الفصل السابع

327 19 3
                                    

الفصل السابع
سفر
لم يتركها أحمد وانصرف والده عائدا للبيت وبالمشفى لاقت عناية فائقة بحماها لمكانته المعروفة وعرفت أن السائق أصيب إصابات طفيفة طلبت معالجته على نفقتهم بالطبع، أمضت الليلة بغرفة خاصة مع أحمد ولكن لم يغمض لها جفن وهي تعاني من الأسئلة والأفكار التي قذفتها بدوامة لا قرار لها..
بالصباح سمح لها الطبيب بدخول العناية وتقدمت تبحث عنه، عن الرجل الذي أحسن معاملتها حتى أحبته كأب ووجدت منه كل شيء طيب، ساعدها وساعد أهلها ومنحها ما لم تحلم به واعتبرها ابنته واليوم تخاف من أن يرحل ويتركها قلو حدث فماذا سيكون مصيرها؟ وهل سيتركها ابنه كما هي أم يلقي بها بالشارع؟ وآدم ماذا سيفعل معه؟ أسئلة كثيرة لا إجابة لها..
نظرت للرجل وهو مقيد بالأجهزة ووجه شاحب والجبائر تحيط بجسده فانحت وقبلت جبينه بدموع غزيرة أتعبت عيونها ثم ابتعدت وهي تهمس "وماذا عمي؟ هل هنت عليك لتتركني هكذا وحدي؟ أنا أعلم أنك لن تفعل فأنت تعلم أني وآدم بحاجة إليك وإلى حمايتك، عمي من فضلك عد ولا تتركني فأنا عرفت الأمان يوم عرفتك"
أمضت وقتا ليس بقليل معه حتى خرجت وقد انصرف أحمد إلى عمله بينما بدا التعب والإرهاق عليها وعلى الظهيرة رأت الطبيب يتحرك تجاهها فنهضت لتواجهه وقالت
“كيف حال دكتور عبد الرحمن؟"
نظر لها بتساؤل وقال "ومن حضرتك؟"
قالت بإرهاق وصداع يدق رأسها "زوجة ابنه؟"
قال بلا مبالاة "وأين ابنه؟"
سمعت صوته من خلفها ورائحة عطره تسبقه إليها وهو يقول "هنا"
تألق أمامها بأناقته ووسامته بينما لم ينظر حتى إليها وهو يقول "أنا أمجد مرتضى، ابن دكتور عبد الرحمن كيف حاله"
تراجع الطبيب بينما سمعت صوت دكتور عبد العزيز وهو يهتف "أمجد كيف حالك؟ متى عدت؟"
رحب بالطبيب وقال بهدوء "منذ لحظات يا دكتور كيف حاله؟"
قال "ما زال بالعناية تحت تأثير المسكنات والضغط لا ينتظم والسكر أيضا، هل أخبرتك المدام عن حالته!"
لم ينظر لها وهو يقول "ليس بالتفاصيل اللازمة يا دكتور فهل تفعل؟"
تراجعت والطبيب يشرح له الحالة وهو يهز رأسه وشعرت بالصداع يزداد والتعب يحل بكل جسدها فتراجعت لتجلس قليلا حتى ينتهي، وما أن فعل حتى التفت إليها وهو يراها بتلك الحالة فقال
“ألا يوجد مكان آخر للانتظار سوى هنا؟ لا يليق البقاء هكذا"
نهضت وقالت "بلى هناك غرفة انتظرتك حتى تنتهي"
قال بجدية آمرة "لم انتهي بعد اذهبي للغرفة حتى أفعل"
شعرت بضيق من طريقته بإلقاء الأوامر وحدقت بعيونه بعناد واضح ولكنها لم تملك جهد للجدال فالتفتت وتركته وذهبت وتابعها بعيونه وهو يشعر بغضب لا سبب له..
دخلت الغرفة وجلست على أقرب مقعد وهي تراه أمامها بغروره وكبرياءه وشعرت بغضب من ضعفها، رن هاتفها باسم أخيها فأجابت..
اغتسلت وتوضأت وصلت وختمت صلاتها بالدعاء وما أن انتهت حتى رأته يدخل وحدق بها وهي تواجه نظراته قبل أن تنهض وتبتعد، دخل وأشعل سيجارة وقال وهي تجلس بتعب واضح
“يمكنك الرحيل لم يعد لوجودك داعي"
نظرت له بقوة وقالت "بالطبع لا، لن أتركه"
نظر إليها بقوة من بين الدخان وقال "لا مكان للعناد هنا، أنا أعد الأوراق لسفره معي وساعات قليلة وسنكون جاهزين للرحيل"
تراجعت وانقبض قلبها وهي تسمعه فقالت "رحيل؟ ولكن"
ولم تكمل فتحرك تجاهها حتى وقف أمامها وقال "ولكن ماذا؟ سأتولى أنا الأمر وانتهت مهمتك، حتى آدم سأرسل من يهتم به ولو شأت أمنحك حريتك"
شحب وجهها وهي تواجه هجومه غير المتوقع وجف فمها وهي تنظر بعيونه قبل أن تقول بقلب ينبض بنبضات لا تفهمها وترقرقت بعض الدموع بعيونها فأخفضت عيونها وقالت
“كما تشاء، فقط اسمح لي أن أبقى هنا حتى ترحلوا"
حدق بها لحظة قبل أن يقول "لا، لن تبقي هنا بذلك المظهر، وهو ليس بحاجة لوجودك"
نهضت وقالت بضيق "وبحاجة لمن إذن؟ لك مثلا وأنت لا تعامله كأب، أم للوحدة التي عاش بها عمره كله؟"
اقترب منها وقال بقوة "لا دخل لك بما بيننا ولا تبدئي حتى لا أجعلك تندمين فما زلت أذكر ما فعلت ولن أتراجع هذه المرة عن تعريفك من أنا"
قالت بنفس القوة "لست بحاجة لأن تفعل فقسوتك تعبر عن نفسها، وتهديدك لا يهز شعره مني ولن يوقفني"
أمسكها من ذراعها بقوة جعلتها تتألم والغضب يتطاير من عيونه وهو يقول "ستتوقفين وستختفين من أمامي الآن لأن وجودك يثير غضب الدنيا داخلي ولا تظني أني سأتراجع عن قراراتي"
حاولت إبعاد يده ولكن لم تستطع وقالت بألم "لا أريدك أن تفعل فالخلاص منك هو أولى اهتماماتي ورغباتي فابتعد عني واتركني أنت تؤلمني"
لم يتركها وقد زاد غضبه من كلماتها وتحول لعناد أكبر وهو يقول "وأنا لن أخلصك مني وستظلين على ذمتي وسأتركك كالمعلقة لا نفع لك ولتعودي للحارة التي أتيت منها ولن تحصلي مني على شيء"
زاد غضبها ودموعها من الألم وقالت "الحارة أفضل من جحيم قصرك ولا أريد منك شيء، اتركني أيها المتوحش اتركني"
ظل يحدق بعيونها وهو يندهش من كلامها ثم تركها وهو يدفعها بقوة فسقطت على المقعد وأمسكت ذراعها التي كانت تؤلمها بقوة بينما دق الباب ودخلت الممرضة فأبعدت هي وجهها لتخفي دموعها بينما قالت الفتاة
“دكتور عبد العزيز يطلب حضرتك والمدام بالعناية"
نهضت هي وقد انتابها القلق على حماها ونست ما كان من لحظات وتحركت للخارج دون انتظاره وقد تبعها دون شغف ولكن بدهشة من تصرفاتها..
تقدمت لفراش حماها الذي نظر إليها بعيون متعبة وابتسم بصعوبة وهو يرى دموعها وسمعت عبد العزيز يقول "لا تبقوا كثيرا فهو متعب"
لم ترد وهي تنحني على الرجل وتمسك يده وتقول "عمي كيف حالك؟ هل أنت بخير؟"
ربت الرجل على يدها بحنان وقال "نعم يا ابنتي، تبدين متعبة وما كل تلك الدموع؟ أنا لم أمت بعد"
زادت دموعها وقالت "ألف سلامة عليك عمي من الموت، أنا كنت خائفة عليك"
ابتسم ثم تحركت عيونه لأمجد الذي وقف خلفها فقال الأب "هل عدت من أجلي؟"
لم تنظر إليه بينما قال هو ببرود "لابد أن أنهي إجراءات سفرك للندن المشفى خاصتي تنتظرك هناك لإجراء الجراحات بها"
شعرت بغصة تلتمس قلبها من قسوة الابن تجاه والده الذي قال "ألا يمكنك إشعاري ببعض الاهتمام وأنا بين الموت والحياة؟"
أبعد عيونه وقال "لست بحاجة لاهتمامي لديك ما يكفيك"
وأشار إليها فقال العجوز "نعم، أريدها معي"
تراجعت هي بينما ضاقت عيون أمجد وعاد الغضب يهزمه وهو يقول "معك أين؟"
قال الأب "لندن، لن أرحل وحدي"
شد الرجل على يدها وقد شحب وجهها وارتجف جسدها من برودة المكان بينما اقترب هو من الفراش وقال "يا دكتور تلك النكرة سترحل من حياتنا للأبد ولن يكون لها مكان وستأتي أنت وآدم معي حتى تستعيد صحتك"
قال الأب "إذن عد من حيث أتيت وستجرى الجراحة لي هنا، لن أرحل بدونها وهي لن تتركني ولن يرحل آدم بدونها أنت لا تدرك مدى تعلق الطفل بها"
مرر يده بشعره وهو يبعد وجهه وينفخ بشدة قبل أن يعود ويقول "أكاد أتوقع ذلك، أنا لن آخذ تلك الفتاة معي هناك وأخبرهم أن تلك النكرة زوجتي لن يكون"
زادت دموعها وزادت يد الرجل شدا على يدها وهو يقول "أخبرتك بالبديل فاختار وأنا أعلم أن أمري قد لا يهمك لذا اتركني وعد من حيث أتيت واخبرهم أن والدك يفضل البقاء هنا عن العلاج بمشفاك الخاص"
أدرك أن والده يلوي ذراعه وهو يعلم أنه معرض للتشهير بسمعته وسمعة شركاته ومصحاته بسبب أمر كهذا فدار حول نفسه نصف دائرة محاولا التحكم بغضبه حتى عاد ليواجه والده وقال
“ماذا تريد؟"
قال الدكتور "أخبرتك، أميرة ستكون معي وآدم لن يمكنه الذهاب معنا فهي لن يمكنها رعايته ورعايتي بذات الوقت ولن يمكنه البقاء هناك وحيدا وهو لا يعرف أحد"
نفخ بقوة وقال "وأين سيكون؟"
نظر الدكتور لها وقال "هل يمكنه البقاء مع نهلة؟"
هزت رأسها وقالت بصوت واهن "بالتأكيد فهو معها الآن"
هتف بغضب "لن يبقى ابني بمكان كهذا"
التفت الاثنان له عندما لفظ بكلمة ابني فانتبه لهم ولنفسه ولكنه أكمل "لن يبقى بوسط كهذا فلتأخذه أختها للبيت وتبقى به هناك"
قالت هي بتحدي "لن يمكنها ترك ماما فهي ما زالت مريضة ولا تخشى شيء فأختي ليست شخص جاهل كي تفسد ابنك فهي بكلية الحقوق"
حدق بها لحظة وقال "أنت تلزمين الصمت فكل المصائب تنبع من عندك"
أخفضت عيونها وقال الأب "ستترك أموال لأهلها بغيابي من أجل ابنك"
لم يرد وهو يتحرك إلى الخارج بغضب لم يعد بإمكانه السيطرة عليه من شدته..
نظرت للعجوز فابتسم وقال "لا أريد هذا الخوف بعيونك يا أميرة أنا لن أتخلى عنك"
عادت الدموع لعيونها وقالت "لماذا تركتني بحياته؟ كنت دعه يحررني أنا لا أريد تلك العلاقة يا عمي، دعه يمنحني حريتي وأنا أعدك أن أظل ابنتك دون أي مقابل"
ربت على يدها وقال "لو أراد إنهاء العلاقة لفعل، ليس أمجد من يمكن إجباره على شيء حتى ولو كان من أجلي فأنت تعلمين ما بيننا"
احتارت في كلمات الرجل وقالت "أنا لا أفهم"
ابتسم الرجل وقال "هو يبقيك لسبب برأسه لا نعلمه ولا نريد أن نعلمه طالما لصالحنا فأنا لم أعد كما كنت يا ابنتي ولن يكون معي بشدتي سواك فهل تتركيني وحدي"
زادت دموعها وهي تحيط يده بيديها الاثنان وقالت "لا عمي لم أفكر لحظة بتركك فقط، فقط هو من"
وأبعدت عيونها عنه فقال "لا تخافي يا أميرة لن يمكنه أن يضرك ما زلت زوجته رغما عنه وسيتعامل على هذا الأساس أنا أعرفه جيدا"
قالت بحزن "هو لا يقبلني ولا يريدني"
لم تذهب ابتسامته وقال "علينا أن نحارب نحن الاثنان أنا لاستعادة ابني وأنت لكسب زوج فرضته عليك الظروف"
لم ترد وهي تتساءل هل يمكنها أن تفعل؟ ولماذا تفعل وهي تريد التخلص منه؟
عندما خرجت لم تراه وإنما جلست قليلا قبل أن تأتي الممرضة وقالت "دكتور أمجد يطلب حضرتك بغرفتكم"
نظرت إليها بدهشة هل هو دكتور حقا؟ نهضت وتحركت إلى الغرفة ولكنها لم تراه ووجدته تاركا لها ورقة قرأتها "لا تنتظري بالخارج"
صلت فرضها وتحركت للفراش بتعب واضح واستلقت عليه حتى ذهبت في النوم دون تفكير بأي شيء
خرج من المشفى كلها باحثا عن الهواء وهو يشعر بغضب يكاد يذهب أنفاسه، تنفس بهدوء وتحرك أحد رجاله إليه باحترام وقال "دكتور أمجد مستر انطونيو يحاول الوصول إليك"
هز رأسه وهو يتحرك للسيارة وأخرج هاتفه واتصل بطون فأجاب الرجل وتباحث معه بأمور العمل ثم قال "راسل نزيه كي يجد جواز سفر لتلك الفتاة فستأتي معنا عندما تنتهي الإجراءات أبلغني أنا في طريقي للقاء ماك لقد اتصل بي"
قال طون "أي فتاة يا أمجد؟"
قال ببرود "تلك الفتاة يا طون، زوجتي، العجوز يريدها معه"
لم يجب طون للحظة ثم قال "تمام يا أمجد فقط أرسل لي بياناتها وسأقوم باللازم"
تحركت به السيارة وقد شعر بصداع يتحكم به وما زال الغضب يعتريه منها ومنه، عليه أن يأخذ والده لمشفاه بالخارج، ما زالت المظاهر الاجتماعية تهمه وسمعة شركاته ومصحاته العلاجية بالخارج وهنا أيضا تهمه وقد عرف الجميع بحادث والده وينتظرون سفره هناك فلن يتراجع كما عرف الجميع أيضا هنا بأنها زوجته فلا مفر من الاعتراف بها وقتيا حتى يجد حل لذلك، تذكر عنادها ورغبتها في الانفصال هل حقا لا تريد أن تبقى زوجته؟ والأموال وما تناله منهم و.. قطع نفسه وهو يتساءل ماذا نالت منهم منذ الزواج؟ بعض الأموال وماذا في ذلك إنها لا تذكر لقد توقع أن تجبر العجوز على التنازل عن أملاكه أو ما شابه ولكنها لم تفعل بل وتخدمه وتخدم ابنه وأهلها فما غرضها من كل ذلك؟ بالتأكيد هي تخطط لم أكبر من ذلك وعليه أن ينتبه لها جيدا فمكر النساء لا حدود له
انشغل بلقائه حتى المساء ودعاه الرجل لسهرة جيدة لم يرفضها وسط النساء نسى خلالها ما جاء من أجله وقتيا ولكن هاتف طون أعاده وهو يخبره أن الإجراءات انتهت والطائرة ستصل إليه بالتاسعة صباحا فاضطر إلى أن ينهي سهرته
عاد للمشفى على السادسة صباحا وأبلغ عبد العزيز بانتهاء الإجراءات وطالبه بإعداد والده للرحيل ثم اتجه للغرفة وفتح ودخل ليراها نائمة، اقترب من الفراش وتأمل ملامحها فبدت مختلفة وهي نائمة عيونها المغلقة تدل على هدوء لم يعرفه، بياض بشرتها يضيء وجهها بنور غريب، فمها الرقيق يمنحها جمال مختلف عن كل من قابلهم وخصلات شعرها السوداء الهاربة من طرحتها تؤكد أنه شعر أسود حالك كسواد الليل
تراجع لحظة من أفكاره ورفع يده ليهزها فانتفضت بفزع لتفتح عيونها وما أن رأته حتى اعتدلت بفزع وهي تعدل ملابسها وتطمئن على طرحتها فتراجع مبتعدا إلى أقرب مقعد وفتح جاكته وجلس واضعا ساقا فوق الأخرى وهو يقول "سنرحل بعد ساعة"
نهضت وقد ذهب الصداع فرفعت يدها لتعيد خصلات شعرها وهو يشعل سيجارة ويتابعها فقالت "هل عمي بخير؟"
نفخ الدخان بعيدا وقال "تهتمين به جدا؟ ترى ماذا منحك بالمقابل؟ أم ماذا منحته أنت ليتمسك بك هكذا؟"
كاد الغضب يتملكها مرة أخرى ولكنها أدركت أنه يتعمد إغضابها فنهضت بطريقها للحمام دون أن تجيب ولكنه استوقفها بقوة "أنا أتحدث إليك"
نظرت له بتلك العيون التي أوقفت العالم من حوله بمرة وما زالت تفعل بكل مرة ينظر إليها، قالت "وماذا تريد أن تسمع؟"
ضاقت عيونه لحظة قبل أن يقول "إجابة"
التفتت تجاهه وقالت "وهل يكفيك كلمة واحدة؟"
لم يرد وهو يتابع نظراتها ثم قال "التي هي ماذا؟"
قالت "الحنان"
ظل صامتا لحظة ثم صدع صوته بالضحك وهي تنظر إليه بدهشة حتى توقف وعاد الجمود على وجهه وهو يقول "كيف أصدقك وأنت تكذبين؟ هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يملكه دكتور عبد الرحمن فكيف يمنحك ما لا يملك؟"
أدركت كلماته فقالت "كان، كان لا يعرفه ولكن ابنك علمه، قسوتك علمته، الوحدة علمته وأنا وجدته عنده يوم عرفته لذا لا يمكنني أن أسدد ديني له سوى بالمثل أن أمنحه الحنان بل والحب أيضا الذي يستحقه"
نهض وتحرك تجاهها حتى وقف أمامها وأدركت كم هي قصيرة أمامه ورفعت رأسها حتى تنال نظراته الحادة وتسمعه يقول "أظن أنه نادم لأنه لم يتزوجك؟ أم أن وجودك معه بنفس البيت لم يجعله يندم ومنحه ما أراد بدون زواج؟"
رفعت يدها لتصفعه مرة أخرى ولكنه كان يعلم أنها ستفعل فأمسك معصمها بيده بقوة وتلاقت نظراتهم بتحدي واضح وهو يقول بنبرة حادة أثارت خوفها "أخبرتك ألا تفكري بتكرار ذلك الأمر مرة أخرى وإلا ستندمين"
وفجأة قام بحركة مفاجأة وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها ويده تقبض عليها بقوة لتجد ظهرها يلتصق بصدره وذراعه الأخرى تقبض عليها بقوة وتضمها لصدره وشعرت بأنفاسه على وجنتها وألم ذراعها يزداد وهو يقول
“أنا رجل لا يستهان به يا فتاة فلا تعبثي معي حتى لا تنالين عقاب مؤلم تستحقينه"
هتفت بألم "ذراعي، اتركني أيها المتوحش، اتركني ستكسر ذراعي، أنت لست بإنسان طبيعي أنت مجنون"
لم يبعدها وما زال يقيدها لصدره وهو يتنسم عبير جميل من طرحتها الرقيقة ولكنه ابتسم وقال "من الجيد أنك تتألمين كباقي البشر حتى تتذكري الألم المرة القادمة قبل أن تفكري برفع يدك على أمجد مرتضى"
هتفت بألم "لن أتوقف طالما أنت لن تتوقف عن وقاحتك وسفالتك"
لانت قبضة يده ولكنه لم يبعدها وقد أعجبه إصرارها وجرأتها ولكنه لم يبعد أنفاسه عنها وهو يقول "كل النساء تحب الوقاحة والسفالة فهي تجعلهم يشعرون بأنوثتهم وبالتأكيد أنت لا تختلفين عنهم"
تألم ذراعها أكثر ولكنها قالت وقد دمعت عيونها من الألم "لن يمكنك التمييز بيني وبينهم لأنك لم ترى امرأة سوية من قبل، ولكني مختلفة غصبا عنك"
رن هاتفه فجأة وتجاهله للحظة وهو مستمتع بما يفعله بها ثم قرب فمه من وجنتها حتى لمسها بشفتيه وهي تحاول إبعاد وجهها عنه وقال "يمكنني أن أعرف هذا الاختلاف عندما أصحبك إلى غرفتي فهناك لن ينقذك مني أحد يا، مختلفة"
وأطلقها وهو يخرج هاتفه ويجيب وتمسك هي ذراعها الذي يؤلمها بشدة ثم تذهب للحمام وتغلق الباب بقوة فينظر هو للباب مبتسما لأنه فعل بها ذلك
عندما خرجت كان يكمل مكالمته. صلت فريضتها دون الاهتمام بوجوده وقد انتهى فنهضت وكادت تكمل حذائها ولكنه قال "هذه الأكياس بها أشياء لك، لن تأتي معي لأي مكان بهذه الملابس البالية، هيا لا وقت أمامنا"
احمر وجهها من كلامه الجارح ولم تجد كلمات ترد بها ومع ذلك فتحت فمها لتجيب ولكنه اقترب وقال "المرة القادمة لن ألوي ذراعك فقط ولو طال لسانك هذا لن أتوانى عن قطعه أنا بالخارج لا يمكنني تحمل رؤية ما تحت تلك الملابس البالية بالتأكيد جسد بالي مثلها"
وتركها وخرج وقد أدرك كيف يضايقها دون أن يهتز طرفه وسخطت عليه وعلى اليوم الذي عرفته به..
يتبع..

هي من علمتني الحب  بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن