البارت السادس عشر

ابدأ من البداية
                                    

❈-❈-❈
بقصر البنداري قبل قليل
نهض عاصم يقف أمام ابنته، ونظر ليداها المتشابكة بيد راكان
-ليلى إنتِ فاهمة معنى كلامك، يعني هتجوزي اخو جوزك بعد ماتولدي يابنتي
حاولت سحب كفيها ولكنه ضغط عليها حتى يعلمها أنها بقبضته دائما، فاتجهت لوالدها
-بابا أنا مش هقدر ابعد ابني عن جدته، وكمان سليم وصى راكان بكدا، إستدارت برأسها ترمقه بنظراتها الهادئة
-مش كدا ولا إيه ياحضرة النايب، مش سليم الله يرحمه وصاك بكدا
نبرة الألم في صوتها وكلامها الموجه له بمغذى جعله يترك كفيها متجهًا لوالدها
-أستاذ عاصم عايز أعرفك أخر حاجة قالها أخويا مراته وابنه، فمهما كانت الظروف أنا مستحيل أفرط فيهم، يعني عشان نبقى على نور كدا
-ليلى مش هتخرج من البيت دا، سواء عدتها خلصت أو لا فهي خلاص بقت فرد من عيلة البنداري، فياريت حضرتك تراعي الظروف
قاطعه عاصم هادرا:
-افهم من كدا إيه حضرتك بتهددني إنك هتتجوز بنتي حتى لو غصب عني
حمحمت زينب عندما وجدت خروج راكان عن سيطرته فأردفت
-معاذ الله أستاذ عاصم مش قصدنا كدا ابدا، بدليل أننا اتكلمنا مع حضرتك ومع ليلى قبل ولادتها اهو، ليه التهديد
أتجه عاصم لأبنته:
-حبيبتي لو عايزة تمشي من البيت دا بعد ولادتك، متخافيش محدش هيقدر يعملك حاجة
قبلت يد والدها وابتسمت له
-انا قولت لحضرتك يابابا، انهم بقوا اهلي، ومقدرش ابعد طنط زينب عن حفيدها، وبعدين انتوا بتتكلموا في إيه أنا لسة قدامي تلات شهور لما اولد، وبعد كدا يبقى نتكلم
أومأ عاصم برأسه قائلا
-فعلا عندك حق حبيبتي، لسة بدري إحنا بنتكلم في إيه
اتجه راكان سريعا بنظره إلى نوح حينما اكتشف لعبته، كور قبضته وهو يحدث نفسه
-إزاي مااخدتش بالي ان عدتها بعد الولادة، يانوح ياكلب ماشي بتلعب بأعصابي
رفع نوح حاجبه يغمز له ثم تحدث
-طيب ياعمو عاصم بدل اطمنت على لولة هنمشي ولا أمشي وحضرتك تكمل سهرتك
تحرك راكان إليه وتحدث
-لا فيه موضوع يانوح عايزك فيه، غمز نوح لأسما
-بعدين ياراكان، أسما تعبانة ولولا ليلى كلمتها مكنتش هتيجي، هجيلك بكرة سلام
قالها وهو يجذب أسما من كفيها متحركًا يهمس ليونس
-كله ماشي بالمظبوط، عايزك تزود الجرعة الليلة، عايز بعدها اتصل بيه يقولي اغتصبتها
أفلت يونس ضحكة صاخبة جعل  الجميع ينظرون إليه
خرج الجميع بعد فترة قليلة، جلست ليلى بجوار سيلين في الحديقة بعد مغادرة زينب غرفتها، كانت تجلس مغمضة العينين، تستنشق رائحة المطر ثم تحدثت
-بحب ريحة المطر قوي، تعرفي طول الشتا مفيش حاجة اعملها غير اقعد في البالكونة، واشرب قهوتي واسمع فيروز وبأيدي قصة او كتاب علمي، أو ممكن اجيب قصص اجنبية واترجمها
-واو إيه الجمال والرومانسية دي، مع إن اللي يشوفك ميقولش كدا، فتحت عيناها تطالعها متسائلة:
-مش فاهمة يعني إيه مش باين عليا، اعتدلت سيلين تطالعها
-متزعليش مني مش كدا، طالعتها بعيونها الذابلة واهدابها الحزينة
-قولي يابنتي بدل ماأنا هبلة ومش عارفة نفسي
أمسكت كفيها
-بحسك شديدة كدا، مش رومنتيك، لا واقعية جدا، مع إنك كيوتي خالص، دنت وهمست لها :
-عمري مادخلت عليك الأوضة لقيتك بتسمعي أغاني رومانسية يالولا، ودايما بترنج ماما فاتيكات
ضحكت ليلى عليها، رغم مامرت به منذ ساعة تقريبًا إلا أن حديث سيلين البسيط أخرجها من آلامها
رجعت كما كانت قائلة:
-لا ياسيلي، الرومانتيك مش بالمظاهر، الرومانتيك بالأحساس، قاطعهم وصول يونس
-سيلين ممكن أتكلم معاكِ شوية، عقدت حاجبيها ترمقه ثم اجابته:
-مش فاضية، ولا ليا مزاج أكلم حد، فيك تعدي علينا في وقت تأني
كأنه لم يستمع حديثها، فأمال يجذبها من رسغها
-مش باخد اذنك وهعرفك لما اتكلم تردي إزاي، قالها وهو يجذبها، بدأت تلكمه ولكنه كان كالجدار لم يتحرك
ظلت تتابعهم بعينيها حتى اختفيا من أمامها، شعرت بشيئًا ثقيل يوضع على كتفيها، رفعت نظرها وجدته معذب قلبها
أزالت الوشاح الذي وضعه، ونهضت متحركة للداخل، أمسكها من رسغها واقترب منها
-عجبتيني الصراحة مكنتش أتوقع منك كدا
انكمشت ملامحها بإعتراض على حديثه فاستدارت إليه ودنت منه
- لا لا زوجي المستقبلي متخيبش ذكائي قصدي غبائي وتقولي اني رضيت بتهديدك ليا ولعيلتي، دنت حتى تجرأت ترفع كفيها على قميصه وكأنها تزيل شيئا به ثم رفعت عيناها تنظر لمقلتيه مباشرة
- أنا هفضل في البيت زي ماحضرتك أمرت طبعا، اومال مش راكان البنداري امر، الكل عليه الطاعة
دنت اكثر من المسموح وأكملت ماجعلته هشا
-عشان كل لما تشوفني قدامك تفتكر سليم، وكمان عشان والدتك تشم ريحة إبنها اللي يستاهل الحزن العمر كله عليه، وكمان أهرب من كلام الناس كل شوية دي ارملة، وبابا يزهق من العرسان فأنا كدا احسنلي
قالتها وتحركت من أمامه
هزة اصابته من تلك الشرسة، وتصاعد غضبه حتى اسودت عيناه يجذبها بعنف لتستقر بأحضانه
اهتزت حدقيتها خاصة حينما استنشقت رائحة عطره التي جعلت ساقيها كالهلام، حاولت الخروج من أحضانه إلا أنه كان الأكثر متحكمًا
تحدثت من بين أسنانها
-اتجننت ماسكني كدا ليه، انت هنا اخو جوزي لسة يامحترم، حاوطها بالوشاح على أكتافها
-قصدك أرملة اخويا، وكمان مراتي المستقبلية، وعايز أعرفك من وقت ماقولتلك هكتب عليكي، اعتبري انك مراتي، يعني بالبلدي كدا ياليالي دلوقتي تخصيني، والورقة وشهور العدة دول بس اللي بعديني عنك،  دنى ينظر لسواد ليلها الذي أقسم بأنه كرحيق الزهور لعسل النحل
وأردف وهو يرسم ملامحها بشمسه:
قولتيلي ريحة أخويا، اقترب يهمس بجوار اذنيها:
وعد مني يالولة أول حاجة هعملها أفركك من الريحة اللي كل شوية نفخاني بيها دي
خليكِ فاكرة كويس إنك اللي ابتديتي، دفعته بقوة وانتزعت يديها من قبضته والتفت تصرخ بوجهه
- إيه الجنون دا، ابعد عني، متخلنيش اشتكيك لماما زينب، انت محرم عليا ياأستاذ يابتاع القانون، ولا مشيك البطال نساك دينك، اللي المفروض عارفه وحافظه يابتاع القانون
دنت خطوة ترمقه بشراسة، ثم لكمته بصدره
-كل مرة بتنزل في نظري ياراكان يابنداري، فيه واحد محترم جاي عايز يتجوز مرات أخوه وهو لسة مكملش خمس شهور ولسة في شهور عدتها
اقتربت اكثر ونظرات نارية لو تحرق لأحرقته كاملًا  وأكملت
-انا هشفي نفسي منك ياراكان، ووعد من ليلى المحجوب لأخليك تندم على كل دمعة نزلت من عيوني بسبب مستفز ذيك
قالتها وصعدت سريعا لغرفتها، وأنفاسها كمصارع، أمسكت احشائها وهي تسرع للوصول لمرحاضها للتقيؤ عندما غلفت رائحته رئتيها
أما عنده  لحظات بل دقائق تصنم جسده ليكرر عقله ماقالته، أسرع خلفها وقبل إغلاقها لغرفتها دلف يجذبها بغضب جحيمي
وثبت كالملدوغة عندما وجدته يجذبها بتلك الطريقة، دفعته وصاحت بغضب، عندما فقدت السيطرة على نفسها لتقيؤ

عازف بنيران قلبي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن