مهمة يورك 1

49 1 0
                                    

إنني الآن أنظر إلى منزلي الحبيب من نافذة الطائرة السوداء المتجهة إلى مكان المهمة، لن أشتاق إلى هذا المنزل أو سكانه أبداً... لكن يا ترى إلى أين أنا ذاهب؟
"أماني...يا أماني"
"نعم، كيلوا ساما"
"إلى أين نحن متوجهون؟"
"أ..ألم يخبرك السيد والدك؟ حسناً نحن متوجهون إلى مدينة يورك سيدي"
"يورك، أين سمعت بها؟ آه صحيح إنها مدينة داني"
"عفواً سيدي؟"
"لا لاشيء{ثم أخفض صوته}كيف سيبدو موطنك يا داني؟...أماني أعطني معلومات عن هوية هدفي"
"هدفك يدعى تاكيشي يوكيتارا،37 عاماً، رئيس منظمة شيرا الإجرامية القائمة على تجارة الممنوعات والمواد السامة بسرية غير مسبوقة، وتعمل على نشر شلل العصابات والمافيا التابعة لها لزيادة النهب والنكب في أنحاء البلاد، تلجأ للقتل والتعذيب لتحقيق نواياها السوداء، ولم تستطع الشرطة المحلية أو الدولية فعل شيء يذكر، لذلك استعانوا بأحد أفراد الزولديك للتخلص من زعيمهم"
إذن هو خبر سار آخر لن أشعر؛ لن أشعر بالذنب بعد قتله.
"سيدي إن خصمك ليس سهلاً لكنه ليس مستحيلاً عليك فق..."
"أمانييي، لاداعي لنصائحك المملة وإرشاداتك منذ الآن، أرجووك"
تنهدت أماني بقلة حيلة وأومأت برأسها إيجاباً.
.
.
.
مرت الدقائق والساعات بثقل في رحلة الطائرة، أشغلت نفسي بها بالاستفسار عن مهمتي والشرود في أمور متنوعة أثناء تحديقي المستمر في نافذة الطائرة المطلة على الغيوم المتلبدة في السماء، ومع أنني في رأسي لدي من الحديث الكثير فقد حافظت عليه في سري، أعترف أن لوجه أماني الواجم دور كبير في ذلك؛ حاولتُ التكلم معها عشرات المرات وكانت دائماً تقول مقاطعة: أنا خادمة سيدي لا يحق لي التكلم في أحاديث بلا قيمة.
"أماني ماهي هوايتك المفض..."
" عذراً كيلوا ساما أنا هنا لتنظيم شؤون مهمتك لا أكثر ولا أقل، فأنا مجرد خادمة ليس بوسعها التدخل في هذا أحاديث'
أغضبني كلامها كثيراً فعزمت على إيجاد طريقة لانتزاع هذه الأفكار من رأسها، على أية حال لقد نمت قليلاً لتمضية الوقت وانتظرت ميعاد الوصول بصبر معدوم.
و أخيراً همت الطائرة بالهبوط معلنة بذلك وصولنا، كان الوقت قد تعدى الغروب بقليل، أخبرتني أماني أنها حجزت فندقاً قريباً من هنا فذهبنا إليه، وعندما وصلنا بدلت ثيابي وتناولت وجبة صغيرة، فأنا لم آكل شيئاً منذ أقلعت الطائرة أي منذ الصباح، لتباشر أماني بعدها بإعطائي خططاً مفصلة عن كيفيّة آداء مهمتي، كيفيّة الدخول،الخروج...إلخ إلخ.
قالت لي أن تاكيشي سيقيم مزاداً في السوق السوداء لبيع الأسلحة والمسروقات وأمور أخرى غير قانونية يبدأ من بعد ظهر غد ليمتد إلى ثلاثة أيام والمطلوب مني شيئان، الأول الحصول على وثائق مسروقة في غاية الأهمية، معلوماتنا تقول أنه سيبقيها محفوظة لديه حتى آخر يوم في المزاد بل وآخر ساعة ليبيعها بالمليارات والثاني هو...إرساله إلى العالم الآخر.
غداً سأنطلق، في اليوم الأول سأستكشف المكان فقط وأعثر على غرفة الزعيم، فقد عملتُ أنه كالمتاهة من الداخل وغرفة الرئيس ستكون مخبأة بإحكام ، في اليوم التالي علي الحصول على الوثائق وفي اليوم الأخير أنهي حياة هدفي.
الحراس منتشرون في كل زاوية وشبر، حيث أن فريستي ستظل متوارية في الظلال محتمية بحراسها وأنا علي كشف جحرها تمهيداً لإراحة روحها الآثمة إلى الأبد.
"حسناً أماني شكراً على معلوماتك القيمة، سأذهب الآن" قلت وأنا أتجه نحو الباب
"ماذا؟ إلى أين سيدي؟"
سألتني فتوقفت عن السير
"ألا تظنين أن هذا أمر لا يخصك؟!"
أجبت ببرود دون أن ألتفت إليها وتابعت
" أنت هنا لتنظيم شؤون مهمتي لا أكثر ولا أقل، ألا تتذكرين؟"
"إذن..لاعلاقة لك بأي سلوك لي خارج المهمة، الزمي حدودك كخادمة"
كانت محنية الرأس وكأنها اقترفت ذنباً فضحكت بصوت لايسمع، وما إن قبضت على يد الباب حتى ابتسمت ببراءة والتفت وأدرت وجهي لها :
" تجاهل أسئلتك ليس أمراً لطيفاً صحيح؟ وخصوصاً إذا كان العذر غبياً وساذجاً مثل قول{قلد نبرة صوتها} أنا مجرد خادمة"
{وعاد إلى صوته الأصلي}
"أنا أحب كثيراً الناس الذين يتصرفون على طبيعتهم دون قيود أو تحفظات، بالمناسبة أنا ذاهب للتجول في الشوارع، تصبحين على خير يا أماني"
{كانت أماني لاتزال تحدق بالأرض بصمت مع احمرار في الوجه وهي تفكر، كم كانت فظة معه وكم كان لطيفاً معها، وما إن أغلق كيلوا الباب حتى جثت على ركبتيها بانهيار وإرهاق وهي تشعر بالإمتنان لسيدها الصغير
في هذه الأثناء كان المعني يتجول دون وجهة ويستطلع معالم المدينة الجديدة}
لا أجد شيئاً مثيراً هنا، إهنا كأي مدينة زرتها سابقاً والعصابات الهاوية منتشرة، مالذي يفعله رجال الشرطة الكسالى؟!
ريثما كنت أتمشى في هذه الشوارع المكتظة قررت أن أسلك ممراً فرعياً فارغاًبين الأزقة لتجنب الزحام
سرت بضع خطوات ثم:
" أنت! أيها الفتى"
استدرت لأرى صاحب الصوت، كان رجلاً ربما في أواخر العشرين، تقدم إلي بغرور وأردف:
"ماالذي تفعله في أرضنا؟"
"أرضكم؟"
ليقفز بعدها ثمانية رجال من فوق السطوح
"لا تتظاهر بالغباء يا صغيري" قال أحدهم ساخراً
"الكل هنا يعلم أن هذه الطرقات تابعة لعصابة الظلال الشهيرة التي يهابها الجميع" قال واحد آخر
"حقاً، هل تعملون لدى منظمة ما؟"
"المنظمات للفشلة! إننا نعتمد على أنفسنا فحسب"
"أتظنون ذلك؟ أياً يكن..ماذا تريدون مني؟"
"هل تسخر منا أيها الفتى؟ هذه أرضنا من يدهلها دون إذن..لا يخرج حياً"
{ثم وثب الجميع معاً وباشروا بتوجيه الضربات إلى الصغير الذي كان يتفاداها بملل شديد دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليهم حتى}
"يال الحماقة!"
{قال الصغير بتململ، بينما ازداد غضب الرجال وغيظهم وصاروا يزمجرون ويصدحون كلما وجهوا ضربة ما، مما جعل الفتى يجعد حاجبيه بانزعاج من صوتهم المنفر فبدأ بصد ضرباتهم الضعيفة وردها بأخرى مفقدة للوعي حتى فرغ منهم جميعاً}
"حثالة"
لاعجب أن الشرطة عجزت أمام تاكيشي طالما لا تستطيع إدراك مافيا الشوارع القذرة
تجولت في الزقاق حتى وجدت المخرج منه، أصيب المارة بالذعر عند رؤيتي أخرج من ذلك الرواق وبدأوا يتهامسون فيما بينهم، فلم أعرهم اهتماماً وتوجهت إلى متجر حلوى كبير كان في الإطلالة، كان يشع بأنوار لامعة وتنطلق منه موسيقا حماسية فلم أستطع المقاومة، من الأحمق الذي يرفض الحلوى ؟
دلفت إلى الداخل فكان المكان مكتظاً جداً، أرأيتم! لا أحد يرفض الحلوى، لا أحد بهذا الغباء، انسللت بجسدي الصغير بين الناس حتى وصلت إلى المعرض الأساسي،حدقت بعيون متسعة وفم مفتوح مع ابتسامة عريضة بأنواع الحلوى والشوكولاته المكدسة والمصفوفة بشك يسيل له اللعاب.

الضحية القاتلةWhere stories live. Discover now