||1||

194 23 14
                                    

" ساندي .. تعالي الى هنا صغيرتي " "حادل ماما " ما زلتُ اواجهُ صعوبة في نطق بعض الاحرف .. اطلقت تنهيدةً في داخلي .. حياة الاطفالِ صعبة .. بالكاد يمشون او يتكلمون .. كنت اسير بصعوبة متوجهة الى والدتي ، لا اصدق انها جعلتني اذهب اليها كل هذا المسافة ، حسناً هي ليست طويلة كثيراً و لكن عمري ثلاث سنوات بحق الجحيم السابع .

"اوه .. انظروا الى صغيرتي اللطيفة .. الستِ كذلك ؟ " حملتني حالما وصلت اليها و قبلت كامل وجهي ، ابتسمت لها و دفنت وجهي في رقبتها ، حضنها دافئ جداً في النهاية .. هي والدتي .. والدتي التي لم احصل عليها يوماً .

انا فقط لا افهم ، من المفترض أنّي مُتُّ من كثرةِ الضربِ الذي تلقيته من والدي ، بعد أن أخبرته زوجته اللعينة أني قد تأخرت في العودة الى المنزل ؛ كل ما اعرفه أني قد اغمضتُ عينَيَّ لأستيقظ و اجد نفسي في مكان غريب ، و ناس اغرب

" هل صغيرتي متعبة من اللعب طوال اليوم ؟ ما رأيك في النوم الآن ؟ " قاطع سلسلة افكاري صوت والدتي و هي تمسح على ظهري اثناء حملها لي
دافئ ، كل ما فكرت به الان هو حظنها الدافئ ، حنان الام شعور لم اجربه في حياتي السابقة ابداً ، كونها ماتت عند ولادتي ، و بعدها تزوج ابي من امرأة اخرى ، و التي ياللصدفة تكون صديقة والدتي المقربة ، جدتي هي من ربّتني سابقا الا ان ماتت عندما كنت في السابعةِ من عمري .

عندها اضطررت للعيش مع والدي و زوجته ، و التي بالمناسبة لم تكن لطيفة ابداً ، كانت مجرد لعينة قبيحة ، هل اخبرها احدهم أنني خادمة تحت قدميها ؟ سأقتله ! عشت حياتي بين الضرب و الاهانة كل يوم ، كانت الكتب و الروايات هي المفضلة لديَّ دائماً ؛ كانت المهرب الوحيد لي من حياتي المقرفة ، رغم أن ان والدي~ ؛ عذرا ! من كان يسمى والدي دائما ما يمزقها و لكن ذلك لم يمنعني من مواصلة القراءة ، كنت كالمدمن عليها ، كانت كالهواء الذي اتنفسه

الى ان جاء ذلك اليوم المشؤوم _ او السعيد ! لا ادري . مختصره أني قد تأخرت في المكتبة ... لم اشعر بالوقت و عدتُ مسرعة الى المنزل ، حالما دخلت استقبلني والدي بملامح غاضبة و عيون حمراء كالدم " أين كنتِ ؟ " اردف يسألني رغم أنه يعرف الاجابة جيداً ، لكنه دائماً كان ما يهينني امام زوجته و ابنته ، اوه لم اخبركم أنني امتلك اختاً ، اختاً تجسد معنى الخبث و القذارة ، كوالدتها تماماً

" كنتُ.. في.. في المكتبة " تمت بإجابتي بصوتٍ خافت ، شعرت بلسعة حارقة على جانبِ وجهي الايمن إثرَ صفعته لي " تظنين أنني سأصدقك أيتها الحقيرة ؟ ها ؟ أجيبي ! " انا لم افهم ، هو دائما ما يعرف أني اذهب للمكتبة ، و ليس و كأنني تفاجأت من صفعه لي ، ليست اول مرة يفعل ذلك ، ما فاجأني هو غرابة تصرفه ، و كأنني قد قمت بجريمة ما ، و مما زاد شكّي هو ابتسامة زوجة والدي الخبيثة

شعرت به يشد شعري من الخلف بقوة ، اكاد اقسم إني شعرت به يخلع من جذوره " أخبريني من ذلك اللعين ؟! " اردف بهسيس قرب وجهي ، ماذا ؟! عمّا يتكلم هذا الخرف ؟! أيُّ لعين ؟! ، شعرت برأسي ينبض من الالم إثرَ زيادة قوة شده على شعري " اجيبي و اللعنة ! " اردف بصراخ يكاد يَصُّم أُذني ، "  أن.. أنا ل.. لا افهم مم ..مما تتقصده " تمتمت بصعوبة بسبب ألمي ، وضعت يدي على يده التي تمسك شعري في محاولة تخفيف الالم بدون جدوى " لقد اخبرتي كاثرين ، من هذا اللعين الذي ذهبتِ للقائه ، ها ؟ ظننتِ أنني لن اعرف بقذارتك أيتها الوضيعة ، أنتي مجرد قذرة خائنة كوالدتك " صرخ بوجهي بحدة و عرقه ينبض بقوة من رقبته ، كاثرين اذا ها ! كان يجب ان أعرف ، ثم ماذا يقصد بأن أمي خائنة ، انها المرة الاولى التي يذكرها فيها

" أنا .. لا .. اعرف عمّا تتحدث ، لقد ... كنتُ في .. المكتبة " استجمعت شجاعتي لأجيب " يم.. يمكنكَ سؤال أمينة المكتبة عن ذلك " شعرت بصفعة قوية تحط وجهي ، افلت شعري لأقع على الارض " تظنين سأصدق ما تقولينه ؟ و أكذب إبنتي ؟ " قال بحده ، ولكن ، و لكن أنا إبنتك أيضاً !! ، شعرت بلسعة حارقة على طول ذراعي لأصرخ بقوة ، لقد ضربني بحزامه ، شعرت بلسعة أخرى و أخرى ، " تستحق ذلك .. هي بحاجة الى بعض التأديب .. كيف تفعل لذلك بنا .. بعد أن آويناها ، تلك المشردة " سمعت كلام زوجة أبي و هي تحثُّه على ضربي أكثر ، ليس و كأنه كان يحتاج الى دافع ، صرخت بألم و حرقة .. بكيت و توسلت له أن يتوقف ، حتى أنني توسلتها أن توقفه ، لكنها لم تفعل ، بكيت من الالم في قلبي أكثر من الم الحزام على جلدي ، مالذي فعلته لأستحق هذا ، لما لم يحبني كما أحب كاثرين ، أنا إبنته أيضاً ، لم يعاملني لمرة واحدة بحنان ، لم يعانقني ولو لمرة ، لم يدللني ، لم يخفف عني حزني ، لم يفعل أي شيء .

كان مستمراً بضربي الى أن بدأ صراخي يخفت ، لقد تعبت ... تعبت من حياتي هذه ... قضيت عشر سنوات في عذاب مع زوجة أبي و ابنتها التي من المفترض أنها أختي ، رحبّتُ بفكرة الموت بسعادة ، بدأت نقاط سوداء تظهر في مرمى نظري ، رؤيتي اصبحت ضبابية ، بدأت افقد الوعي تدريجيأ . أخر ما سمعته هو صوت ماندا و هي تصرخ مخبرة والدي ان يتوقف قبل ان اموت ، ثم رأيته يترك الحزام و يركض هرعاً إلي ، ابتسمتُ لأنها المرة الاولى التي اراه فيها خائفاً ، فهو لن يستطيع إذائي بعد الآن ، ثم استقبلتُ الظلام بصدر رحب ، ذاهبة الى عالم من دون آلام او احزان ، عالم لن اشعر بشيء فيه سوى السكينة ، أو هذا ما ظننته

شعرتُ أني اطوف في مكان ما ، لا اعرف أين أنا ، شعرت بالسكينة و الراحة ، لم اشعر بثقل جسدي ؛ ولا بألالم نتيجة ضرب والدي لي . كان مكانا مريحاً جداً
انتابتني فجأة رغبة بالبكاء و الصراخ ، ليس و كأنني قاومتها ، بدأت بالبكاء بصوتٍ عالٍ ، بدأت بسماعِ أصوات من حولي ، لم تكن واضحة كثيرا ، ضوءٌ قوي داهم عيني ، لم اجرأ على فتحها ابداً

" سيدتي ... إنها فتاة ! " تكلمت إمراةٌ ما قرب رأسي بصوت عالٍ فرح ، الا يمكنها خفض صوتها قليلاً ، ليس و كأنني لا اعرف أني فتاة ، أنا دائما فتاة يا جماعة .
" هذه معجزة ، لا اصدق ، فتاة في عائلةِ سيليا ! هذا لم يحدث منذ قرن " سمعت صوت إمرأة اخرى تقول بإندهاش .

ما؟!

أليس من المفترض أنني في المشفى او ما شابه ؟! أين انا بحقِّ الجحيم ؟!

" سيدتي ، عليك الراحة الآن ، وأنا سأخذُ السيدة الصغيرة لتنضيفها " سمعت صوت المرأة التي تحملني ، لحظة ! تحملني ؟! أنا ؟! ها ؟! مالذي ....؟! جاهدت لفتح عيني لأرى ما يحدث ، حاولت الكلام و لكني لم استطع ، ماذا يحدث هنا يا جماعة ، كيف تحملني هذه المرأة ، أعني انا لست ثقيلة لتلك الدرجة و لكني لما و كيف تحملني ؟! بعد عناء فتحت عينيَّ بعد عناء طويل ، لارى في وجهي عينين ذات لون لون بندقي تنظر الي بحب " لقد فتحت عينيها " قالت الجميلة التي تحملني ، وااو ! لم اتوقع أنني محبوبة لتلك الدرجة ، لنعد لموضوعنا الاساسي ماذا يحدث ؟! انتظروا ! هذا لا يمكن صحيح !
أنا ... ؟! انا الان ....

طفلة رضيعة !!

________

يتبع...

LOCASSIA 《 CASSANDRA 》Where stories live. Discover now