البارت التاسع عشر

Start from the beginning
                                    

❈-❈-❈
رعشة أصابت قلبه، حتى فقد النطق من صراخ أسما بإسمها..لحظات مرت عليه كالدهر مردفًا لسائقه، أرجع للمكان اللي كنا فيه
اتجه السائق مستديرًا مرة أخرى، نظر للطريق أمامه، وكأنه شعر بطوله حتى انقطع تنفسه، ونيران الذنب تحرق أحشاؤه تجاهها، نيران فقط داخل صدره، لو خرجت لأحرقت العالم، تمنى لو يمتلك جناحين حتى يصل إليها ويطمئن روحه عليها
وصل أمام المبنى ولكنها لم تكن موجودة، استمع لبكاء الطفل الذي لم ينقطع
-انتوا فين ياأسما؟! تسائل بها راكان بشفتين مرتجفتين ..أجابته وهي بسيارة الإجرة
-رايحين المستشفى، ليلى مابتفقش
تحركت السيارة وهو مازال يحادثها وبكاء الطفل الذي لم ينقطع وكأنه شعر بوالدته، وصل بعد قليل، حمل الطفل ودلف للداخل يبحث عنهما، وصل للغرفة التي يتم بها الكشف مثلما قالت له أسما
وجدها متسطحة على الفراش، والطبيبة تقوم بفحصها ..رفعت نظرتها الطبية وتحدثت بعملية
-هبوط حادة في الدورة الدموية، وقلة غذا غير الأرق والإجهاد اللي واضح عليها
اقترب منها بعدما أعطى الطفل لأسما، ثم ثنى جسده وحملها، صاحت الطبيبة صارخة
-حضرتك دي لازم يتعلقلها محاليل فورًا
تحرك دون حديث، وهو يوجه نظراته لأسما بالتحرك...تحركت أسما خلفه بالطفل حتى وصلت لخارج المشفى، وجدت نوح وحمزة بالخارج
أسرع نوح إليها يجذبها بعنف صارخًا بها
-اركبي حسابنا بعدين، تلقف الطفل وهي تبتعد وتهز رأسها
-مش هروح معاك في حتة، سمعتني، أعطى الطفل إلى راكان الذي جلس بالخلف بجوار ليلى وهو يحاوطها بذراع، وحمل الطفل بالذراع الآخر
تحركت السيارة وهو يضمهما بذراعيه، نظر لخصلاتها المتمردة بلونها الذي يشبه ظلام الليل
اكتسح الحزن ملامحه وسقط قناع القوة عن وجهه متنهدًا بألمًا يمزق روحه
وضع ذقنه على رأسها التي بأحضانه
-معرفش ليه دايما الحظ معاكسنا ياليلى، تفتكري ربنا بيجازيني على حبي ليكِ
لامست أنامله وجهها وهو يرسمها بعينيه، ملامح وجهها الذي ابدع الخالق بها، ثغرها المرسوم كنعقود عنب، ووجهها رغم شحوبه إلا أن به سحر خاص يجذب اعتى الرجال، منحنياتها المفعمة بالأنوثة، وخصرها المنحوت بأنوثيتها كقيثارة رائعة، ناهيك عن عيناها التي تسحره بجاذبيتها، لامست انامله وجنتيها التي تشبه التفاح الناضج، لم يشعر بنفسه وهو يميل بشفتيه يطبع قبلة عليها هامسا لها
-عايز أعاقبك وقلبي مش قادر، قوليلي أعاقبك إزاي بعد ماعيشتيني أسوأ ساعات في حياتي
مازال ينظر إليها وإلى عيناها المنغلقة
-كرهت الحب اللي بيضعفني دا، عمري ماكنت ضعيف كدا، لازم تتعاقبي ياليلى مستحيل أسيبك من غير مااشفي غليلي ووجع قلبي منك
ضمها يستنشق رائحتها بتلذذ وأكمل
-كان لازم أعاقبك أصلا من الأول، من وقت مااتنازلتي عن حبي وروحتِ اتجوزتي أخويا، لو عاقبتك وقتها مكنتيش غلطي تاني، بس الصبر حلو، لولا متأكد من حبك ليا كنت خليتك تتمني الموت، أنا هعاقبك بطريقة قلب راكان، ماهو اللي يحب ميستحملش يشوف حبيبه بيتوجع وأنا مش بس بحبك، همس بجوار أذنها..أنا بعشقك مولاتي، وعلى قد عشقي على قد عقابي، لازم تتحملي ياليالي القلب
وصل بعد قليل إلى القصر، توجهت زينب إلى السيارة سريعا، تهرول بخطواتها ناحية السيارة كطفلة تبلغ من العمر عشر سنوات، نظرت بداخل السيارة تبحث عن حفيدها
-أمير فين أمير ياراكان...فتح باب السيارة، وتناولت الطفل تضمه بقلب أمٌ فقدت قرة عينيها "ياحبيبي يابني، كدا تبعد عن نَاناَ ياأمير"
نظرت للتي مغشيا عليها حينما حملها راكان ودلف بها للداخل، وجد الجميع ينتظرونه بالداخل، اتجه توفيق صائحا بغضب
-البت دي جبتها ليه؟! البت دي لازم تترمي في مذبلة برة
-توفيق باشا..صرخ بها راكان، استدار بجسده وهو يحملها
-شكلك نسيت اللي بتتكلم عنها دي بتكون مرات راكان البنداري، اللي بس ينظرلها مجرد نظرة مش تمام أمحيه من على وش الدنيا، حتى لو كان إنت، فابعد عن مراتي
وزع نظراته على الجميع ثم اتجه بنظره إليها
-اللي أنا شايلها دي مراتي، عارفين يعني إيه مراتي، أنا المسؤل بس عليها والولد من يوم ماسليم مات بقى ابني، أي حد عنده كلمة يوفرها لنفسه...قالها ثم صعد بها بعض الدرجات
مراتك اللي هربت منك بعد كتب الكتاب بساعتين ياحضرة النايب، طيب قول الكلام دا لحد تاني
توقف وكأن كلماته ضغطت فوق جرحه المتقيح، فانفلتت أعصابه وصاح بصوت جهوري
- كلمة كمان وهنسى إنك جدي، سكت ابوك يابابا انا مليش خُلق، فهمه ان دي مرات راكان مش سليم

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now