البارت التاسع والعشرون

48.7K 774 32
                                    

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

حين تحزِمُ قرارك وعِدّة الرحيل حين تحكمُ بأن ننتهي ونُوصدُ في وجهِ بعضنا أيامنا لا تبقى في البُعد تتلصص على حالي وترقُب اسمك ووصفك في أحدِ أسطري تتلذذ أن تكون بطلَ القصيدة القادمة والفارس الذي يتسيَّدُ شجناً أسِرُّهُ لنصٍ قصير حين ننتهي، لُفّ عليك الغياب مرتين ارحل بكل حواسك عني ولا تتعدى على حزني.
❈-❈-❈

نزل راكان من مخدعه، وتحرك بعض الخطوات استدار يطالعها بنظراته الهائمة، كانت تجمع خصلاتها وتجمعها بسبب تبعثرها بشكل فوضوي، جمعتها للأعلى، فكانت حقًا جميلة تخطف البصر كقمر ساطع بالسماء، أطبق على جفنيه، وحرب شعواء بين قلبه وعقله، ولكن هنا نجح العقل على تمرد القلب فهمس بلسان ثقيل
-"ليلى" ..استدارت مبتسمة، كانت إبتسامة تشق ثغرها مما جعلها أمامه كتفاحة آدم المحرمة عليه..
-نعم حبيبي..صفعة نزلت على قلبه كنيزك مشتعل، ابتلع ريقه بصعوبة وألقى قذيفته دون رحمة
-"إنتِ طالق"..قالها وتحرك سريعًا للمرحاضه
انكمشت ملامح وجهها ولمعت عيناها بالعبرات
فهمست دون وعي كالمذهولة على كلماته التي احرقتها
-طالق، هو قصده انه طلقني مش كدا، انفجرت ضاحكة، بدموعها التي نزلت كالمطر تغسل وجنتيها من الألم الذي اعترف جسدها،حجبت الدموع عنها الرؤية، استمعت إلى تحطيم الأشياء بالداخل..قبضة قوية قلبها وكأنها فوق جمرة من النيران حتى شحبت ملامح وجهها
وهمست :-
-راكان طلقني، يعني رماني من حياته، هزت رأسها رافضة مانطقه لسانها، تود أن تصرخ بأعلى صوتها ليصل ألمها إلى أعماق روحه
انتفضت لصرخاته بالداخل، هنا فقط تأكدت بأنه فعلها، لقد ألقاها كفتاة ليل بعد ليلة نارية بينهما، زحفت بجسدها بهدوء مميت، حتى جذبت ثيابها وكآلة ارتدت ثيابها
نزلت بقدميها المرتعشة كحال جسدها، وكأن الهواء انسحب من رئتيها ، فشعروها بأنين قلبها جعل آلامها تجفف الدماء بعروقها..تحركت ببطئ وكأنها تسير فوق بلور متناثر يشحذ قدميها، تحركت تسحب وشاحها المتدلي على الأرض كأنه يزيل أقدامها التي وصلت بها لتلك الغرفة
وصلت غرفتها دلفت وأغلقت الباب، ثم ولجت لمرحاضها وكأنها لاتشعر بشيئا، انتهت بعد دقائق معدودة، ثم اتجهت إلى ركنها المخصص للصلاة..سجدت للذي لايغفل ولا ينام
دعوات خلف دعوات، قهر وظلم وافتراء على قلبها الضعيف، "اللهم إني مغلوب فانتصر" كررتها بعيونا باكية وقلبًا منتفض انتهت وبدأت تتلو بعضًا من آيات الذكر الحكيم حتى غفت بمكانها 
عند راكان دلف لمرحاضه، نزع ثيابه بغضب وكأنه يقتلع جلده بسبب غضبه من نفسه، وقف أمام المرآة ينظر لنفسه لعدة لحظات، ثم لكمها بقوة حتى تهشمت
آهة عالية خرجت من جوفه محملة بعصارة الألم، وقف يبكي مأساة قلبه المفطور على مافعله بها وبنفسه، هو يعلم انه لم يستطع البعد عنها ورغم ذلك ألقاها بخارج حياته
ردد لنفسه
-ارتحت لما طلقتها، هتعرف تعيش وهي بعيد عن حضنك، طيب إنت كنت بعيد عنها لكن فيه اللي يربط بينكم دلوقتي مفيش رابط هتقدر،
ملعون أبو الكرامة على الحب على الوجع اللي حاسس بيه دا
آهة صرخ بها وهو يلقي قنينة عطره بالجدار حتى تهشمت وأصبحت متناثرة بكل مكان
خرج سريعًا بعدما فقد قدرته على إبعادها عن أحضانه، تجمد بمكانه واحس بأن ضلوعه تنكسر ضلعًا ضلعًا، نيران يشعر بها وكأن أحدهم وضع بنزين مشتعل بصدره
هوى على مخدعه عندما لم يجدها وشعور مقيت جعله يكره نفسه من حالتها التي توجد عليها آلان
تحدث بألمًا يفتت عظامه
-سامحيني ياليلى كان لازم نبعد عن بعض زي ماقولت، مبنخدش من بعض غير الألم
اتجه بنظره إلى مخدعه وتذكر منذ قليل فقط وكيف هذا المكان كان يضج بنيران العشق، والآن أصبح بارد كبرود ثلاجة الموتى
جذب بعض ثيابها التي سقطت على الأرض بين أقدامه، جذبها ينظر إليها وانسدلت عبرة من عينيه عندما وضعها يستنشق رائحتها بملأ أنفه
تسطح على الفراش يحتضن وسادتها ويستنشق عبير عطرها مغمض العينين كأنه سيفتح عيناه ويجدها أمامه
مرت قرابة الساعتين، استمعت ليلى لطرقات ابنها فوق باب غرفتها 
اعتدلت تنظر حولها بعينين زائغتين ونظرات تائهة ضائعة وكأن روحها انسحبت من جسدها، دلفت البيبي سيتر مع ابنها وهو يهرول إليها
-ماما..جذبته بقوة تضمه لأحضانها
أمسك أمير طائرته التي يلعب بها، وتحدث
-ماما، بابا 
  شهقت شهقات مرتفعة حتى وصلت إليه وهو يهبط على درجات السلم
اتجه لباب الغرفة، توقف يرسم ملامحها الحزينة بقلبًا ملتاع، كانت تحتضن وجهه ابنها وتتحدث معه
-ميرو روح مع انطي داليا، خليها تغير هدوم ميرو وتلبسه هدوم واو عشان ننزل لنانَا
أحست ببرودة جسدها فتصلب كفوفها على وجه ابنها حينما شعرت بوجوده من رائحة عطرها، وتيقنت عندما اتجه ابنها يهرول إليه
-بابا..اعتصرت عيناها ووضعت كفيها على صدرها حتى تهدئ من ضربات قلبها العنيفة
ضغطت على إسدالها حتى لا تصل إليه وتصفعه على وجهه..انحنى يرفع أمير وحمله يطبع قبلة على وجنتيه
-صباح الخير حبيب بابي..أمسك أمير نظارته من على وجهه وأطلق ضحكاته وهو يحاول أن يرتديها
وضعها على خصلاته وهو يداعبه
-عايز واحدة زيها، كان يحادثه وينظر لتلك التي استدارت تواليه ظهرها
نزل أمير من بين ذراعيه وأسرع إلى والدته ينظر إليها بنظارته، خلعها أمير ووضعها على رأس والدته وهو يصفق ويضحك بصوت مرتفع
دلف راكان للداخل عندما وجد سكونها، نظر بجوارها وجد مصحفها وسجادة صلاتها، لأول مرة يكتشف جانبًا بها مكتشف مع والدته، ابتسم بسخرية فزواجهم منذ سنة ولا يعلم عنها شيئا
اقترب وصاح على داليا
-داليا خدي أمير جهزيه عشان ينزل يفطر، سحبته داليا وتحركت للخارج، أما هو فوقف مكبل الأيدي، لا يعلم ماذا يفعل حتى يهدأ من نيران المواجهة..سحب نفسًا وطرده واتجه يجلس بمقابلتها على الأريكة
-"ليلى" قالها بلسان ثقيل وشقتين مرتعشتين
اطبقت على جفنيها من ذبذبات صوته التي اخترقت قلبها، كيف له أن تغفر ما فعله
كرر نادئه عليها مرة أخرى ، التفت تناظره بعينًا هالكة من فرط الألم
حاولت الحديث ولكن كأنها طفلًا لايعرف الحروف فتمتمت متعثرة بمقاطعة
-ن.ع.م..هنا شعر بتوقف النبض بأوردته وكأن جسده أصيب بصاعقة فجمدت جسده 
تلاقت عيناه بعيناها، نظرت لعمق عيناه ونبض قلبها يحترق المًا بعد أن كانت منذ عدة ساعات وكأنها بساط سحري يسبح فوق سحابة وتطير بها بأجمل الأماكن، ولما لا وتوسد صدره واستماع نبضه أجمل الأماكن وأقربها لقلبها
استندت على الجدار خلفها وتاهت بنظراتها تنظر حولها بضياع متحدثة
-أنا لسة هنا بعمل إيه، ممكن اكون مش قادرة استوعب اللي حصل ومفكرة نفسي في كابوس
نظرت إليه عاجزة حائرة واهتزت اهدابها حتى انبثقت دمعة غادرة من طرف عينيها تحكي مقدار آلام روحها وقلبها المنفطر بما فعله بها
انكمشت ملامحها بألمًا وأردفت
-قولي ياراكان أن دا كابوس هتفوقي منه، قولي إنك مستحيل تكون قاسي وتنزل للمستوى الأجرامي وتعمل فيّا كدا
رفعت كفيها المرتعش تزيل عبراتها وهي تناظره بأعين مشوشة مختلطة بنيران قلبها
-قولي إنك مستحيل توجعني بالطريقة القذرة دي وكأنك بتعامل فتاة ليل
نزل وجلس على عقبيه أمامها، ثم بسط كفيها ليحتضن وجهها
ابتلعت مرارة الألم ودفعته بقوة وتحدثت غاضبة
-ايدك ياحضرة المستشار، انت دلوقتي راجل غريب، وإياك تقرب مني..انت مابقتش جوزي، انت دلوقتي زيك زي أي راجل غريب عني، ودلوقتي البيت دا ماعدش ينفع أقعد فيه دقيقة واحدة
دفعته بقوة حتى سقط على ركبتيه وصاحت بغضب وعبراتها كالمطر على وجنتيها
-انا وانت دلوقتي أغراب، مافيش بينا رابط ..لكزته بقوة بصدره وهجمت عليه كالذي أضاعت عقلها
-بقينا أغراب ياحضرة المستشار، بقيت غريب عني، يعني مستحيل تقرب مني ولا تلمسني، أشارت على صدره
-ولا ليا حق حتى ابكي هنا، نهضت ودارت بنظراتها على الغرفة وهي تشير لكل ركنًا بها
-انا هنا ليه وبأي صفة، ليه، نفسي أعرف، طيب كنت طلقتني من الأول كان ليه لازمتها الأوضة دي..جذبت الفراش وأسقطت مفروشاته
-احرقهم، عايزاك تحرق كل حاجة هنا
ضربت على صدرها بقوة
-احرق دا عشان وثق في واحد زيك، بدأت تهدأ رويدًا رويدًا عندما شحب وجهها فهمست بنظرة يشوبها الألم
-كويس أنك طلقتني عشان اعرف أعيد ترميم نفسي من راكان البنداري اللي حياتي وقوتي ادمرت من وقت ماقلبي حبه
اتجه يقف بمقابلتها ولأول مرة يعجز عن صياغة الحروف لتشعر بكم الألم الذي يجتاح جسده بالكامل
-"ليلى"..عايزك تفهمي مش إنتِ بس اللي بتتألمي، متفكريش طلاقنا مريحني، بس كان لازم أخرج من ضعفي، انتِ بتضعفيني، موتي شخصيتي، بدل ماتقويني أضعفتيني
❈-❈-❈
استدارت له والأمتعاض باد على ملامحها، فتحدثت متهكمة
-وانت دبحتني ياحضرة المستشار، ودلوقتي الستارة نزلت والكل فرحان بينا، معدش فيه وقت ولا مكان للبكى، انت أطلقت القذيفة في وشي حتى مفكرتش فيا
معدش فيه إلا حاجة واحدة أمشي من الجحيم دا ..اقترب يحاوطها بذراعيه
-مفيش خروج من البيت، متنسيش إنك أم لأمير، والبيت دا ليكِ فيه
 
انسدلت عبراتها تهز رأسها رافضة حديثه
-أهم حاجة مبقتش ملكي ياحضرة المستشار
استدار سريعا عندما فقد سيطرته كاملا، فكان آلمه أضعاف مضاعفة لألم قلبها، فهي هوائه الذي يتنفسه
هبط سريعا حتى لايضعف أمامها..وجد والدته
-صباح الخير ياست الكل، قالها بصوت كاد أن يكون متزنًا
ابتسمت له تدقق النظر له:
-مالك ياحبيبي؟! ليه لابس النضارة على الصبح كدا!!
هز رأسه وتحرك للباب الخارجي ولكنها أوقفته
-مفيش خروج من غير فطار، وبعدين معرفش سيلين فين، ممكن تكون باتت مع ليلى، هروح أشوفها
-يعني سيلين مش في البيت ولا إيه
استدارت له وتحدثت:
-ماأنا بقولك أهو ممكن تكون باتت مع ليلى، جلس يضع المحرمة على ساقيه وأردف
-لا مش باتت مع ليلى، دلوقتي اشوفها يمكن الزفت يونس جه اخدها، انتِ ناسية عمايله السودة، استاهل ضربي بالجزمة اني وافقت أجوزهاله
تحركت حتى وصلت إليه تمسد على رأسه
-مالك ياحبيبي، حاسة فيك حاجة، بتتكلم بالعافية ليه كدا ..
مفيش ياست الكل، هاتيلي قهوة عشان عندي شغل كتير النهاردة ومش هرجع
رجع بجسده مغمض عيناه ولا يشعر بشيئا سوى احتراق صدره كأن أحدهم وضع بداخله جمرة مشتعلة...مرت بضعة دقائق، حتى وصلت والدته بقهوته
-انا اتصلت بيونس كتير مابيردش  
قاطعهم وصول ليلى بحقيبة ملابسها وبجوارها أمير..هب فزعًا عندما وجدها تحمل حقيبتها بيد وتمسك أمير بالأخرى..تحرك إلى أن وصل إليها ثم أشار على حقيبتها وتحدث بلسان ثقيلا
-رايحة فين بالشنطة دي؟!
ضمت إبنها إليها وابتعدت بنظراتها عن مرمى عيناه تنظر بمقلتين دامعتين لزينب التي وقفت متسمرة تنظر بحزنًا إليها:
-شكرًا لحضرتك على كل حاجة، متزعليش مني لو جيت في وقت زعلتك، حقيقي كنت ليا نعم الأم في البيت دا..اقتربت تحتضن كفيها
-زي ماوعدتك أمير هيكون عندك وقت ماتحبي، ولو عايزاه يبات معنديش مشكلة المهم تكوني راضية ومتحسيش اني اخدت حفيدك
احتضنت زينب وجه ليلى قائلة
-حبيبتي رايحة فين؟! اتجهت بنظرها لراكان الذي وقف وكأن أحدهم انتزع قلبه من جسده وهو يراها تخرج من منزله
اقترب من وقوفها وابتلع ريقه الجاف
-ليلى متمشيش من البيت دا دلوقتي أنا بجهزلك بيت المزرعة بس لسة هيخلصوه على بكرة
طبعت قبلة على جبين زينب وسحبت حقيبتها وامسكت كف ابنها وتحركت
-بعد إذنك ياماما زينب..نظرت زينب لأبنها حتى يبين لها مايحدث
تحركت بحقيبتها ولكنها توقفت حينما صرخ بصوت جهوري
-أنا مش بكلمك، قولتلك ممنوع تخرجي من البيت دا الا بأمر مني
استدار وبحزن يحرق روحها من جبروته تحدثت بهدوء رغم نيران قلبها المستعيرة
-حضرتك طلقتني فبناء على إيه أقعد مع حضرتك، وياريت لما تتكلم معايا يكون في حدود أمير بس، اللي بيربطني بالبيت دا هو أمير وبس
اقترب ونيران جحيمية تخرج من مقلتيه
-حتى لو طلقتك مفيش خروج من البيت دا، إلا لما أمر انا..شهقة خرجت من فم زينب
-طلقت مراتك ياراكان، هوت على المقعد وهي تهز رأسها رافضة حديثه
-طلقت مراتك، حتى من غير ماترجعلي، لدرجة دي امك مالهاش قيمة عندك
   
شعرت وكأنه غرس خنجر حادا بمنتصف قلبها،
سالت عبرة غادرة عبر وجنتيها تحرقها 
-استكترت أن ابن سليم يقعد هنا، دا كله ليه، عايزة أعرف بتعمل فيا كدا ليه يابني
نهضت تمسك كف ليلى
-انا لما كنت بقولك هيطلقك كان مجرد كلام عشان أخليكِ تدافعي عن جوازك، قولت يمكن لما تلاقي الموضوع جد تتحركي، لكن طلعت غلطانة
اتجه راكان يضمها ..صرخت به
-ابعد عني إياك تقرب، وزي ماعملت اللي في دماغك أعتبرني مش موجودة، انت إزاي تعمل كدا من غير ماتعرفني
-ماما زينب أنا آسفة بس لازم أمشي دلوقتي، حضرتك عارفة مفيش حاجة خلاص ..قاطعتها زينب صارخة
-لا ياباشمهندسة، البيت دا بيتك ولو حد هيمشي يبقى حضرة المستشار
بأنفاسًا ملتهبة وقلبُ محترق اجابها
-حاضر ياماما همشي من البيت، بس قبل دا كله انا بحضر بيت لليلى من وقت ماأصرت على الطلاق، وبالكتير هيخلص على بكرة، حاولت مقاطعته..أشار بسبباته، قبل ماحضرتك تعترضي
-ليلى لازم تمشي من هنا، فرح رجعت من يومين، استدار لليلى وأكمل حديثه
-ومعاها طفل بتقولي ابن سليم..هوت زينب جالسة وكأن بكلماته أطلق طلقة نارية استقرت بقلب زينب، فرفعت نظرها إلى ابنها
-يعني سليم قرب من فرح، يعني مكنتش بتكذب ..كانت نظراته على ليلى التي وقفت وكأن هذا الحديث لا يهمها فاتجهت وتقابلت نظراتها بنظراته مردفة
-حقها لو الولد ابن سليم حقه يتمتع بخير ابوه، وعشان كدا لازم امشي من هنا
دقق النظر بعيناها فاقترب منها ومازالت عيناه تفترس ملامحها فتحدث مردفًا
- انتِ مستوعبة اللي بتقوليه، الولد هيكون له نسب لسليم، غير هيكون اخو أمير ويشاركه في كل حاجة
صرخت به بعدما فقدت قدرتها على التحكم في أعصابها
- ميهمنيش، ميهمنيش أن يكون له ولد ولا عشرة، هو عند ربنا دلوقتي، سليم مات ولو الولد ابنه يستحق أن يكون له اهل وعيلة
دنى اكثر ومازال يطالعها وتحدث بخفوت
-حتى بعد ماخانك.. خارت جميع قواها وانهار عاملها فانهمرت دموعها ممزوجة بنزيف روحها قائلة
-ماهو حبيبي خاني قدام عنيا، ومقدرتش احاسبه، هحاسب واحد ميت، واحد حاول يحميني ويكون ليا سند، في وقت انت ضيعتني
جحظت أعين زينب من كلمات ليلى، فهزت رأسها رافضة حديثها الذي شطر قلبها على ابنها فنهضت بجسد مرتعش
-قصدك إيه ياليلى، قصدك إيه باللي كان بيحميكي، ومين حبيبك اللي اتخلى عنك
جذبها راكان ضاغطًا على ذراعها بغضب
-انتِ اتجننتي معنتيش عارفة بتقولي ايه
نزعت يديها غاضبة ولكمته بقوة حتى تراجع خطوة للخلف وأشارت بسبابتها
-إياك تتمادى وتلمسني، أنا مش من الستات الحقيرة اللي بتبات عندهم
استدارت إلى زينب وتحدثت محاولة السيطرة علي نفسها
-آسفة ياماما ابن حضرتك عصبني، ودلوقتي زي مااتفقت مع حضرتك وقت ماتحبي تشوفي أمير اتصلي بيا وهجبهولك او ابعتي السواق ياخده ..قاطعهم رنين هاتفها ..ضيقت عيناها بذهول، ثم رفعت الهاتف واجابت 
-أيوة ياحمزة، اقترب منها يخطف الهاتف
-فيه إيه ياحمزة
عند حمزة ..حاول اخذ أنفاسه وتحدث بعد لحظات
-انت فين ياراكان من امبارح بتصل بيك..تحرك بعض الخطوات عندما علم بهناك شيئا ما وتراقب ليلى له
-سامعك..تليفوني ممكن يكون فصل شحن مااخدتش بالي
-يعني يونس ماوصلكش
قطب مابين جبينه متسائلا
-يونس، ليه هو فيه ايه، ماتنطق يامتخلف
-درة وسيلين اتخطفوا من قدام كافيه امبارح الساعة احداشر، إزاي مااخدتش بالك بإختفاء سيلين، وبعتلك يونس من خمس ساعات
كلمات نارية استقرت بمنتصف قلبه وهو يهذي
-سيلين، ومين قدر على كدا، إزاي وفين الأمن بتاعها، توقف لحظة وابتلع ريقه بصعوبة
-بتقول درة كانت معاها، يعني مين المقصود، ماهو مش معقول دا خطف لاتنين..اقتربت منه زينب وهتفت بغضب
-راكان ماتسبش مراتك تمشي من البيت والله ياراكان لا هتكون ابني ولا أعرفك
اتجه لغرفة مكتبه سريعا وفتح خزينته وأخرج سلاحه، فهو بدأ يضعه بالمكتب بعدما امسكته ليلى في ذاك اليوم
توقفت زينب امامه تنظر لسلاحه وهو يجمع اشيائه سريعا قائلا بعصبية مفرطة
-عشر دقايق وهكون في النيابة، اتصل بجاسر خليه يلحقني على هناك
توقف عن الحديث بعدما استمع لحديث حمزة
-جاسر انضرب في مداهمة لأمجد امبارح
ارجع خصلاته للخلف بغضب وصاح مزمجرا
-حيوان حذرته ميتصرفش بتهور، هو عامل ايه المتخلف دا
جحظت عيناه وتحرك سريعا للخارج توقفت زينب أمامه
-مش هتمشي غير لما ترجع مراتك، أسرعت تجذب ليلى بعنف ووقفت أمامه
-رد مراتك ياحضرة النايب، كانت نظراته تائهة يفكر بسيلين وما حدث خلال الساعات الماضية
تحرك وهو لم يركز بحديث والدته بعدما كان ينظر إلى ليلى بتيه، كيف يخبرها بما حدث لأختها
-راكان..صرخت بها زينب، توقف وهو يتنهد بحزن فاستدار إليها
-ماما لوسمحتِ لازم اتحرك حالا، ثم رفع نظره لليلى، ممنوع تخرجي من الباب دا، ممنوع سمعاني
سحبت والدته سلاحه
-رايح فين بدا، وليه مبتردش على امك، ولا أنا دلوقتي ماليش أهمية
دب الجنون برأسه وصاح غاضبًا
-ماما لازم امشي حالا وإلا ..توقف ولم يجد مايقوله حتى لا يقهر قلبها..اقترب
-ماما هاتي السلاح، انت ناسية اني وكيل نيابة، مش فاتح مطعم ياماما هاتي السلاح
هزت رأسها رافضة خروجه
-رجع مراتك لعصمتك الأول وبعد كدا تاخد سلاحك ...قاطعتها ليلى التي كانت صامتة
-ومين قال لحضرتك انا هرجعله، اقتربت تنظر لمقلتيه بقوة وأردفت
-ابنك لو آخر راجل في الدنيا مستحيل يربطني بيه حاجة تانية، والحمد لله اللي حصل لحد دلوقتي..هاتي أمير ياماما عايزة أمشي من هنا، مش عايزة اكون في أي مكان مرتبط بيه
كلمات وقعت على مسامعه كصدى صوت برق شديد الوهجان بفصل الشتاء، مما جعله متصنم بوقفته، فتوقف مجرى الدم بعروقه..لحظات يحاول استيعاب ماقالته، ابتلع غصته وتحدث بلسان ثقيل
-عندي شغل مهم، بعدين نتكلم ياماما، أما عن مدام ليلى فالحياة بينا بقت مستحيلة، سحب سلاحه سريعا وخرج وكأنه يتحرك على جمرات من النيران تكوي اقدامه دون رحمة

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن