الفصل السادس عشر

Start from the beginning
                                    

عادت ثريا من شرودها وهي تمسح بابهامها هذه الدموع التي  علقت على وجنتيها بتذكرها لأسوء ذكرياتها، حينما خالفت ضميرها وصمتت خرساء عن قول الحق مستسلمة لتهديد زوجها الشيطان، واشتراكها في جريمة دمرت ثلاث افراد كانوا من أعز الناس الى قلبها.
- امي انتِ صاحية .
اتت من خلف الباب الموصد قبل ان يطرق ابنها عليه بخفة :
- امي .
- ادخل ياعثمان انا صاحية لسة .
فور ان تفوهت بها دفع عثمان باب الغرفة بيده ليدلف داخلها مرددًا التحية نحوها :
- مساء الخير يا أمي .
- مساء الفل ياحبيبي ، تعالى ها اقعد هنا جمبي ، انا اساسًا مش قادرة انام .
قالت وهي تشير له على طرف التخت الجالسة عليه هي بجذعها .
سالها وهو يجلس بجوارها :
- انتِ كنتِ بتقري ولا ايه؟
التفت على الكتاب الذي بيدها بانتباه لتضعه على الكمود بجوارها ترد عليه :
- والنبي يابني مافهمت منه كلمة ، اصل بصراحة بقى سرحت كدة في الماضي وانت عارف بقى، انه تركيز دا اللي هايفضل ما ذكريات الماضي.
تأثر عثمان بالمرار الذي يصدر من كلمات والدته فربت على كفها يدها بحنان قائلًا :
- معلش ياامي، انا عارف ان الحمل تقيل عليكي، بس انت ماكنش ليكي ذنب.
ردت بحرقة :
- ماتضحكش عليا ولا على نفسك ياعثمان ، انا ذنبي كبير ولو عشت عمري كله اكفر عنه، برضوا مش هاعرف، الظلم صعب قوي يابني، وانا شاركت فيه بضعفي وقلة حيلتي.
اومأ برأسه اليه قبل ان يغير مجرى حديثه :
- صحيح ياامي انا الرجالة النهاردة قاولي على حاجة كدة يعني حاسس ان ممكن يجي من وراها خبر يهمنا .
- هي ايه الحاجة دي؟
سالته باستفسار ، أجايها عثمان :
- بيقولوا ياستي ان النهاردة دخل البلد واحد غريب عنها، وكان بيلف في البلد ويسأل عن فضل .
- فضل !
قالت بتساؤل فأكد لها هو بقوله:
- ايوه فضل ياامي اللي انتِ قولتي عليه بنفسك ، مؤكد هاتيجي معلومة من ناحيته.
سألته بلهفة :.
- طب وايه ؟ عرفت تجيب المعلومة ؟
اومأ لها بكفه:
- استني بس ياماما وانا جايلك في الكلام ،الراجل الغريب دا لما وصل لفضل قعد معاه في الغيط بتاعه يجي ساعتين كدة وبعدها اخده فضل على بيته مقعدوش اكتر من نص ساعة ومشي يروح معاه على بلد الراجل نفسها .
- بلد الراجل وبنفس اليوم .
قالتها ثريا بانتباه ادهش ولده الذي قال لها :
- برافوا عليكي ياست الكل يعجبني ذكائك ، طب لو عرفتي ان البلد دي  هي نفس البلد اللي الرجالة طاردوا صالح فيها ، قبل ما يتوه منهم وبعدها يختفي خالص جواها .
هتفت ثريا:
- بجد ، يعني رجالتك عرفوا مكانه ياعثمان ؟
اطرق رأسه قائلًا بإحباط :
- اا للأسف لأ.
- لأ ليه يابني ؟
تسائلت ثريا بنفاذ صبر ، اجابها عثمان :
- اصلهم اتلخبطوا ياستي في العربيات اللي شبه بعض في موقف البلد دي ، وتاهوا منهم .
صمتت ثريا وقد ارتسم الحزن على ملامحها ، خاطبها ابنها بحنان :
- ماتزعليش ياست الكل ، اكيد هانعرف نجيبوا، مدام قدرنا نوصل لخيط ، يبقى أكيد هانوصل، بس انت شاطرة قوي ، عرفتي منين ان فضل ممكن يجي من وراه فايدة؟
ابتسمت والدته قائلة بمرارة :
- عشان فضل الوحيد اللي قالي كلمة الحق في وشي من غير كسوف ولاخوف.
تذكرت ثريا كلماته القوية لها حينما خرجت من الإجتماع الذي ضم جميع الافراد المهمين في العائلة وقت أن أجبرها شعبان زوجها بالشهادة على صالح بأنه حاول الاعتداء عليها ، فتعقد لسانها عن النطق بالنفي او التأكيد، فاأستغلها شعبان كالعادة فرصة لصالحه بتأكيد التهمة على صالح،  فاختنقت من القهر ودلفت للحديقة الخلفية كي تستنشق بعض الهواء النقي ، لتفاجأ بمن يهتف خلفها بقوة :
""- هاتروحي من ربنا فين ؟
التفت اليه مزعورة تسأله :
- انت اللي بتقول كدة يافضل ؟
تقدم نحوها قائلًا بحدة :
- ايوة انا بقول ياعالم ياظلمة، بتشهدي على الولد المسكين وتلبسيه التهمة ليه ؟ كان قرب منك ولا شافك اساسًا .
تسمرت غير  قادرة على الرد فتابع هو :
- انا كنت قاعد وشوفت بعيني لما دخل جوزك  يجري على اؤضتك زي الفار هربان من صالح، كنت قاعد وشوفت بعيني لما جري وراه صالح ونصبتولوا الشبكة انتِ وجوزك، تقولوا بالكدب انه حاول يتعدى عليكي، بتساعديه ليه وانت عارفة ان جوزك يستاهل الحرق، بتساعديه ليه؟ وانت عارفة ان صالح معاه الحق انه يدافع عن اخته من عمايل جوزك معاها ...
- اخته مين ؟
صاحت بها مقاطعة تسأله، وتابعت :
- انا معرفش اي حاجة ياعم انت من الكلام اللي بتقولوا ، انا عايزة اعرف دلوقتي ايه دخل وردة في الخناقة بين صالح و شعبان ،
مال اليها برأسه قائلًا من تحت اسنانه :
- يعني انت متعرفيش ان جوزك بيتحرش بوردة من ساعة ما اخوها دخل الجيش لحد اماعملها عقدة نفسية؟ ماتعرفيش ان سبب الخناقة هي ان صالح دخل بالصدفة على اؤضة اخته لقى جوزك النجس كان بيحاول يعتدي عليها ، لكن حتى لو ماتعرفيش ، برضك انتِ ظالمة وشايلة في الذنب زيه""

المطارد Where stories live. Discover now