البارت الواحد وعشرون

65.6K 857 48
                                    

فعشقُ القلب مثلُ الروحِ لا يفنى
وعشق العين لا يبقى وإن دامَ
فأما العين كم ترقى لفاتنةٍ
واما القلب يوفى العهد إبراما
وما بالي وأني عشقتُ لا أدري
وكان العشقُ لي ماضٍ وأوهاما
وذابَ القلبُ والأرواحُ قد ذابت
فقال الناسُ كان الحبُ إجراما
فقلتُ الحقَ لو حبي هو جُرمي
فإن القلبّ بالإجرام قد هامَ..

❈-❈-❈
باي  يامدام هستنى المرة الجاية بفارغ الصبر ومتخافيش هعرف قيمتك.. قالها وهو يمشط نظراته على جسدها بوقاحة ثم رفع نظره لوجهها الذي اصبح كالاموات
هنا شعرت بألم هائل يجتاح قلبها قبل جسدها... قبضة قوية اعتصرت قلبها وهو ينظر لها بتلك النظرات
أمتلأت عيناها بنيران الغضب... نظرت له بذهول فتحركت إليه سريعا كالفهد المفترس ثم قامت برفع يديها لتصفعه
- اتجننتي!! مفكرة نفسك مين، دا حتى لسة مشتري ليلة بعشرين مليون..
تساقطت دموعها بغزارة وهي تهمهم بكلمات كفاقدة الحياة بعدما كانت تشعر منذ قليل بسعادة الكون وهي بأحضان حبيبها
- بكرهك... قام بإشعال تبغه ونفثه بوجهها مكملا حديثها
-ومكهرتيش في حياتك قدي، غيره لو خلصتي كلامك،  ممكن تسبيني أغير هدومي، أما بقى لو عايزة نكمل حاجة تانية معنديش مانع 
تراجعت للخلف وهي تهز رأسها ودموعها تغرق وجنتيها، قلبها بدأ يصفعها دون رحمة حينما استمعت لكلماته التي حطمت قلبها وجعلته فتات مبعثرة، دارت الأرض تحت قدميها وشعرت بتوقف تنفسها، فاستدارت دون حديث 

تحركت بحركات واهنة ضعيفة كفاقد الحياة
نظر إلى شحوب وجهها الذي تحول لشحوب الموتي بعدما كان يضج بسعادة عيناها بأحضانه، كان يقاتل بضراوة ألم قاتل بأنحاء صدره، تحرك خطوة خلفها، ولكنه تذكر حديثها المهين لرجولته، فتراجع ثم أغلق الباب بعنف حتى اهتزت جدرانه
زفر باختناق واتجه لشرفة غرفته
اما عنها... اتجهت سريعا إلى غرفتها دون هدواة خرجت كطائر ذبيح... ارتعاش بجسدها بالكامل... تتمنى الموت كلما تذكرت صفعاته لها بكلماته الدامية،  كيف لها أن تعشق رجل بجبروته
ارتدت ملابسها سريعا بعدما قامت بتمزيق قميصه بأبشع الطرق وإحراقه بالمكواه التي توضع بركن الغرفة.. وضعت حجابها دون اعتداله وخرجت سريعا من ذلك المنزل الذي شهد بأسوء ليلة تمر بها
وقف في الشرفة ينفث دخان سيجاره كلما تذكر دموعها... كأن قلبه يكتوي ألما ووجعا... يود لو يذهب إليها ويضمها بكل قوة حتى يشبع روحيهما
أغمض عيناه عندما تذكر لحظاتهم الحميمية.. ابتسم بخفوت عندما تذكر همسها باسمه.. فتح عيناه فجأه عندما استمع لخطوات حذائها ذو الكعب العالي... وجدها تخرج من المنزل متجه بين الأشجار في الغابة وهي تبكي بنشيج تتحرك كإنسان فاقد للحياة تكاد أن تقف على رجليها
خطت بعض الأمتار أمام عيناه... نزل سريعا متجها إليها يبحث بعيناه عليها... دلف الى الغابة خلفها وهو يصيح باسمها.. يكاد يموت خوف عليها... شعر باختناق روحه عندما لم يجدها... هزة أصابت جسده وتمنى بعدها الموت لا محالة من افتقدها
ظل يسير خلف أثار اقدامها التي اتضحت بأنها قامت بخلع حذائها...
هنا هدأ روعه عندما استمع لشهقاتها وجلوسها بعدما تمزق فستانها من الأشجار وجرح كتفها
اقترب اليها بهدوء.. احس بوخزة مؤلمة شقت صدره لنصفين:
ليلى أردف بها بعدما وقف بمقابلة جلوسها
نظرت إليه بأعين تغشاها الدموع... أعين منتفخة ابكت بكل ماتحمل من الالم على مااشعرها به
انحنى بكل أنفاسه الحارة التي ألهبت كيانه واختنقت روحه عندما شعر بفقدانها
ضمها بكل مايملك من قوة وتسائل
- انتِ كويسة... ورغم ماأصابها إلا إنها شعرت بالأمان بأحضانه... سكنت للحظات
وبدأت تبكي مرة اخرى
- ليه!! ليه تعمل فيا كدا.. ليه تموتني كدا
رفعت عيناها الباكية
- لية بتكرهني أوي كدا!! ضم وجهها وأردف :
- اشش.. اسكتي.. متعرفيش حاجة... مجنونة انتِ أكرهك إيه.. انسدلت دمعة خائنة بعدما نعتته بكره لها
اقترب ضامما ثغرها  الذي أدمنه، حيث جعله كجرعة هيروين تريح أعصابه..وضع جبينه فوق خاصتها وأردف بصوتًا مبحوح:
- ياريتني اقدر اكرهك.. صدقيني لو ربنا بيحبني عايزه يكرهني فيكي
- بس أنا بكرهك ، على رغم من كلماتها التي ذبحته إلا أنه قام بحملها بعدما تساقطت الأمطار بغزارة
- عارف إنك بتكرهيني.. يابختك
حملها متجها للمنزل... وهي ترتعش بين يديه وتتمتم  ببعض الكلمات التي تسبه بها ضمها لحضنه
- راضي بكل اللي تقوليه.. وضعها على الاريكة وقام بإشعال المدفأة مرة آخرى بعدما وجدها ترتعش من برودة الجو... اتجه للغرفة يحضر لها شيئا ترتديه... ولكنه ذُهل من وجود قميصه المحترق والممزق... أخرج قميصا اخر  .. ونزل سريعا مع بعض الأغطية وقام بخلع ملابسها بالكامل التي تمتلأ بمياه الامطار.. وألبسها قميصه
كانت يديه تتحرك بعشق على وجهها وشفتيها المتورمة وهو يردف:
- لو انتِ بتكرهيني أنا بعشقك... مقدرتش اكرهك حاولت بس مقدرتش، قالها وهو يضمها لأحضانه؛ بعدما وجد جسدها يرتعش بالكامل
رفعت يديها على وجنتيه
- أنا كدابة!! متصدقش كلامي، كانت حرارتها ارتفعت... بدأ  بعمل كمادات باردة لخفض حرارة جسدها الذي يرتعش بين يديه
همهمت بين اليقظة والنوم
- بحبك اكتر واحد في الدنيا دي.. حتى أكتر من نفسي وضعت رأسها في حضنه ومازالت تهذي ببعض الكلمات
عايزاك تحبني زي مابحبك وبس... على رغم كلماتها التي أروت قلبه... إلا انه تذكر شرطها 
مسد على شعرها الأسود المبتل الذي يشبه سواد الليل، يضاهيه بحر عيناها الأسود  اللامع، وبشرة حليبية يزينها خدان شهيان وثغر كنعقود عنب، دنى ملتقطًا ثغرها في قبلة شغوفة، وهو يسحقها بأحضانه، عندما قالت:
-راكان متزعلش مني، عارفة اني وجعتك كتير،أنا محتاجة الفلوس عشان بابا، وكمان قولت عشان اوجعك زي مابوجعني، ايوة  إنت السبب، إنت اللي خلتني مجنونة بالغيرة، رفعت كفيها وتشابكت أصابعهم، ونظرت لعيناه
-قولي أعمل  ايه في غيرتي  دي، أعمل إيه وانت بتقولي حاجة وبتعمل حاجة، كسرتلي قلبي وروحت خطبت واحدة، وأنا مراتك، ضحكت عليا وفهمتني إنك بتحبني، وانت بتنتقم مني، طيب اديني عقل يخليني اسامحك
دققت في ملامح وجهه:
-راكان اثبتلي مرة واحدة إنك فعلا بتحبني
احتضن وجهها الذي ارتفعت حرارته واقترب منها
-راكان بيعشق ليلى، صدقيني فيه حاجات مينفعش احكيها؛ خليكي واثقة أني بعشقك، بعشقك لدرجة قلبي بيوجعني لما بتبعدي عني، شوفي بقالنا كام شهر والوضع بيسئ بينا، ليلى أنا بحبك والله مش كلام
بدأت تملس على خديه:
-راكان أنا سقعانة غطيني، جذب غطاء آخر عندما وجد جسدها يرتعش، حملها متجها للفراش حتى تنعم بالدف،  تسطح بجوارها وهو يضمها بكل قوة؛ قلبه يفعل به ما لا يتحمله عقل
بعد فترة ذهبت بنومها من شدة حرارتها، قام بوضع كمادات على جبينها كي تنخفض حرارتها، ضامما اياها لاحضانه
اخذ شهيقا عميقا ثم زفره ببطئ، بعدما شعر بصراع بين قلبه وعقله، ويتذكر حديثها منذ قليل
كان عقله وقلبه مشتتين بين شقى الرحى
حبيبته وعشقه بين يديه بكيانها وكينونتها ابتسامة شقت ثغره حينما تذكر غيرتها، وتذكره مافعلته معه، بعدما اصبحت ملكه ..
ربت على خصلاتها وهو يستمع همهماتها
-"آسفة متزعلش مني" ..تسطح بجوارها وبمخيلته لحظاتهم الأخيرة وحديثها عن غيرتها، تمنى لو تحدثت بتلك الكلمات وهي بين أحضانه ، هو يعلم إنها لا تشعر بما تتفوه به بسبب إرتفاع حرارتها..
بسط أنامله يتحسس شفتيها، ، ظل يتلمسها بإبهامه مبتسمًا

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن