الفصل الواحد والعشرين

359 23 6
                                    

الفصل الواحد والعشرين
خطوبة
انشغلت جدا مع أختها باليوم السابق للخطوبة حتى أنها شعرت بآلام ببطنها مرة أخرى فأدركت أنها تجاوزت المسموح
بيوم الخطوبة لم تذهب مع أختها لمركز التجميل وانتظرت بالبيت مع أهلها للإعداد للأمر ومساعدة والدها ووالدتها في ارتداء الملابس
تركت المطبخ للمختصين وتحركت خارجة عندما سمعت بوق سيارة بالشارع فتوقفت وللحظة فكرت أنه هو فأسرعت تجاه الباب ووقفت أمامه وقلبها يدق بسرعة وقوة وقبل أن تسمع أي دقات فتحت الباب لتراه أمامها يرفع يده ليدق الباب وتوقفت يده بالهواء وهو يراها أمامه، ظلت تنظر إليه بنفس القلب المهووس بدقاته حتى تقدم منها خطوة وبدون مقدمات اندفعت لأحضانه بذات الوقت الذي كان يجذبها إليه ليغمض عينه بين خصلات شعرها ويستنشق عطرها وهي تضمه بقوة وتخفي رأسها بصدره وكأنما هو أول لقاء لهما بالرغم أنه لم يطل غيابه هذه المرة ولكنها كانت في أشد الاحتياج لوجوده
همس بشوق كان يعاني منه "اشتقت إليك أميرة، اشتقت إليك حد الجنون"
همست "ليس بمقدار شوقي لك حبيبي، كنت أنتظرك"
أبعدها وأحاط وجهها بيديه وهو يجوب وجهها بنظراته وقال "وأنا حلمت بلقائك" 
وقبلها دون اعتبار لمكانه أو وجود أحد بالبيت وقد أعمى الشوق بصيرتهم، أبعدها لينتبه لخروج أحمد من غرفته وتوقف لدى رؤيته فأبعدها قليلا وانتبهت هي لنظراته فالتفتت لترى أحمد، احمر وجهها وهي تفكر هل رأى ما كان؟
كان عليها أن تتحدث "أمجد هذا أحمد، الدكتور أحمد إن شاء الله، وهذا دكتور أمجد زوجي"
شعرت بالخوف من نظرات أحمد لأمجد وخشيت من أن يسيء مقابلته ولكن أحمد تحرك تجاهه وقال "أهلا دكتور، الحمد لله على سلامتك أميرة لم تخبرنا بحضورك وإلا لأعددنا لاستقبالك فالمكان لا يليق بك"
بدا الغضب بعيونها ولكن يد زوجها شدت على خصرها لتمنحها الهدوء وهو يبتسم ويقول "وهل تعدون البيت بطريقة مختلفة لاستقبال الأهل، أنا زوج أختك أي من العائلة يا دكتور"
تراجع أحمد وقال "ربما لأننا لم نعرفك بعد دكتور، أو لأنك تبخل بالزيارة فظننت أن المكان لا يليق بك"
قالت بغضب "أحمد كفى"
ولكن أمجد قال "اهدي أميرة أحمد محق فأنا لم آت سوى يوم الزواج وربما هو خطأ ولكن لي عذري يا دكتور فأكيد أخبرتك أميرة أن ظروف عملي لا تمنحني وقت كثير ولكن ما أن وجدت الوقت الكافي حتى أتيت فهل لي مكان عندكم أم لا؟"
نظرت لأمجد وقد كان رجل غريب بالنسبة لها، أين كبرياؤه وعظمته؟ جذبها صوت أحمد "بالتأكيد تفضل، سأستدعي بابا، عن إذنك"
داعب ذقنها بيده وقال وهو ينظر بعيونها "ماذا عصفورتي؟ ألن تدعيني للدخول أنت أيضا؟"
انتبهت له فقالت "لا بالطبع، تفضل"
ما أن تحركا للداخل حتى خرج والدها مسرعا وهو لا يصدق ويهتف "أهلا، أهلا دكتور أمجد، الحمد لله على سلامتك"
تركها وهو يرحب بالرجل وقال "أهلا عمي، كيف حالك وحال والدة أميرة؟"
دعاه للجلوس وقال "الحمد لله، لقد استقرت حالتها ولا مجال للتغيير"
قال موجها كلماته لها "كيف لم تمنحيني أوراقها لأعرضها على الأطباء هناك؟"
قال الأب "هناك أين يا بني؟ أقصد يا دكتور"
نظر أمجد له وقال "بني أفضل يا عمي"
قالت أميرة "لندن يا بابا، أمجد يملك مشفى طبي كبير هناك تلك التي كان بها عمي عبد الرحمن"
قال الرجل "لا داعي لتعبك، لقد قبلنا بالأمر الواقع ولم نعترض على مشيئة الله"
خرج أحمد وقال "أميرة نهلة تتصل وتخبرك أن كريم سيمر عليها بالسابعة ونحن لابد أن نكون بالقاعة قبلها"
قالت "سنفعل أنا أعددت كل شيء الغداء سيكون جاهز بعد دقائق وبعدها نرتدي ملابسنا، آدم على وصول من المدرسة، لقد رفضوا منحه أجازة كما تعلم فلا تقلق"
عاد وقال "هل قميصي بالداخل؟"
أجابت "لا لقد أحضرت لك آخر هو بغرفة بابا مع ملابسه لم يعجبني ما أحضرته"
تذمر أحمد ولكنه تحرك لغرفة أخرى وأمجد يتابع ما يحدث، نهضت وقالت "أمجد سأعد الغداء هل ستذهب أم أنت باقي؟"
ابتسم لكلماتها بينما قال الأب "ما هذا يا أميرة؟ الرجل ببيتنا ولن يرحل بالتأكيد، اعذرها يا بني فهي تتحمل مسؤولية كل شيء هي أمهم كلهم حتى أنا هي من ترعاني"
نظر إليها بإعجاب ثم قال "والدك أخبرني أن أبقى فهل لديك مانع أن تزيد مسؤولياتك بواحد آخر؟ لن أحملك الكثير أعدك لكن ألا يوجد من يفعل ما تفعلينه هذا"
كانت تعرف رأيه في ذلك، ابتسمت وقالت "بلى هناك بالداخل ولكن سأطمئن عليهم"
كانت سعيدة وهي تتابع كل شيء، وصل آدم وكان سعيد بوجود أمجد وتناول الجميع الغداء في جو أسري أعجبه ورغم كلمات أحمد الباردة إلا أن أمجد كان صبورا من أجل زوجته
دخل آدم مع أحمد غرفته كالعادة بينما أصر والدها على أن يرتاح أمجد بغرفتها القديمة بعض الوقت وكي يبدل ثيابه للخطوبة فلم يعترض وما أن دخلت خلفه حتى جذبها وأغلق الباب وحبسها بين الباب وبينه وقبلها بقوة وهي تحيطه بذراعيها بنفس الشوق حتى أبعد شفتيه دون أن يطلق سراحها وهمس
“بعدك يصيبني بالجنون عصفورتي"
أوصد الباب جيدا وتناثرت قبلاته على عنقها وهي تقول "أمجد بابا وأحمد"
لم يتركها وهو يقول من بين قبلاته "وأنا زوجك على سنة الله ورسوله وبموافقتهم وليس غصبا"
فلم ترد وقد انتهت الكلمات لأنها استسلمت له فهو يعلم جيدا كيف يملكها قلبا وقالبا وبالحقيقة هو اشتاق لأن يكون ملكا لها لتأخذه بين ذراعيها كما اعتادت وتداعب شعره وصدره وتسمعه تلك الكلمة التي يحيا بها..
قبلها بحنان ثم اعتدل وارتدى بنطلونه وقميصه وتركه مفتوحا وقال وهو ينهض من الفراش "نسيت البدلة بالسيارة"
نهضت وارتدت فستانها وعدلت شعرها وقالت "لا داعي لها"
أشعل سيجارة والتفت لها وهي تفتح دولاب صغير وتخرج منه ما اشترته له فاقترب منها وقال "ما هذا؟"
قالت "كنت أشعر أنك ستأتي وقد أعجبتني فاشتريتها أعلم أنك ترتدي الأفضل ولكن"
لم يسمعها وهو يأخذها من يدها ويفحصها ثم قال "أنا أرتدي نفس الماركة عصفورتي، والمقاس مضبوط واللون جديد وراقي جدا حتى الحذاء وربطة العنق"
قالت "بلون فستاني، هل أعجبتك؟"
قال بصدق "جدا الأشياء رائعة حقا ومضبوطة كيف عرفت؟"
التفت إليها فابتسمت وقالت "كنت أحب مشاهدة ملابسك بوقت غيابك فعرفت كل شيء عنها"
تحرك تجاهها قال "أميرة لا يمكن أن تكوني بشر أنت ملاك، أنا كل حياتي لم يكن لها معني قبل أن أعرفك، لأول مرة يهديني أحد شيء أي شيء فما بالك أنت أميرتي"
رفع يدها لفمه وقبلها ثم ضمها لصدره بحنان وهو يشعر بسعادة كان يعلم سببها كاد يعترف بحبه لها عندما دق الباب فاتجهت للباب وفتحت كان أحمد الذي نظر لأمجد بقميصه المفتوح فأخفض عيونه وقال
“آسف ولكن هل يمكن أن تساعديني بتلك؟"
كان يشير لربطة العنق فتحرك أمجد له من خلفها وقال "هل تسمح لي!"
حدق به أحمد وابتعدت هي فلم يتراجع أحمد وأمجد يربطها له ثم قال "إنها جميلة أنت تجيد الاختيار"
قال أحمد "إنها زوجتك من تفعل وتصر عليها أنا لا أحبها"
ابتسم وقال "معك حق هي تضيق الأنفاس ولكن لا مفر منها بيوم كهذا فأنت أخو العروسة"
وعاد إليها فقالت "أردت أن أبلغك عن الأموال التي أنفقتها على"
أحاطها بذراعيه وقال "أليست من حسابك الشخصي؟"
هزت رأسها فابتسم وقال "إذن لا دخل لي أين أنفقتها فهي ملكك عصفورتي"
ظلت تتأمله للحظة بصمت فداعب وجنتها وقال "لو لم تفعلي لكنت عاتبتك أشد العتاب وظننت أنك لا تريدين أن تكوني مسؤولة مني، لقد منحني ما فعلته شعور رائع لا يمكن وصفه كعادتك عصفورتي تحولين كل شيء حولي لجمال لا يمكن وصفه"
أراحت رأسها على صده وأحاطها بذراعيه وقالت "لأن هذا ما أريده حبيبي أن تكون كل حياتك سعادة، وهناك أمر آخر"
أبعدها ونظر بعيونها وقال "ماذا ملاكي؟"
أخرجت علبة صغيرة من جيبها ومدتها إليه فتراجع وهو يأخذها وفتحها وهي تتابعه بنظراتها عندما فتح العلبة ليجد دبلة فضية رائعة فنظر إليها فأخفضت عيونها وقالت "ظننت أنك لن تمانع"
ولم تكمل فتراجع إليها ورفع وجهها إليه فزاغت نظراتها بين عيونه الجميلة فقال وهو يضع الدبلة بيدها "لا أمانع لو اسمك عليها عصفورتي"
ابتسمت وهزت رأسها وهي تأخذها وتضعها بيده فأمسك يدها وقبلها بحنان ثم جذبها إليه واحتضنها بقوة كما فعلت هي بسعادة لأنه أثبت لها أنه زوجها الذي لن يتركها أبدا
بالطبع أخذ حمام وعاد ليرتدي ملابسه وأخذت حمام هي الأخرى وساعدت والدتها واطمأنت على آدم ووالدها ثم عادت إليه كان قد ارتدى ملابسه عدا الجاكيت ويتحدث بالهاتف فارتدت هي فستانها الرقيق الذي بدا رائعا عليها ومنحها طولا وقواما تبدل مع حملها
التفت إليها عندما انتهى وضاقت عيونه وهي تربط طرحتها وقال "هل زاد وزنك عصفورتي؟"
ارتجفت يداها وهي تضع دبوس الطرحة ونظرت له بالمرآة وهو يتحرك تجاهها، حاولت الابتسام وقالت "هل أبدو كذلك؟"
ابتسم وقال وهو يطبع قبلة على وجنتها "تبدين كالملاك قوامك هكذا أجمل، لن تضعي ميك أب أليس كذلك؟"
ظلت تنظر بعيونه وهزت رأسها بالنفي وهي تفكر بإخباره بالحمل فهو أفضل وقت ولكنه قال "لا داعي له فأنت هكذا أجمل بكثير"
انتهت من طرحتها فانتبهت له وهو يمسك يدها ويضع بها خاتم ماسي رائع فقالت بدهشة "أمجد ما هذا؟"
قبل يدها وقال "لم أمنحك أي شيء بزواجنا وهذا أقل مما تستحقين ملاكي"
قالت بحب "تعلم أني لا أريد كل ذلك، أنا أريدك أنت حبيبي فوجودك يملأ حياتي بالسعادة"
جذبها إليه وضمها بحنان وقال "كما هو وجودك ملاكي"
ابتسمت فأبعدها وقبلها برقة وتحرك ليرتدي الجاكيت فارتدت حذائها واتجهت إليه ووقفت أمامه تعدل له الجاكت فاستسلم لها فنظرت لعيونه وقالت "هناك ما أريد إخبارك به"
داعب وجنتها وقال "ماذا ملاكي؟"
زاغت نظراتها بعيونه ثم قالت "أمجد أنا"
ولم تكمل عندما دق الباب فجأة واندفع آدم للداخل يقول "مامي هيا السيارات وصلت وأحمد يتعجلكم"
ابتسم أمجد لابنه وانحنى تجاهه وقال "حسنا ونحن جاهزان هل ترشدني للطريق حتى تنتهي مامي؟"
أمسك يده وقال "حاضر دادي هيا"
ابتسم لها ونسى أنها كانت تريده وتحرك مع الطفل وهي تتبعه بنظراتها وعيونها تمتلأ بالخوف من المجهول
فتح لها السائق السيارة بعد أن اطمأنت على والدتها ووالدها بالسيارة الأخرى وآدم بالطبع مع أحمد ولحظات وكان زوجها يركب بجوارها وهو يقول
“بابا نزل هو الآخر"
نظرت إليه فأبعد عيونه وقال "حسنا لقد تحسنت العلاقات ونحاول أن نرمم الصدع"
ابتسمت وقالت "أنت رائع حبيبي"
أمسك يدها وقال "تعلمت منك عصفورتي، كلماتك كانت رفيقي وأنا أسمعه وهي من جعلني أتحمل كلماته وأواجه دون تجريح أو إهانة وهو أيضا فعل، الماضي كان لابد أن ينتهي، فأنا أعيش أجمل حاضر"
ابتسمت وهو أيضا ورفع يدها لفمه وقبلها بسعادة فقالت "هل أسأل عن جان؟"
تنهد وقال "لو ستغضبين فلا تفعلي"
قالت "لا أفهم، ألم تنتهي منها بعد ما فعلته بنا بالغردقة، فيم رحيلك إذن أمجد؟"
أبعد وجهه وترك يدها ليشعل سيجارة ثم قال "الأمر ليس بتلك السهولة أميرة، جان ليست وحدها"
أبعدت وجهها والغضب يتسرب إليها فأكمل "فريدريك والدها زعيم عصابة معروف وهي تحتمي به ورجاله من ينفذون كل شيء"
نظرت له وقالت "وماذا أمجد؟ هل سأظل أحيا هكذا؟ كلما أتيت لتراني يأتي معك من يريد قتلي أو خطفي؟"
نفخ الدخان وهو يعلم أنها على حق ولكنه قال "لا، كل شيء سينتهي قريبا، أقرب مما تتخيلين أنا فقط منحت جان فترة ظنت فيها أنها عادت إلي كي أتمكن من إحكام خطتي حول أبوها وحولها"
انتبهت وقالت "وكيف جعلتها تظن ذلك؟ كيف عادت إليك"
أدرك أنها غاضبة فقال "أميرة لنكف عن هذا الحديث الآن عندما تنتهي الخطوبة نتحدث"
ظلت تنظر بعيونه ثم قالت "هذا إذا لم ترحل كالعادة قبل أن نفعل"
كانت السيارة قد وصلت القاعة وفتح لها السائق الباب فنزلت دون أن تنتظر رد منه وقد تابعها وهو يعلم أن الأمر لم ينتهي بعد.
استقبلت المدعوين من جيرانهم وأهل والديها الذين لم تراهم من سنوات والجميع يتابعها بنظرات خبيثة خاصة عندما تقف بجوار زوجها الذي لم تلين ملامحه إلا عندما وصل طون..
“تأخرت طون؟"
قال "كان الفرار من رجاله صعب وأظن أنهم يعرفون بوجودك هنا، الأمر الآن أصبح شخصي معك أنت وليس زوجتك فقط"
نظر له وقال "أعلم، الأسهم الخاصة به انهارت وبالنهاية سيكتشف سرقة أوراقي وتبقى خطوة واحدة"
قاطعه صوت زوجته وهي تقول "طون هنا؟ لم أصدق عندما رأيتك!"
ابتسم وهو يحييها بأدب وقال "لن أجد أفضل من تلك المناسبة لزيارة مصر مدام"
ابتسمت وقالت "زيارة عادية أم يصحبها عمل؟"
قال "الرئيس بنفسه هنا بالتأكيد لن يرحمني"
ضحكت وهما أيضا عندما أعلن عن حضور العروسين فتحركت معه للخارج وكان الاستقبال رائع وجميل وبدت نهلة جميلة جدا وكريم وسيم وجذاب حقا، ورقص العروسان سويا ثم طالب المسؤول كل زوجين بالانضمام فهمس بأذنها
“دعينا نرقص لم نفعلها من قبل"
نظرت له وقالت "تعلم أني لا أعرف"
أحاط خصرها بيده وهو يدفعها برقة بين المدعوين وقال "فقط خذيني بين ذراعيك ملاكي"
وكأنها انفصلت عن الموجودين وهو يحيطها بذراعه وينظر بعيونها فأحاطت عنقه بذراعيها فقال "لم أمنحك حفل زفاف ولا ليلة سعيدة، ولكنك تعلمين السبب"
ابتسمت وقالت "لم أفكر بهم ولم أفكر يوما أن يكون زوجي رجلا مثلك بل لم أفكر يوما بالزواج"
قربها وقال "نادمة؟"
ضحكت وقالت "على ماذا؟ الزواج أم التفكير به أم عليك؟"
ابتسم وقال "تتذاكي ملاكي؟"
ضحكت مرة أخرى وقالت "وهل أبدو لك امرأة نادمة وأنا من ساعة كنت غاضبة لفكرة رحيلك عني؟"
هز رأسه وقال "أنا الغبي فعلا ملاكي"
قالت بصدق "أنت أجمل حلم بحياتي أمجد، حلم لم أجرؤ حتى على أن أراه بنومي، من أنا لأنال رجل مثلك بمكانتك ومركزك؟"
أخفض رأسه حتى لمس جبينها وقال "أنت الحياة أميرة، أنت النجاة من الضياع الذي كنت أحيا به، أنت من أعيش من أجل أن أرى عيونها وابتسامتها"
ظلت تنظر بعيونه وقالت "أحبك أمجد، لم ولن أحب سواك، أمجد أنا"
كادت تخبره بالحمل مرة أخرى عندما ارتفعت الموسيقى الصاخبة وصوت المسؤول يناجي أصحاب العروسين للرقص فانسحبت معه وهي تقول "لن أقوى على ذلك الرقص"
قال بجدية "وأنا لن أسمح به، ليس زوجتي"
التفت له فرأته يتحدث بجدية فلم تعلق، اندمجت مع العم ومعه ووالدها وعيونها ما بين أختها وأخيها وآدم ثم تستقر على عيون زوجها فتمنحه الحب والحنان
لم تنتبه لاختفائه وهي تشرد بين المدعوين الذين تساءلوا عن زوجها، حتى التفتت تبحث عنه فلم تجده، تحركت إلى الخارج وهي تبحث فلم تجد سوى رجاله ونزيه الذي اتجه إليها وقال
“هل هناك شيء مدام؟"
قالت "لا نزيه، أين دكتور أمجد؟"
ابتسم وقال "مع مستر طون مدام"
هزت رأسها وتحركت لتذهب ولكنها لمحت كافيه مواجه لباب القاعة وبداخله رأت وجه امرأة تعرفها جيدا ولا يمكن أن تنساها ولكنها لم ترى من يجلس أمامها من باب القاعة فتحركت ولكن نزيه قال
“مدام، إلى أين؟"
نظرت له بقوة وقالت "ابتعد عني نزيه"
وتحركت إلى الكافيه لتراه يجلس معها وطون يقف على مقربة يتحدث بالهاتف، ارتجف قلبها ولم تعرف ماذا تفعل؟ هل تتراجع وتسلم بأن زوجها عاد لامرأته الأولى والأخيرة؟ أم تصدقه عندما أخبرها بخطته؟ وماذا تفعل الآن؟
لم تأخذ وقتا كثيرا لتفكر لأنه انتبه لها فتقدمت تجاهه فتراجع بالمقعد ونفخ ثم نهض لوصولها وانتبه طون لها فترك الهاتف وتسمر مكانه بينما تراجعت جان بابتسامة باردة وقالت بعربية ركيكة
“أهلا بك يا فتاة"
قالت بغضب مكتوم "أهلا يا مدام أم بماذا أناديك"
توقفت ضحكتها وقالت "ماذا تريدين؟"
قالت أميرة "أعتقد أن أنا التي أسألك هذا السؤال، ماذا تريدين منا؟"
قالت جان "موتك، نعم لا يمكن أن نتواجد نحن الاثنان بالدنيا، واحدة تكفي"
عقدت أميرة ذراعيها أمام صدرها وقالت "ألم يعلمك أحد أننا لا نحدد وقت موتنا وربما تموتي أنت أولا؟"
غضبت جان ونهضت واقفة وقبل أن ترد تدخل أمجد "أميرة كفى هل يمكن أن تعودي للداخل؟"
نظرت له بنفس الغضب وقالت "لا، لن أتركك أو أتركها لابد أن تعرف أنني أنا زوجتك ولن تتركني وهي التي لابد أن ترحل"
اوقفها صوته الغاضب بقوة "أميرة، أخبرتك أن تتوقفي، لا دخل لك بكلامنا، طون خذ المدام واصحبها للقاعة"
نظرت له بدهشة وقالت "أمجد هل أخرج أنا؟ أمجد"
قال بنفس القوة "نعم أميرة اخرجي والآن"
بالطبع اندفعت الدموع لعيونها وقد رآها بالطبع ولكن عليه أن يفعل بينما تراجعت هي بغضب إلى خارج القاعة وتلقاها نزيه من طون ودخلت القاعة وقد تملكها الدوار فاستندت لأقرب مقعد من بين دموعها وكادت تسقط عندما شعرت بيد أحمد وهو يقول
“أميرة ماذا بك؟ أميرة؟"
جلست بمساعدته وهي تقول بتعب "أنا بخير"
ناولها بعض الماء حتى عادت لطبيعتها ولكن ما زال وجهها شاحب والدموع تنهال على وجنتيها من حزنها ولكنها انتبهت لأحمد "أميرة ماذا حدث؟ إنه زوجك أليس كذلك؟ لقد رأيته كما رأيته أنا، مع تلك المرأة هو يخونك أليس كذلك؟"
نظرت بغضب لأحمد وقالت "كفى أحمد أمجد ليس خائن إنه عمل هي عميلة لإحدى الشركات وتصادف وجودها هنا"
نظرات الشك هي التي واجهتها بعيون أحمد فقال "إذن وفيم دموعك هذه؟"
مسحت دموعها وقالت "من التعب أحمد، هيا دعنا نعود لأختك كي لا تقلق"
وتركته وتحركت وما زال الغضب والألم يستحوذ عليها وحاولت أن تشغل نفسها بالإشراف على البوفيه عندما شعرت بيد تقبض على ذراعها فانتفضت ولكنه قال "اهدي وتعالي"
كادت تبعد يده لكن لم تشأ أن تلفت انتباه أحد وتحركت معه إلى مائدة والده الذي كان يقف ويتحدث مع والدها، أجلسها وجلس بجانبها فلم تنظر له بينما قال
“هل تبعدي جنونك هذا الآن وتسمعيني؟"
نظرت له بغضب وقالت "جنون؟"
قال "نعم، اهدي أميرة فلا مكان للخطأ اليوم ووجودك هناك كان خطأ"
لم تبعد عيونها عنه وهو يدخن سيجارته وأكمل "جان تعلم بوجودي معك هنا ولكن فقط لأن اليوم آخر يوم بعلاقتنا وبعد الخطوبة سنفترق"
تراجعت بحدة فأكمل "اليوم ستنتهي كل المشاكل أميرة وجان الآن بحجرة بنفس الفندق هنا وتنتظرني بعد انتهاء الخطوبة"
شعرت بنفس الدوار يصيبها مرة أخرى فأمسكت رأسها وأغمضت عيونها فانتبه لها واعتدل وهو يناديها "أميرة ماذا بك؟  أميرة هل أنت بخير أجيبي"
أمسك يدها ليقيس النبض فوجدها باردة والنبض سريع فقال "هل تنهضين معي أنت لست بخير"
هزت رأسها وهي تحاول أن تفتح عيونها وقالت بنفس التعب "لا، أنا بخير، إنه تعب الأيام السابقة، هل تكمل؟ ستقضي ليلتك معها؟"
ظل الشك بعيونه من حالتها وقال "لا، سأفعل ما كنت أفعله بالأيام الماضية كنت أضع لها أقراص منومة بالطعام أو الشراب وتستيقظ لتجد نفسها بفراشي"
حدقت به بعيون امتلأت بالغضب وقالت "فراشك؟ هل تعني فراشك بالبيت؟ غرفتنا؟ لندن؟"
أبعد وجهه وقال "لم أنم معها أميرة، منذ دخلتِ حياتي لم أنم مع أي امرأة سواك، أخبرتك أنها خطة لأجعلها تثق بي حتى أحقق ما أريد فهل نضع الغيرة جانبا ونسمع للعقل؟ كان بإمكاني ألا أخبرك شيئا ولكن لابد أن تفهمي كل ما يحدث لأني لا أريد خطأ آخر"
نهضت ولكنه نهض وأمسكها من ذراعها وهتف برقة "أنا أحبك أميرة"
تسمرت مكانها وعاد القلب المهووس يدق بقوة داخل صدرها لتتسمر عيونها عليه وهو يكمل "أحبك ولم أقل تلك الكلمة لامرأة سواك"
وقبل أن تعبر عن سعادتها مما سمعت لفت نظرها رجل يتحرك وسط الحضور وهو يخرج يده من جاكته ولم تبعد عيونها لشعورها بالخوف وهي تراه يخرج مسدس ويوجهه لأمجد فلم يمكنها إلا أن تدفع أمجد لتقف أمامه وهي تهتف باسمه بقوة
“أمجد"
ولم ينتبه هو لم حدث إلا عندما رأى الرجل يوجه المسدس له فأخرج مسدسه بيد وهو يحيطها بيد أخرى وأطلق الرصاص على الرجل الذي سقط بين صرخات المدعوين وانطلقت طلقات أخرى من رجاله ولكنه شعر بثقل جسدها بين ذراعه فانتبه لها ولم يلتفت لمن التف حوله وهو يرى دماء تلوث فستانها فهتف باسمها
“أميرة، أميرة أجيبي، أميرة ماذا حدث؟"
تمددت على الأرض بين أحضانه ولم تشعر بأي ألم وما زالت كلماته بأذنها وهي تراه يحيطها بذراعه ويناديها فقالت بصعوبة
“حقا، تحبني؟"
ضمها بقوة لصدره وقد انهارت شجاعته أمام ضياعها وهو يهتف "ولم أحب سواك"
أغمضت عيونها بسعادة ولكنه ناداها وهو يضغط على الجرح بقوة ليوقف النزيف فتحت عيونها من نداؤه وقالت بآخر ما تبقى لها من قوة
“أمجد، ابني"
اندهش ونظراته تجوب الجميع حتى رآه مع رجاله وسقطت نهلة بجوارها تصرخ باسمها ووالدها وأحمد ولكن يدها أعادته وهي تهتف "ابني"
هتف "آدم بخير"
قالت وهي تقاوم الظلام الذي أحاطها "لا، ابننا نحن الاثنان، أنا، أنا حامل"
وسقطت رموشها أخيرا لتخفي آخر ضوء من حولها ولم تعد تسمع نداؤه القوي الذي ارتجت له القاعة كلها وعلت على صرخات الجميع..
يتبع...

هي من علمتني الحب  بقلمي داليا السيدWhere stories live. Discover now