سقوط الأقنعة..

Start from the beginning
                                    

بادلت سديم فادي نظرات قلقة و متوسلة على حد سواء..
إلا أن فادي كان جزءا منه قليل الحيلة أمام عناد صديقه و معاناته و الجزء الآخر  واقع تحت تأثيرها إلى حد خطير..

-" أستاذ وسام..انظر انك بالفعل تحترق..قد يسوء الأمر أكثر لذلك علينا بالوصول إلى الإمكانيات و الاستعداد قدر الإمكان لأي حالة طارئة.."

أخذ وسام نفسا عميقا في داخله و راقب نظرات صديقه و سديم المتوسلة على حد سواء..

-" ماذا بعد أن أذهب؟! تتركينني وحيدا مع عذاب الضمير..لقد احتملت أشياء كثيرة في حياتي..لكن هذا الألم لا أستطيع احتماله.."

خلعت سديم عنها وشاحها و وضعته على جرحه النازف و لم يعترض وسام اطلاقا..بل أغلق عينيه لثوانٍ معدودة مستمتعا بما حمله ذلك الوشاح من عبقها و دفئها..

-" لا يفر المرء من قدره يا أستاذ وسام..لقد كان في قدرنا أن نلتقي..لو أنني لم أكن في لبنان و كان قدري أن أنزع من داخلك هذه الرصاصة لسقطت علي من السماء و أنا في مكاني..
أنا و أنت تربطنا أحبال القدر فكيف لي أن أذهب إذا؟!
أستصدقني إن قلت لك أن ألم هذا الجرح و ندبته سيذهبون عنك و لكنهم لن يذهبوا عني أبدًا..
فالألم ألمي..الجرح جرحي و لكنها ليست دمائي.."

بدأت سديم في الانتحاب في هذه اللحظة..يشعر فادي بسكاكين تضرب في صدره و حبل يلف حول عنقه مانعا روحه من الاستقرار في جسده..مهددا بخنقه في أي لحظة..
و تاه وسام في كلماتها و دموعها هو الآخر و لكنه قبض على يديها التي تستقر بالشال على جرحه قبل أن يومأ لها برأسه ايجابيا أنه مستعد للذهاب..

###

انطلق الجميع إلى سيارة فادي..فادي في مكان القيادة و سارة بجانبه..
وسام و سديم في الكنبة الخلفية..
تجلس سديم بيد معلقة تحاول منع النزيف قدر الإمكان..

يراقبهم فادي بأعين يتطاير منها الشرر تارة..و تارة أخرى تغرق في الخوف و الدموع..و سارة تراقب الأجواء في صمت بينما ترسم خطة داخلها لإنهاء هذه المهزلة..

وصلوا للمشفى أخيرا..كان وسام فاقدا للوعي حين أدخلوه و طلبوا منهم الانتظار في الخارج فانصاع الجميع بما فيهم سديم..

-" هاه..يا للأسف..ما كنت أظنك أنت و وسام تلهثون خلف النساء الباكيات مرتديات أقنعة الضعف و البراءة.."

استفزت سارة فادي فلم يشعر بنفسه و إلا و قد أطبق أصابعه الحديدة على رقبتها يدهسها بلا رحمة..و تبتسم هي لتستفزه أكثر رغم تحول وجهها للأزرق..

-" سيادة النقيب.."

نادت سديم و لكنها وقفت على مسافة..لا تعلم إذا كان اقترابها سيحل المعضلة أم سيزيد الأمر سوءًا..

ظلالWhere stories live. Discover now