الفصل 03: مالذي يحدث؟!

40 9 5
                                    

لقد مرّت 4 أيام منذ إنطلاق الرحلة، لم يحدث شيئ كبير في الأيام السابقة من غير تلك العاصفة التي أشعلت نار الهلع في نفوسنا و أخمدها قبطان السفينة بذكائه و خبرته، كنا قد قطعنا نصف المسافة تقريبا و نحن نمر الآن على خط الإستواء، التقلبات المناخية لم يتحملها الكثير مِمَّن على السفينة و لحسن حظي لم يؤثر ذلك عليّ.
كان قد حلّ الليل منذ مدة ليس بالطويلة، وكنت جالسا في غرفتي أطالع أحد الكتب الطبية.
كان كل شيئ هادئ وسط سكون الليل، و في لحظة خاطفة حدث انفجار مدوّي هز بالسفينة وسط المحيط
لم أفهم ماحدث في تلك اللحظة لكنني كنت جالسا على الأريكة و إذا بي أجد نفسي مطروحا على الأرض بسبب الإهتزاز الناجم عن الإنفجار.
إرتفع صراخ كل من بالسفينة و سمعت خطواتهم وهم يهرعون للخروج منهاو النجاة بأنفسهم، نهضت لأتبعهم أنا أيضا فبعد ذلك الإنفجار لابد أن يكون مستقبل السفينة الغرق لا محالة
وصلت للباب وقمت بفتحه وإذا بي أجده موصَد
يبدو أنّ ذلك بسبب إهتزاز السفينة قبل قليل، لكن لحظة المفتاح لم يكن على الباب لقد نسيت أين وضعته
بدأت أفتش بين أغراضي و بينما أنا أفعل ذلك شعرت بشيئ عند قدمي،نظرت للأسفل وإذا بي أجد الماء بدأ بغمر غرفتي، تابعت بحثي عن المفتاح في هلع شديد حتى وجدته
قمت بحمل حقيبتي على ظهري و فتحت الباب و خرجت منه بسرعة
الممر الذي بجانب غرفتي بدأ يُغمر بالماء فعلا و قد صعد كل الناس إلى سطح السفينة، بدأت بالجري في الممر و إذا بي أتذكر الغرفة التي بجانب غرفتي
نظرت خلفي و إذا بِباب الغرفة مغلق، على خلاف كل الغرف التي كانت هناك
عدت إليها بسرعة و قمت بفتح الباب و لحسن الحظ لم يكن مغلقا من الداخل، دخلت و إذا بي أجد فتاة قاعدة على سريرها وقد كان وجهها شاحبا، كانت تضم رجليها إلى صدرها بيديها و تعتلي وجهها ملامح الخوف و الرعب، سألتها عن سبب عدم خروجها فلم تجبني.
كان الماء بدأ يتسرب بسرعة فعلا و قد وصل الماء إلى نصف ساقي، فقمت بحملها بسرعة و لم تقاومني أبدا
بدأت بالجري في الممر و كان الماء يعيقني كثيرا
وصلت إلى الدرج المؤدي إلى السطح و بدأت بالصعود عليه، لم يكن حمل الفتاة عبئا عليّ فقد كانت هزيلة الجسم.
وصلت لآخر الدرج حتى خرجت وجها لوجه أمام القبطان الذي كان متوجها للأسفل، رآني و أنا أحملها وقد كان مذعورا، سألته "هل يمكنك شرح الذي يحدث بالضبط أيها القبطان، وما قصة هذه الفتاة التي كانت في الغرفة التي كنت تقصدها"
-رد عليّ"الإنفجار الذي حدث قبل قليل كان بسبب إحدى الغواصات الألمانية التي فجرت السفينة، ومصير السفينة هو الهلاك فقد دُمِّرت بشكل كبير، أما الفتاة التي تحملها بين ذراعيك هي إبنتي وكما ترى ليست في حالة جيدة أبدا"
-قلت له "هذا يعني أنّه يتوجب على جميع الركاب اللجوء إلى قوارب النجاة"
قال"لن يحدث هذا أبدا، فقد دُمِّرت كل القوارب مع الإنفجار ولا ملاذ لهم إلا الموت، حتى و إن نجحوا في إيجاد قارب ما فلن يتوجهوا إلى أي مكان، نحن في وسط المحيط الأطلسي "
رددت عليه"أنت تتكلم عن الركاب حسب كلامك ولا تقصدنا نحن أليس كذلك، هل لديك خطة ما لإخراجنا من هذا المأزق"
أجاب"حسنا بما أنك أنقذت إبنتي سأرد لك الجميل.
سأشرح لك الوضع بسرعة، يوجد قارب نجاة واحد لم يتحطم لأنه كان منفصلا عن القوارب الأخرى و لا يعلم بأمره إلا أنا، ليس كبيرا جدا لكنّه يفي بالغرض.
كل مانستطيع فعله في هذه الحالة هو الذهاب إلى أقرب جزيرة و انتظار سفينة تمرّ فتنقذنا، هذا القارب موجود على الجانب الأيسر من السفينة و كل الركاب يندفعون إلى ميمنة السفينة لذلك ميسرتها خالية و لن يرانا أحد"
-قلت له "ألن ننقذ أي شخص معنا؟! "
رد عليّ"بلى سنفعل، سآخذ إبنتي و أضعها على القارب أولا و أجمع بعض الأدوات من السفينة التي ستنفعنا في وقت لاحق، أمّا أنت فإذهب بين الناس و اختر شخصين يكون لهما بنية عضلية ضخمة و قادرين على التجذيف لوقت طويل"
قلت له"حسنا أنا ذاهب فلنلتقي على القارب" ناولته إبنته و انطلقت لأفعل ما أملاه عليّ.
كان نصف السفينة قد غُمر بالماء و لم يبقى على غرقها بالكامل سوى بضع دقائق، وصلت بين الناس وبدأت أنظر بينهم و أبحث عن شخص حسب المواصفات التي ذكرها لي، إرتعبت من الشعور الذي راودني حينها حيث كنت سأختار شخصين ليبقيا على قيد الحياة أما الباقي فمصيرهم الموت.
وبينما أنا أمشي بينهم حتى قابلني سعيد وقال لي"أين كنت، لقد كنت أبحث عنك"
-قلت له "لا وقت للشرح لكن تعال معي يوجد طريقة لنخرج من هنا أحياء"
قمت بإحضاره معي رغم أنه لا يملك قوة عضلية كبيرة لكنه ربما يستطيع مساعدتنا بطريقة أخرى، و صراحة لقد تغلبت عليّ عواطفي فلم أرد تركه يموت هناك.
مشينا أكثر بين الناس و لم أعرف أي شخص يجب عليّ اختياره حتى لمحت من بعيد أوليفيا الفتاة التي التقيتها أول مرة في غرفة عزف الموسيقى،ترددتُ و أردت أن أحضرها معنا أيضا لكنني أردت ضبط نفسي و إستعمال عقلي هذه المرة، لكن مشاعري تغلبت عليّ فعلا فناديتها من بعيد فالتفتت إلي و جاءت مسرعةً عندي
-قالت"هذا أنت يا فرانك، هل تعلم شيئا عن مايحدث هنا"
أمسكتها من يدها وقمت بسحبها دون أن أتفوه بأي كلمة ففهمت أني أريدها أن تأتي معي.
ذهبنا إلى حيث أخبرني القبطان ووجدته أنزل القارب على سطح الماء و لم تكن المسافة إليه بعيدة
كان هو و إبنته على القارب وموضوع بجانبهما عدة أدوات وأشياء.
-قال لي"لقد تأخرت، هيا بسرعة اصعدوا على القارب"
ثم نظر إلى سعيد و أوليفيا نظرة فاحصة ثم التفت إلي
وقال "لقد أحضرت معك أقوى شخصين على الإطلاق
أتمزح معي! ألم تسمع ما أمليته عليك قبل قليل"
-قلت له"أنا آسف لكنني لم أستطع أن أفرط فيهما"
-رد عليّ "حسنا لا بأس فلتصعدوا على القارب بسرعة"
بدأنا بركوب القارب الواحد تلو الآخر و حينما استعددنا للإقلاع حتى جاء لنا شخص يبدو طويل القامة و له شعر طويل نازل على كتفيه حامِلاً مسدسا بيده و رافعه نحونا و قال"إما أن أركب معكم أو سيحدث ما لن يَسُرَّكم"
لم أكن لأعرف أنه رجل إلا من نبرة صوته، فقد كان الظلام حالكا حينها
تنهد القبطان قليلا ثم قال"حسنا إركب معنا"
وهكذا كنّا ستة أشخاص على القارب منطلقين إلى مستقبل مجهول
كنا أنا، سعيد، القبطان و الشخص الذي انضم إلينا أخيرا نجذف بكل قوتنا، أما اوليفيا فكانت تضم إبنة القبطان المسكينة إلى صدرها و تهدئ من روعها
سألت القبطان"أيّ اتجاه سوف نتبعه"
قال"سنذهب إتجاه الشرق، على حد علمي هذا هو أقرب طريق يؤدي بنا إلى جزيرة ما"
كان الظلام حالكا و مصدر النور الوحيد هو ضوء القمر. ونحن نبتعد عن السفينة نظرت إليها و قد غرقت بالكامل و بدأ الماء بالولوج إلى سطحها
تحسرت عن وضع ركابها و هم يرون الموت أمام أعينهم.
كان قاربنا يرقص بين أمواج المحيط ونحن نبذل قصارى جهدنا في التجذيف و متجهين نحو مستقبل غامض.

أركادياOn viuen les histories. Descobreix ara