البارت التاسع والعشرون

ابدأ من البداية
                                    

قاد سيارته بسرعة كبيرة كعاصفة رعدية، وكأنه شخصًا لا تهمه حياته
حملت ليلى أمير وسحبت حقيبتها
-عشان خاطري ياماما خليني امشي، أنا وراكان مستحيل نكمل مع بعض
جلست زينب بعدما خارت قواها وتحدثت بصوت ام مكلومة
-راكان فيه حاجة مش مظبوطة دا ابني وأكتر واحدة أحس بيه، نهضت تقف أمامها
-طيب استني لما يرجع، هو بس تلاقيه..قاطعتها
وهي تتراجع تضم إبنها وهزت رأسها
-ماما لو سمحتِ، بلاش تتعبيني، أنا وراكان وصلنا لطريق مقفول
تحركت للخارج حتى وصلت للبوابة الرئيسية بعدما اتصلت بسيارة أوبر
توقف احد أشخاص الأمن أمامها
-حضرتك ممنوعة من الخروج، بناءً على أوامر الباشا ياهانم
أصيبت برجفة بسائر جسدها فصاحت صارخة
-افتح الباب بقولك انا لازم اطلع من هنا فورًا
جذب منها الطفل الذي علا بكائه واعطاه لأحد الأشخاص قائلا:
-خد أمير باشا وديه للمربية بتاعته ياسميح وقولها الباشا هيحاسبها لو خرج من البيت
اشتعلت أعين ليلى بلهيب مستعر وجذبت الولد منه، واتجهت للداخل وهي تسب راكان ثم رفعت هاتفها وقامت الأتصال به
-لو مخلتش كلابك يخرجوني حالا هموتلك نفسي، سمعت ولا لا
❈-❈-❈

كان يقود السيارة، ورغم مايشعر به إلا أنه ابتسم من بين أحزانه واردف
-مالك بس حبيبي متنرفزة ليه، ايكونش وحشتك، أكمل حديثه بعدما استمع لأنفاسها المحترقة التي أجزم انه لو أمامها لأحرقته فتحدث قائلا:
-متقلقيش عليا، خمس ساعات وراجعلك، هو اليوم يحلى وأنا بعيد عن لولة حياتي
اعترف لها بطريقة غير مباشرة بأن يومه لا يحلى سوى بها، هذا ماقالته لنفسها، خرجت من شرودها عندما استمعت لتنهيدته
-ليلى اعقلي أنا عندي قضية كبيرة وكل المصايب بتلاحقني، فياريت متعمليش حاجة تجنن ابويا، نفسي تفكري بعقل المهندسين مرة واحدة ..قالها ثم أغلق الهاتف دون حديث
صرخت ودبت أقدامها بالأرض
-هموتك ياراكان..جلست وهي تنظر إلى زينب التي ابتسم ثغرها فحملت أمير، وتحدثت:
-تعالى قولي ياميرو ايه اللي حصل من مامي عشان باباك يطلقها، توقفت عن الحديث بعدما تذكرت حديث ليلى، فاتجهت تجلس بمقابلتها
-ليلى كان فيه حاجة بينك وبين راكان قبل ماتتجوزي سليم، وليه قولتي سليم حماكي، ومين اللي قتل سليم يابنتي
توسعت عيناها مذهولة من حديث زينب فاتجهت بنظرها وهي تهز رأسها رافضة حديثها
-إيه اللي بتقوليه دا ياماما، قصدك إيه بأن فيه حاجة بيني وبين راكان، قصدك..قاطعتها زينب بهدوء عندما وجدت صدمتها
-لا يابنتي مش بعيب في تربيتك، أنا بس ..صمتت للحظة ثم سحبت نفسًا وزفرته بهدوء
-قبل ماسليم يخطبك بأسبوع، راكان جالي وقالي فيه مهندسة معانا، قصت لها ماصار في ذاك اليوم
اتسعت حدقيتها شيئا فشيئا وصدمة قوية احتدمت بين دواخلها وكأنها تلقت ضربة عنيفة فوق رأسها فهمست بتقطع
-هو قالك عليا..هزت رأسها بالنفي وأكملت
-هو مقلش وقتها بس بعد ماسليم اتكلم قالي خلاص مفيش اتفاق، ومرة تانية قالي كنت بتكلم عن نورسين، فسمحيني أني سألت مش قصدي اعيب فيكي، أنا كنت عايزة أعرف مين اللي خلت راكان يجي ويقولي يتجوز، مخبيش عليكِ وأقولك انه ماشي كويس، وكان وكان، وانه محبش، لا هو حب واتجوز بدل المرة كتير، الصراحة معرفهمش غير اتنين بس، شمس وحلا، كنت بسمع من يونس أن راكان اتجوز عرفي مرة، ومرة عادي، بس عمره ماجه قالي انا اتجوزت او بحب
نظرت بشرود وانزلقت عبراتها وأكملت
-كان فيه بنت جميلة اتعرف عليها واتجوزها بعد موضوعه مع حلا بسنة تقريبا، بس جه بعد فرحه بكام يوم  وهو بيبكي وبيقولي قتلوها في حضني ياماما ، ووقتها حصل خناقة كبيرة بينه وبين أسعد وساب البيت أكتر من سنتين، اشترى بيت بمزرعة واستقر فيه، وكنت ساعات ازوره، وساعات أعرف اخباره من يونس، وفضل اسمع انه اتجوز وطلق لحد ماجالي بعد خمس سنين وقالي عايز اتجوز وعايز اكون عيلة
ترنح جسدها واحست أن ساقيها فقدتا القدرة على حملها فجلست بجوار زينب وتسائلت
-ومقلش مين اللي كان عايز يتجوزها، مايمكن نورسين
ابتسمت بسخرية وأردفت
-هيكون عيلة  مع نورسين، طيب ماهو يعرف نورسين من أيام حلا،
استمعت لصوت حمزة بهاتفها الذي كان يتلاعب به أمير..جذبت الهاتف تستمع لصوته مع حمزة
-سيلين ودرة مخطوفين، يانهار اسود، قالتها ليلى وانتفضت من مكانها وجسدها يرتعش
وقامت بالرنين عليه مرة أخرى ولكنه كان قد وصل لعمله وهاتفه بوضع الصامت
-يعني ايه، يعني بنتي مش مع يونس، طيب إزاي وأنا اللي كنت مفكرها مع يونس، جلست تضع يديها على صدرها وتحدث حالها
-ياترى انتِ فين ياحبيبتي، ومين اللي له يد في خطفك، تصلب جسدها وهي ترفض فكرة ان توفيق علم بالأمر فأمسكت الهاتف وقامت الأتصال ب أسعد
-هترجع إمتى. أجابها أسعد الذي يمكث بجوار والده بالمشفى لعمل جلسة كيماوي
-قدامنا لسة ساعتين فيه حاجة..انزلقت عبراتها وتحدثت بصوت متقطع:
-سيلين اتخطفت ياأسعد، وراكان ماقاليش، تعالى هاتلي بنتي
انتفض من مكانه مبتعدًا عن والده:
-طيب اهدي، وأنا هشوف راكان..صرخت زينب وجسدها يرتجف
-عايزة بنتي يااسعد، دلوقتي فهمت راكان أخد سلاحه ليه، ولادي ياأسعد، اتصل بأبنك وخليه يرجعلي، كفاية واحد مات
قالتها ثم جست على ركبتيها تبكي بإنهيار، ضمتها ليلى
-ماما اهدي لو سمحتِ، هتصل بحمزة يطمني، وليه راكان مقليش، انتِ كدا بتقلقيني، وهو مش دايما بياخد سلاحه ولا إيه
نهضت وهي تدور بالمكان
-لا مابيخدوش، يارب استر، يارب رجعهم لحضني بالسلامة
بمنزل بأحد الضواحي النائية عن المدينة، وخاصة بذاك المنزل، كان الظلام يحاوطه  تجلس بجسدًا مرتعش وهي تهمس باسمه
-حمزة انت فين..دلف أحدهما ينظر إليها بصمت
-لسة نص ساعة لو مجاش بالورق اللي عنده هتموتي ودا مش تهديد
هربت أنفاسها وشعرت بإنسحاب الهواء من الغرفة،فتحدثت بصوت باكي
-هو مين قصدكوا على مين؟! تسائلت بها درة
دلف آخر وهو ينهره قائلا:
-مش دي ياغبي ، شوف البت التانية
تحرك حتى وصل إلى سيلين التي تجلس بهدوء، رفعت نظرها للذي دلف واتجه يقف أمامها
- نص ساعة لو اخوكي مبعتش الورق اللي عنده هنموتك
رسمت ابتسامة سخرية على وجهها رغم خوفها واردفت
- لا بلاها انتظار وموتني دلوقتى عشان مش انا اللي اخلي اخويا يخسر كرامته في الشغل عشان ناس ذبالة زيكم
دنى ثم لف خصلاتها حول كفيه وجذبها منه
- هيجبهم وغصب عنه وعنك،، ياإما تموتي وقبل ماتموتي نتمتع بالجمال الرباني دا
بصقت على وجهه وأردفت
- واحد حقير زبالة، اكيد مجرم ماهو مش معقول راكان ممكن يظلم برئ
صفعة قوية على وجهها حتى سقطت على الأرض وامسكها من خصلاتها يجرها بقوة
- هنتصل بيه لو متكلمتيش  هموتك ،
عند راكان، كان يجلس بجوار الضابط ويتابع الكاميرات في ذاك الكافيه، وجد السيارة التي وقفت أمامهم فجأة، وفُتح بابها وجذبوهما بعنف عندما اتجهت سيلين لسيارتها، في حين كان حمزة يقوم بركن سيارته..اسرع خلف السيارة حينما استمع لصرخات  درة، لحظات فقط توقف جسده وهو ينظر لتلك السيارة التي لايوجد بها لوحة تكتب عليها الأرقام
❈-❈-❈

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن