بدايات مستحدثة..

61 6 18
                                    

هو كان في دورة المياه الخاصة بالضيوف..تقع في الردهة بجوار غرفتهم..
يضرب الأحواض..يكاد يضرب المرآة..يشعر بأن قلبه يسحق، يدهس..

-" أنت ماذا قلت يا بيان؟! هل ستتركها تذهب؟! بهذه السهولة؟! هي تستطيع تولي أمر نفسها من دونك..هي امرأة قوية حتى في أكثر لحظاتها انهيارا..
و لكن هل هذا ممكن بعد الآن؟! هل تركها ممكن؟!
هل تترك سديم وحدها مجددا..أصعب عليك؟! صعب أن تقول أحبك بجراحك كافة؟! أصعب أن تعيدها ألف مرة؟! مليون مرة إن تطلب الأمر؟!
هل ستحتمل أنت؟! أن يحبها رجل آخر؟! أن تحب هي رجل آخر كما أحبتك؟!
هل بهذه السهولة ستتركها تذهب إلى منزلها؟! إلى حيث تعود فتواجه الدنيا من دونك..إلى حيث تسأل نفسها إن كان البكاء و النوم من حقها أم لا؟!
هذا يرضيك..تركها يرضيك..
كيف سيتم؟! دون النظر إلى عينيها كل يوم..دون الاستماع إلى صوتها كل يوم..دون محبتها كل يوم..
لقد تأخر الوقت..تأخر الوقت كثيرا على الرحيل..الآن إما ستبقيها جانبك حتى و إن فنى داخلها الحب فستحبها نيابة عن كليكما..أو سنذهب وراءها لتقنعها بالمجيء..مهما كلف ذلك من زمن..
الرجل الذي لا يستطيع الاحتفاظ بامرأة عمره و احتوائها..هل يستطيع الاعتناء بالعشيرة؟!
ربما يستطيع..يستطيع أن يكون سببا في إشباع البطون و حماية الأجساد..
و لكن تظل الأرواح مكسورة و خاوية..في غياب الرحمة تتفاقم الكراهية و تثقل أرواح الأبرياء بمشاعر الخوف و الذنب..
في غياب سديم أنت ستصبح أسوأ من والدك..أسوأ من مهيتاب..
الآن لا يمكن..
أنت لا تستطيع أن تكون نفسك إلا في جوارها..و هي لا تسكن إلا إليك..
إذا لا تدعها..لا تدعها في المخاض وحدها..
لن أدعك يا سديم..مهما كان خيارك يا امرأة عمري.."

حدث بيان نفسه بهذه الكلمات أمام المرآة..و اتخذ قراره..فتح الباب في قوة..يريد الذهاب إليها..

يجدها تفتح الباب في نفس اللحظة..يقفان متقابلان في الردهة..يفصل بينهما بضعة سنتيمترات..

أمارات الترقب تعلو وجهه..يتساءل عن قرارها..يبدو أنها قد استجمعت نفسها بعض الشيء..
و للحظة شعر هو بالخوف و بالطبع هيبته كانت كافية لإخفاء مشاعره عن العالم كافة سواها..هي تعرفه..من نظرة..من همسة..من نفس..

قطعت هي المسافة بينهما..تمد يدها إليه بشكل و كأنها تنتظر أن يمسكها..
أغمض بيان عينيه..سحب نفسا عميقا إلى صدره..كأن الدموع تبدأ من روحه و ليس من مقلتيه..
يخاف..يخاف أن يكون قرارها الوداع..الترك..يخشى أن يعود الماضي ليصفعه من جديد..يوم تركها تصبح سبأ..هي قد أخبرته وداعا أو إلى اللقاء..
هل يمكن؟! هل يمكن أن يكون هذا هو عقابه..عقابه أنه ما استطاع الإعتراف بهذا الحب مبكرا كما يجب..
أهذه لعنة مهيتاب حلت حقا عليه؟! أهو اليوم يفقدها دون رجعة؟!
أتتخلى عنه من علمته التمسك؟! من التفت على فؤاده كحبل متين من أحبال القدر؟!
الله يشهد أنه الآخر قد تعب..قد تعب من الفقد..من التخلي..من العبء على أكتافه..من المجادلة وحده..تعب من إظهار الثبات و دفع ثمن الهيبة بإخفائه للمشاعر و اتباعه للعادات..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن