ليلة من الجنون..

85 5 9
                                    

بيان أخذ سديم إلى مطعم صغير..أصحابه متزوجان منذ زمان و لا يزالان ينهلان من بحور العشق دون هوادة..فيزدادون عطشا دون ارتواء..

رحب بهم الزوج بشدة..و ابتسم بيان ابتسامة مجاملة صغيرة جدا كعادته..
و جلسا وحدهما في ذلك المطعم بينما أخذت الزوجة في تحضير الطعام لهم و صب الشاي..

-" إنه مكان جميل.."

علقت سديم أخيرا بعد تأمل عميق للمكان..

-" لطالما أتيت إلى هنا منذ بدأت العمل مع يوسف..وسط كل الضجيج في حياتي هنا فقط كنت أجد السلام.."

بدا بيان مرتاحا في التعبير عن نفسه أكثر من المعتاد و ذلك جعل سديم مسرورة بما يحدثونه من تقدم..

وصل الطعام و تابع كل منهما الأكل في صمت..حتى وضع الزوج موسيقى معينة و أخذ يرقص هو و زوجته في المساحة الفارغة بين الطاولات..

-" هل تودين الرقص؟! "

سأل بيان و هو يبادلها نظرات مترددة بعض الشيء..
فالموقف غريب بالنسبة له..لا يهم كم خريفا عاش..و كم امرأة حاولوا أن يزوجوه بها تلك كانت مرته الأولى حيث يشعر بأنه مسؤول عن سعادة شخص ما..و أنه قد يهدم الدنيا و يحرقها فقط لأجل أن تستكين رأسها على صدره..

-" و لكنني لا أعرف كيف..أخشى أن أدهس أقدامك بلا هوادة.."

احمر وجه سديم حياء و توترا..

-" لا بأس أنا أعلمك.."

كانت سديم ستترك سترته التي أعطاها له على الكرسي إلا أنه أخذها و جعلها ترتديها و ما عادت مستقرة على كتفها فقط.
لم تمانع سديم و لم تسأل عن السبب..فقط بادلته النظرات و الابتسامات الخاطفة بسعادة و دون اعتراض..

يدعم جسده جسدها إذ يتمايلان..يده القوية مستقرة على ظهرها كأنه يقول لها ما دمت أمسك بك لن أسمح لأحد أن يضرك أو أن يكسرك..
و يده الأخرى ممسكة بيدها بقوة..لا يفلتها مهما تعرقت..

أما سديم فقد أغلقت عينيها..تتبع خطواته و كأنها تسير على السحاب و تخشى أن تفتح عينيها فتصطدم بصخرة الواقع الصلبة من جديد..
يهمس في أذنيها ببعض جمل من الأغنية..صوته عذب..تخشى هي ادمانه و عدم قدرتها عن الاستغناء عنه..

-" أنا أتولى حمايتك دائما - بإذن الله- لا أدع أحدًا يلمس هذه الأكتاف ما دمت لا تريدين.."

همس لها بعد انتهاء الأغنية..انصرف الزوجان من جوارهم و لم يلحظ سديم و بيان أيا من ذاك..
كانا يغرقان في الهيام سويا..

ظلالWhere stories live. Discover now