تنبؤات مبهمة..

68 5 8
                                    

فتحت عينيها بهدوء..استيقاظها مسالم كنومها..هادئة في كافة أشكالها..
تأملته بعض الشيء..تتساءل في نفسها مرتاح هو أم أنها أنهكته هي إلى حد لا رجعة منه؟!

-" بيان.."

همست له..لا بغرض إيقاظه بل بغرض الأنس بوجوده فقط لا غير..

-" دعني أبني لك عرشا من ذهب، فضة، ألماس و أرصعه بالزمرد..و آخرا من حديد، نحاس، رمل و زجاج..و ثالث من نجوم، نيازك و حجارة من حجارة القمر..
دعني أجعلك ملكا على كل العروش مهما اختلفت أشكالها و ما صنعت منه من مواد..
في حضورك أطرح عني كل بلاغتي..شيء بداخلي يستيقظ و لا أستطيع له إدراكًا، تفسيرا و لا تعبيرا عنه..شيء في غياهبي كان مفقودا و الآن يدور بحثا عن مكانه الأصلي..
صوت بداخلي لا ينفك يخبرني أنني في هذا الحب لا أُضام..و أنا أستجيب دون مقاومة..دون صراع..و لأول مرة يتفق قلبي و عقلي على ذات المرام..
يعيشان سويا ذات الإرادة..
كن ما تريد أن تكون..كن من تريد أن تكون..أنا أحبك..أحب فيك الروح و الروح لا تهرم..الروح تصعد للسماء أما الأجساد بالية..
و لكن حتى و إن كنا أجسادا مهترئة..تحت الأرض أو فوقها..
شباب أم أصاب الشيب رؤوسنا و الكهولة عظامنا..
أحبك..
كل شيء أمامك أنت و عائلتي لا قيمة له لدرجة لا أستطيع وصفها..
أريد أن أخفيك داخلي..أخشى أن يراك العالم..
أقول سأصرخ..سأخبرهم جميعا بيان حقيقة و ليس حلما..
الرجل الذي أخبروني أنه مستحيل بكل المقاييس الآن أمامي..
هو أمانة لدي..
و من ثم أعود فأصمت..لا رغبة لي في أن تصل يد أحدهم إليك..
سينطقون اسمك بطريقة عادية..بلا مرجعية لما أنت عليه حقا..
في نظري بيان ليس عاديا..ليس مجرد رجل..
بيان هو أمر من ربي أتاني بالرحمة..و الرحمة من معجزات الله في الأرض..
الرحمة أكبر معجزة يحتاجها المرء..
بعدك انسحبت الوحدة من ساحة المعركة تجر أذيال الخيبة..و أتى الشوق مشهرا أسلحته تجاهي..
في ميدان الزمن داخلي أصبح هيامي بك يصارع ما تجذر في روحي من ألم..
أشعر و كأني غزال جريح ضائع..أريد حمايتك بكل ما تبقى مني و لكنني أُسحب إلى جذوري مجددا..إلى حيث اعتادت أسهم الصيادين أن تخترقني..
إلا أنني أستند عليك..ترهبني فكرة أن دمائي تغطيك كافة..أفزع لاحتمالية أن أكون أنا هلاكك بينما لم أرد لك سوى الحياة..
هل تنبت زهور العشق و الهيام إذا سقيناها دما و دموعا مالحة ؟!
أم أنها تموت حتى قبل أن تتبرعم؟!
أتيت و قد استهلكوني..قد انهكوني..هل ما بقى مني يكفيك؟!
السعادة التي أعرفها هي أن أكون بين يديك..
لا أفضل المطاعم الفاخرة و لا السفر حول العالم..
أحب الضحك و لكن أحيانا حتى ذاك الفعل الصغير لا أستطيعه..
فهل تسكن روحك إلى روحي حتى إذا خمد كل ما بداخلنا من شعور سوى الحب؟!
هل تعيش معي لحظاته الصغيرة دون حاجه لاندفاع الشباب و المتع الكبيرة؟!
بيان..أحب كل شعرة فيك..كل ما يلمس جسدك من ملابس..
كل ذرة تراب تتعلق بك أحبها..أحبك..أحترمك..و أصون كرامتك..
هل يكفيك هذا؟!
أخبرتني صباحا أن كلامك ليس مغازلة و لا مجاملات..صدقني أنا أيضا أبادلك ذات الشعور..
صادقة أنا في كل حرف حتى قبل أن تبلغ الحروف كونها كلمات و قبل أن ترتقي  الكلمات فتصبح جملا..
انطفأ اندهاشي تجاه كل الأشياء كافة..كل ما مر علي أصبح عاديا لدرجة أنني نسيت كم كنت أندهش بأبسط الأشياء..تعبي قد جعلني زاهدة في الامتلاك..أردت النجاة فقط..و كل ما سقط بين يدي من أشياء كنت أقيم لها الحداد..
أنا ذاكرة متصدعة..و قبر لكثير من الأشياء..ما تبقى من نفسي الحقيقة هو الجزء الذي يحبك..باقي الأجزاء داخلي ليست أنا..جميعهم قطع من الذين أحببتهم..أنت فقط قطعة مني..قطعة من اندفاعي الطفولي، حماسي و اندهاشي..
وحبي لك يدهشني أنا شخصيا..أرغب في احتوائك داخل أضلعي..لا داخل حجرات قلبي..فهل يكفيك قلبي؟!
عطاءات الله مدهشة..هذا هو التفسير الوحيد لما أشعر به تجاهك..
هذا تخطى أمر كوننا زوجا و زوجه..تخطى كوننا رجلا و امرأة..
هذه أرواحنا و لا شيء غيرها..
هل الروح قوية إلى هذا الحد يا بيان؟! لطالما عرفت أن الروح هي من أكبر المعجزات..و لكن ما تخيلت قط أنها تملك هذه القوة..
قليل ما ادخرنا نحن من ذكريات..إلا أنها تكفيني عمرا كاملا..و على النقيض فإن عمري بأكلمه لا يكفي هذا الحب..
من الجيد يا حبيبي أننا نبعث جميعا في الآخرة..فحياة واحدة معك غير كافية لما أريد أن أعطيك..
من الجيد أنك لم تأتِ مبكرا..لو أتيت مبكرا لما استطعت أن تحبني..
أتعلم..ذلك الوجه..الذي على الأرجح نسى وجودي على الأرض كافة..
أخشى أن أقابله مصادفة فيؤذيك..الأمر مضحك أعلم..
أنا أعيش قصة طويلة عريضة من غضب و سماح و خوف بينما يعيش هو كأن شيئا لم يكن..
لست حانقة عليه و لا أتمنى له السوء..بل على العكس أتمنى له حياة هانئة..
إلا أنني أتمنى أن أتخطى هذه الهواجس كما تخطيت الغضب و بعضا من الألم..
أتمنى لو أنني أستطيع ترك الأمر يمضي..بمرور السنوات تتساقط الذكريات إذا لماذا لا يتقادم الأثر ؟! بيان؟! هل ستظل جروحي كلها رطبة مهددة أن تصاب بالعفن؟!
لماذا أفعل كل ذلك؟! ربما الأمر بالنسبة لهم لا يستحق..لكنه بالنسبة لي كان من أعمق جراحي..
مجرد مرور خاطرة على قلبي أرى فيها ذلك الوجه يرمقك فقط..
أريد أن أخفيك عنه حتى لو كان في ذاكرتي فقط..
تحدثت كثيرا مجددا..و لكن ماذا أفعل؟! الكلمات هي لغة حبي..
للناس لغات حب خمسة..أتمنى لو يمنحني الله المقدرة لأحببتك بهم جميعا..
كيف آخذك إلى مصر بحق الله؟! كيف أبقى بجانبك و كيف أحميك هناك؟!
فيما يربطنا سويا لا اشتهاء لي في أي شيء..و لا حتى في أن تبادلني الحب..
فقط أريدك أن تكون بخير..أن أرى سعادتك..أن تكون آمنا مطمئنا حيث أنت.."

ظلالWhere stories live. Discover now