(١)الملكة المفقودة

Start from the beginning
                                    

يقبع بومة سوداء اللون على كتفه، وقد كان ذلك هو الكائن الحي الوحيد الذي قد يتقبله العريف في هذه الحياة بعد كتبه العزيزة بالطبع .

توقف أمام العرش يرمق الملك بحنق مكبوت حاول دفنه خلف جبال احترام وهمية، يقول بصوت خافت أجش واعينه تلتمع خلف خصلاته الطويلة الرمادية التي تكاد تخفي نصف وجهه :

" مولاي، طلبت رؤيتي ؟؟"

رفع الملك عيونه للعريف يحدق به مطولًا قبل أن يقول :

" هل وصلت لشيء بخصوص ملكتي أيها العريف ؟؟"

تأفف العريف داخليًا، ثم دار بنظراته في المكان يحاول أن يمنح عقله فرصة إيجاد رد مناسب على ذلك الملك المدلل الذي يجذبه من بين كتبه فقط ليسأله إن وجد له زوجته، ليس وكأنه يعمل مأذونًا شرعيًا .

" مولاي اعذرني، لكن أنا بحثت كثيرًا عن حالة تشبه حالتك في تاريخ الأسرة الحاكمة ولم يواجهني شيء شبيه به، لطالما كان مقدرًا لملوك هذه الأسرة أن يجدوا انصافهم بسهولة أو أن يسوقهم القدر صوبهم، لكن امهلني بعض الوقت لعلي اجد ما يزيل تلك الحيرة عنك "

نظر له الملك قليلًا، بينما العريف يبتسم له بهدوء وداخله يتأفف في انتظار لحظة صرفه من المكان بأكمله، والبومة على كتفه تصدر صوتًا مزعجًا وكأنها تشارك مالكها الرأى في الرحيل من ذلك المكان .

تحدث الملك بنبرة هادئة بعض الشيء وبتحذير مبطن :

"لكم من الوقت تعتقد أنني سأصبر ؟؟"

ابتسم العريف بسمة صغيرة هادئة ورزينة :

" لحين نجد ما تريده مولاي، فلا أظن أن قلة صبرك قد تُعجل من ظهور ملكتنا "

ابتسم الملك بسمة جانبية، يدرك أن ذلك الشيخ يعلم جيدًا كيف يتحدث وبما يتحدث، ومتى يتحدث، لذا لن يصل معه لحل سوى أن يصمت ويقول بهدوء مشيحًا بيده :

" لك ما تريد، لكن في النهاية عد لي بخبر يقين"

هز العريف رأسه يستأذن الملك راحلًا مبتسمًا بسمة واسعة أن قد تخلص منه، يهرول صوب مكتبته قبل أن يغير الملك رأيه ويستدعيه مجددًا.

دخل المكتبة بملامح واجمة جذبت انتباه تلميذه النجيب الذي اعتدل يقول ببسمة :

" مرحبًا أيها العريف لن تصدق ما اكتشفته للتو و..."

تجاهله العريف يطيح بالبومة عن كتفه مغتاظًا، لتطلق البومة صوتًا منزعجًا تحاول التحليق بعيدًا عنهم حتى يتحسن مزاج العريف  :

" لست مهتمًا بما اكتشفته يا ولد، دعني وشأني، لارى من أين سأحصل لذلك المدلل على عروس، هل أذهب واجوب أروقة سفيد مناديًا أن الملك يبحث عن الملكة المفقودة ؟؟"

نظر الشاب ليده التي تحمل خارطة النجوم يقول بصوت خافت :

" لقد علمت للتو أن موعد القمر الدموي قد اقترب وسيوافق منتصف هذا الشهر و..."

مملكة سفيد " أول الآثمين"Where stories live. Discover now