال بما تفعله، فأجاب والدته
-النهاردة كان الحكم في قضية نورسين..هنا رفعت عيناها لتتقابل بعينيه، فاستأنف حديثه متجها لوالدته
-اتحكم عليها بالمؤبد، تنهدت زينب بحزن ثم أردفت:
-لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اخدت ايه من جريها ورا الشيطان، ضيعت شبابها بين أربع جدران ..صمتت ثم اتجهت إليه
-أول ماشفتها مارتحتلهاش ابدًا، وياما حذرتك منها يابني، بس أقول ايه علشان تضايق جدك
اغمض عيناه مردفًا:
-ماما لو سمحتي الموضوع انتهى ، وجدي ربنا يرحمه، امال بجسده على زوجته
-بتعملي إيه، ليه مابتشركيش في الكلام
رفعت حاجبها وتحدثت ساخرة:
-أيوة اصلك بتشرح درس اخلاقي، مالي أنا بعورسين تتسجن ولا تتشنق حتى
نهضت تجذب كفيه
-قوم كدا معايا اهو استفاد بطولك اللي عامل زي الطاووس وعلق الزينة دي، أشارت بكفيها
-الفانوس الكبير دا حطه في النص هنا، اه والزينة دي الزقها على الحيطة هنا، و ..
باغتها بنظرة يفترسها  وتحدث مزمجرا:
-وايه كمان ياست المديرة، ناقص تمسكي عصايا وتقولي اعمل بأكلتك
امشي من قدامي مش ناقص هبل ستات، قال اعلق زينة وبكرة تقولي اعمل قطايف
قهقهت زينب عليه
-اخص عليك ياراكان وهي اللي عمال تقول أنا هستنى راكان يشاركني فرحة رمضان
ذُهلت ليلى من حديث زينب فأشارت على نفسها
-أنا قولت كدا ياماما، رفعت نظرها إليه وهتفت بمغذى
-لأ ياماما حضرتك فهمتي كلامي غلط، أنا كان قصدي إن حضرة المستشار لازم يشارك، يعمل بلقمته زي ما بيقولوا كدا

نصب عوده وتقدم منها وعينيه ارسلان سهامًا مشتعلة
-هو مين دا ، أنا ياليلى
تحركت سريعا للداخل قائلة:
-خلص الزينة وبعد كدا نشوف مين اللي قال إيه
تعاقبت الساعات سريعا حتى انتهى دا من اعماله، ذهبت ليلى للأطمئنان على ابنائها، ثم اتجهت إلى غرفتها، تحرك  متجهًا إليها
-هخرج مشوار وراجع عايزة حاجة..تحركت دون حديث..
قبض على ذراعها
-مالك، من وقت مارجعت وإنتِ مش على بعضك..اقترب يحاوطها بعينيه
-دا حتى عملتلك الزينة وعلقتلك الفانوس، ليه زعلانة
رفعت رأسها وناظرته بعيون متألمة:
-كنت قاسي أوي مع أمير ياراكان، ليه تكلمه بالطريقة القاسية دي، الولد لسة طفل
ضغط على شفتيه بغضب، ثم حاوطها من أكتافها:
-ليلى الولد لازم يجمد شوية، لازم يتعود يكون مسؤل عن قراراته ، عارف إنه طفل، لكن حسب ماتعوديه هتلاقيه، لو غلط مرة بنسامحه، لكن تكرار الأخطاء هتبني شخصية ضعيفة وغير مسؤلة، علشان كدا لازم أفهمه الصح من الغلط..جذب رأسها وطبع قبلة ثم تابع سيره للخارج دون حديث آخر
ظلت بمكانها تراقب اثر خروجه، حتى اختفى..تنهدت بوجع على ابتعاده عنها تلك الفترة الماضية همست قائلة:
-وبعدهالك ياراكان في اللي بتعمله، قلبي خلاص مبقاش مستحمل بعدك القاسي دا
تحركت حزينة وقلبها الذي يئن من عقابه القاسي لها، قررت الأبتعاد وتحافظ على كرامتها
خرجت من شرودها ثم
اتجهت إلى فراشها بعدما قامت بتبديل ثيابها إلى منامة سوداء اللون تظهر بشرتها البيضاء الناعمة بسخاء، وتعطرت بعدما أنهت زينتها، تنظر لنفسها بالمرأة تبتسم بسخرية

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن