أميرة القلوب المحترقة..

111 5 23
                                    

كان استيقاظها كابوسا..كانت تشعر بالفزع و كأنها تغرق..ترى في ما يرى النائم..دماء، صراخا و انتقاما..
صورا من الماضي و آلاما من الحاضر..

فتحت عينيها بهدوء..تنفست بعمق لبضعة لحظات..و لبضعة لحظات أخرى بدأت في استيعاب ما حدث..
التفت برأسها لتجد بيان نائما بجوارها في هدوء..
يبدو مسالما و مرتاحا جدا أكثر مما اعتادت رؤيته منذ التقيا..

تنهدت بعمق..لا يثقل كاهلها التعب و لا انخفاض الضغط..
بل الأفكار..أفكار جمة تتنازعها في هذه اللحظة..
ما بين الخطأ و الصواب..
ما بين الخوف و الحب..
ما بين كونها سديم عمران الحرة و الآن زوجة رجل لم تعرف كنيته إلا وقت الزواج..
بيان الفارس..

قررت القيام بهدوء بعد أن أدركت أن دوامة أفكارها لن تفيدها بشيء..
و لاحظت باب الغرفة المفتوح..
تسللت بهدوء و حذر..لا أحد اطلاقا..
لا سارة و لا حرس و لا بشر..
هدوء تام لا أكثر..

تنفست الصعداء و انزاح من على كاهلها بعض من الثقل..
اتجهت للمطبخ..
تفقدت الثلاجة و الموقد..نظرت في ساعاتها و تنهدت..
كل شيء في عقلها يخضع لقوانين الفوضى و الفوضى فقط..

عادت مجددا إلى غرفة..تحممت و لكن عاودت ارتداء ذات الملابس مضطرة..و لفت حجابها و حاولت تحديد مكان القبلة و صلت..
أنهت صلاتها و تأملت بيان النائم مجددا..
تخشى أن تضع يدا عليه لتتفقده فيستيقظ من جديد..

أخذت جهاز الضغط و الدواء و خرجت..
تجلس على كرسي المطبخ..تنظر إلى اللامكان..
شاردة..تتقاذفها الأفكار و لكنها في ذات الوقت تشعر بأن عقلها فارغ إلا أن قلبها ممتلئ..

أخذت الدواء مجددا لتستطيع القيام بشبه المخططات في عقلها..
وجدت أرزًا و لحما في المبرد..فقررت صنع بعض الطعام غير الفتات الذي قدموه لهما ليلة البارحة و لم يمسه أحدهم..

أنهت الطعام و حملته إلى الغرفة..
إلا أن بيان لم تؤثر فيه الرائحة..كان نائما بعمق..كرضيع يعرف النوم على صدر أمه لأول مرة بعد المخاض..

دخلت سديم إلى دورة المياه..سحبت زجاجة من الزيوت العطرية و ملأت صحنا من الماء و خرجت إليه..
وضع بضع قطرات من الزيت على قماشة و في الماء أيضا..
و بهدوء ظلت تتبع قسمات وجهه المتعبة بهذه القماشة..

أخذ نفسا عميقا..و كأنه كان غارقا تحت الماء و الآن لامست رئته - التي احترقت من الغرق- الهواء لأول مرة..

فتح عينيه بهدوء..لا يزال عقله لا يستوعب..لحظات مرت و هي لم تتنبه لاستيقاظه..كانت تمرر القماشة المعطرة على يديه و كفيه بهدوء و تركيز..

ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن