البارت الخامس

Start from the beginning
                                    

عند راكان وليلى
خطى إلى أن وصل أمامها..توقف يطالعها بإشتياق قلبه الكامن بصدره
رفعت بصرها إليه وتحدثت بشفتين مرتعشتين:
- حمد الله على السلامة ياحضرة المستشار
ابتسم بخفة على تورد وجنتيها..وتوترها
تراجعت خطوة للخلف عندما دنى منها
- هو فيه حاجة..أنا شايفة ان حضرتك مضروب في قلبك مش عقلك..دا مكتبي على فكرة... ظل يخطو إليها.. ودّ لو يضمها ليؤكد لها أن أشتياقه لها فاق الحدود
ظلت تتراجع حتى إصطدمت بالجدار..اهتز جسدهامن قربه لها
- إيه بتقربلي كدا ليه؟
أمال بجسده عليها فتراجعت حتى استندت على الحائط..فجذب المقعد الذي بجوارها وتحدث:
- معرفش دايما بتحكمي على الناس بمنظورك ليه..أنا بشد الكرسي..تعبت وعايز أقعد
تجمد الدم بعروقها وجحظت مقلتيها بإندهاش من حديثه :
- هو حضرتك ناسي إن المكتب دا بتاعي..مكتبك في آخر الدور
ابتسم بتلقائية على توترها
جلس مستندا على المقعد..مغمض العينين وكأنه يتألم..فهمس وهو مازال على وضعه
- مكتبك أقرب مكتب..مقدرتش أكمل..لو تاعب جلالتك...ممكن تروحي مكتبي او مكتب سليم تكملي شغلك
ارتبكت وتلعثمت الكلمات بحلقها فتوجهت إليه ووقفت على بعد خطوة منه عندما شعرت بألمه
- طيب لما حضرتك لسة تعبان جاي ليه.. فتح عيناه وتقابلت بليلها الدامس
- يمكن علشان الشركة وحشتني قوي.. قالها وهو ينظر داخل مقلتيها
رفرفت بأهدابها الكثيفة تحاول السيطرة على إرتعاشة قلبها فتحدثت
- الشركة مش هطير.. كنت ترتاح وبعدين تيجي للوحشاك
- "مقدرتش " همس بها وهو مغمض العينين.. وأكمل بمغذى
- عمرك اشتقتي لحاجة ونفسك تشوفيها ومش عارفة
اهتز جسدها من نظراته وحديثه الهامس.. فاتجهت سريعا تجلس على مكتبها...
- لا مبحبش الأشتياق.. او تقدر تقول مفيش اللي يستاهل إني أشتقاله.. نجحت في غرس سهامها في منتصف قلبه
فهز رأسه وأطبق على جفنيه بقوة.. هو يعلم إنها عنيدة متمردة ولكنه يشعر بأنها تكن له بعض المشاعر
- الكل جه وزارني إلا إنتِ لدرجة دي كنت مش فارق.. تسائل بها وهو مازال على حاله
أعتدل وفتح جفنيه وحادثها
- دا حتى زيارة المريض واجب ولا كنتِ بتتمني تسمعي خبر موتي
نجح في تسديد لكمة قوية لقلبها.. فتت الوجع بداخلها.. ارتجفت شفتيها محاولة الحديث ولكن حديثه بفقدانه ألمها كثيرا.. لا تعلم ماذا تشعر أتحبه حقا.. أم إنها تكرهه كما اقنعت نفسها
زفرت وأجابته:
- ليه بتقول كدا.. ممكن اللي زاروك يكونوا على علاقة بيك.. أما أنا مفيش بينا رابط.. او تقدر تقول.. الموضوع مش مهم ولا يفرق معايا.. لكن في نفس الوقت عمري ماأتمنيت حاجة وحشة لأي إنسان حتى لو كان عدوي
صاعقة قوية ضربت قلبه فبعثرته لأشلاء حينما أستمع لحديثها الذي أداماه.. هنا اخرج عن صمته فأعتدل ينظر إليها:

- بجد ياليلى.. يعني أنا عدوك و لو مُت مكنش هيفرق معاكي..قالها ثم أعتدل واقفا عندما وجد صمتها حينها شعر بإنهيار عالمه ... فتخطى بهدوء بتلك الأثناء بألماً جرحه وكأنه فُتح ونُزف داخليا فترنح بخطواته
- راكان لو سمحت!! قالتها عندما وجدت ترنحه بهذه الطريقة.... اتجهت تقف أمامه
- راكان إنت عايز مني إيه وليه بتعاملني كدا... طالعها للحظات كيف ينجو من سؤالها وهي التي تربعت على عرش قلبه وبعثرت كبريائه وهي التي طعنته دون رحمة
استند على الجدار خلفه
- ولا حاجة مين قالك عايز حاجة.. عقدت ذراعها أمام صدرها :
- أنا مش زي أسطول الحريم اللي حواليك.. فياريت تبعد عني لو سمحت
امال بجسده وهو يضع يده موضع جرحه.. عندما اشتدت آلامه
- كذابة ياليلى.. لأنك عايزة قربي زي ماأنا عايز قربك قوي كمان.. ارتجفت شفتيها
- ايه اللي بتقوله دا
ابتسم على هروبها من نظراته وتحدث
- أهي حالتك دي اقرب دليل.. ترنحت خطوة للخلف بأعين جاحظة وشفتين فاغرتين مصعوقة بحديثه.. لا تعلم أتفرح أم تحزن
استند إلى أن وصل إليها.. جذب كفيها وضمهما
- ليلى لازم نتكلم.. نفضت يديها من يديه سريعا.. بأنفاس مرتجفة ولسان تجمدت فوقه الكلمات.. لحظات وهي تطالعه.. ضعُفت من نظراته و قرب أنفاسه إليها فاقت سريعا وصاحت بغضب:
- قولتلك مية مرة متحاولش تلمسني ايه مبتفهمش..
جذبها بقوة من رسغها وهو يجز على أسنانه وتحدث بغضب من جفائها
- بقولك لازم تسمعيني.. دفعته بقوة
وصرخت :
- ابعد عنيييي.. قالتها وهي تدفعه بقوة وتلكمه بصدره وكأنها تلكم قلبها الذي أحبه دون عن الكل حتى أصابت جرحه بقوة آلامته..
أشار بيديه عندما شعر بإنسحاب أنفاسه وتحدث بصوت مؤلم
- خلاص اهدي... قالها وأستدار ليتحرك ولكن دلفت نورسين وهي تتحدث بسعادة
- راكي مصدقتش لما قالولي إنك جيت النهاردة.. اتجهت بأنظارها إلى ليلى التي وقفت ووجهها شاحب كالأموات
- مالها دي؟! تسائلت بها نورسين.. لم يستدر إليها.. ظنا إنها غاضبة منه ولا يعلم خوفها على حالته التي ظهر بها... تحرك متجها للخارج
راكان إستنى إنت جرحك بينزف؟ قالتها وهي تحاول أن تفحصه
رفع كفيه أمامها
- أنا كويس مفيش حاجة.. تصنمت ليلى بوقفتها وأصابها الهلع عندما وجدت قميصه الذي صبغ باللون الأحمر
هرولت إليه وتوقفت أمامه
- إنت بتنزف.. لم يعطيها إهتمام تحرك خطوة وكأنه لم يستمع إليها.. وصل سليم إليهم
- راكان حبيبي إيه اللي جابك بس
تحرك بجوار سليم وهمس إليه
- روحني وإتصل بالدكتور ياسليم..
مساءا بمنزل عاصم المحجوب
جلس الجميع بغرفة المعيشة.. وبعد الأتفاق فيما بينهم تم خطبة درة على الدكتور "نور" وتم تحديد موعد للخطبة وكتب الكتاب إلى انتهائها من عامها الجامعي وسيتم حفلة للزفاف
بعد ذهابهم جلست بشرفة غرفتها حزينة
وحدثت حالها:
- وبعدهالك ياليلى هتفضلي كدا لحد إمتى.. زفرت بإختناق وشعرت بغصة تمنع تنفسها... أمسكت هاتفها وبدأت تهاتف أسما لبعض الوقت حتى تخرج من حالتها المأسوية ...
في فيلا خالد البنداري
ارتدى ملابسه وعقد العزم على مواجهة الجميع.. قابلته والدته.. رسم قناع بارد فوق ملامحه
- عايزة إيه ياماما.. مش فاضي.. تحركت فريال حتى وقفت بمقابلته
- إنت ليه لحد دلوقتي مش عايز تحدد ميعاد خطوبتك على سارة
زفر بضجر واستدار يناظرها بمقت
- انت بتتكلمي بجد.. هو حضرتك مصدقة اني ممكن أتجوز سارة..
دنت منه والتوت زاوية فمها بشبه ابتسامة سخرية
- ومفيش غير كدا..ودا طبعا علشان بنت الشوارع اللي رايح جاي معاها من ورا الكل
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بهدوء مفتعل
- ايه اللي بتقوليه دا.. حضرتك ناسية إن سيلين بنت عمي.. يعني زيها زي سارة
لوحت بيديها وصاحت بقوة :
- أنا كنت فاكرة زيك كدا.. لحد مافوقت على أكبر صدمة من عمك أسعد اللي قرطسنا كلنا للأسف
-قهقه على كلمات والدته ...عقدت ذراعيها
-سيلين مش بنت أسعد يايونس ولو عايز أكدلك معنديش مانع
ضيق عيناه متسائلا :
- ممكن توضحي كلامك لو سمحتِ.. مش عايز ألغاز.. إزاي سيلين بنت شوارع
سحبت يديه واجلسته وجلس بمقابلته
- عايدة هي اللي عرفتني بحقيقة زينب السوسة.. مسح على وجهه بغضب
- ماما!! أنا مش فاضي لرغي الستات دا.. عايز اعرف ايه صحة الكلام عن سيلين عشان لو لقيت لعبة في الموضوع مش هرحمكم
ضحكت بسخافة على ولدها ثم تحدثت
- عرفنا ان زينب بعد ولادة سليم حصلها نزيف والدكاترة شالوا الرحم بتاعها يادكتور النسا.. وطبعا انت فاهم معنى كلامي
تجهمت ملامحه فأردف
- ياسلام.. طيب مايمكن دا بعد ولادة سيلين مش سليم..
وضعت ساقا فوق الأخرى وبدأت تنظر لأظافرها وتبتسم بخبث
- لا ياحبيبي.. عمك جلال معاه كشف من المستشفي بيدل ان زينب عملت العملية قبل ولادة سيلين بخمس سنين.. وهجبلك نسخة منه عشان ترتاح وتتأكد انه مش مزور
وقف وكأن صاعقة اصابته..فك رابطة عنقه عندما شعر بتثاقل وكأن حجرا يطبق على صدره ثم قال بتيه
- وليه عمو أسعد يعمل كدا..ماهو معاه ولدين..ليه يتبنى بنت
نهضت وتجاهلت صوت ابنها الحزين فتحدثت بمكر
- علشان تفهم جدك انها معاها ولاد كتير وميقدرش يجوز اسعد زي ماكان عايز
افتعلت شهقة مزيفة ودنت منه
- يمكن علشان لما تكبر تتجوز واحد من العيلة عشان تكوش على الكل..
رمقت يونس الذي تصلبت ملامح وجهه
- وانت شوفت اهو زي ماخططت ووقعتك
لم يتحمل المزيد من حديث والدته الذي تمكن في ارتياب عقله وأخذ ينهش به دون رحمة..تحرك بخطوات سريعة للخارج
ضحكت فريال بصخب
- اتخلصت من هيلينا زمان وجه الوقت عليكِ يازينب ..حاولتِ بكل الطرق تاخدي مكان هيلينا وتكونِ أم حنونة جميلة لراكان قوست فمها بسخرية
- عايزة أشوف وشك لما راكان يعرف ان هيلينا أمه الحقيقة يعيني ماتت وصحبتها اتجوزت جوزها ..لا وكمان جبت بنت من الشارع ونسبتها للعيلة
وصل عدي ينظر لوالدته
- ماما بتكلمي نفسك ؟! رفعت بصرها له
- لا عندنا حفلة قريب على شرف راكي باشا ..قالتها بسخرية ثم تحركت للأعلى
بعد يومين بغرفة راكان استيقظ على رنين هاتفه
- ايه يابني حد يصحي مريض الساعة عشرة.. قهقه حمزة عليه.. فتحدث بمشاكسة:
- اومال إزاي روحت الشركة ولا الحب مسكن للأوجاع ياحب
ابتسم بوجع فتحدث
- لا مسكن ولا غيره.. إيه اللي فكرك بيا ومصحيني بدري كدا

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now