البارت الثاني و العشرين |لكل منا ماض مؤلم

1.9K 100 19
                                    

بدوت و كأنني أستطيع تحمل تعب الطريق كله،لم يلاحظ أحد رغبتي الملحة في السقوط و الإنهيار...

بعد ذلك الحوار توجهت ماتيا إلى الحديقة ، لتأخذ أغراضها و تستأذن من الجميع...
طلب لها ألبرتو سيارة أجرة لتوصلها إلى المنزل،و كان هذا كله تحت أنظار فيتال الذي كان لايزال واقفا في تلك الشرفة... يرى ماتيا و هي تغادر...
إستدار حينما أحس بخطوات تتقدم منه ، ليرى راكان...

تقدم منه و إستطاع تصور ماحدث من ملامح صديقه، و مع هذا إنهال عليه بالأسئلة...

" ماذا حدث... كانت قاسية صحيح... "

كان راكان يصب المزيد من الشرارات على قلب فيتال...

" لم أكن أتوقع أن تستقبلني بالأحضان... لكن لم أتوقع كذلك كل هذه القسوة... "

إمتعضت ملامح راكان بسبب كلام فيتال، ليردف بنبرة عتاب...

" لو كنت مكانها لما تكلمت معك أصلا... كانت رحيمة عندما سمحت لك بتبرير موقفك.... "

مع كل كلمة كانت ملامح فيتال تنهار..  أصبح خائر القوى لا يدري ما يجب أن يقول... الكل واقف مع ماتيا ،و يرى هذا الشيء منصف... لأنه غادر دون سبب و أنهى ما كان بينهم بطريقة بشعة...
و مع درايته التامة أنها لن تغفر بسهولة، لن يستسلم و سيحارب لأجل أن يحوز على قلبها ثانية...
لم يرد مواصلة الحديث، فربث على كتف راكان مودعا إياه ،و مغادرا المكان...

كانت تتكئ على زجاج تلك السيارة، تفكر مليا... بماذا ستقوم به منذ الآن،  أصبحت تشعر أن فيتال يشكل خطرا على قلبها... لماذا عاد... هل عاد حقا نادما... أم أنه جاء ليتلذذ بلذة إنكسارها...
سعيدة جدا لأنها لم تتنازل ولم تنكسر أمامه رغم داخله المهزوز... أظهرت قوتها و ثباتها... لم تسمح له بتحطيم حصونها ثانية...
لكن على من كل هذا التمثيل.... حسنا لنقل أنها تفوقت في تمثيل دور المتجاوزة أمام الجميع... لكن هل تستطيع التمثيل على نفسها و توهمها بالتجاوز...
لن تفعل قط، ولن تنكر...
ماتيا لم تتجاوز فيتال ولو للحظة... لم تنسى حبه....
رحل بعد فوات الأوان، بعد أن عشش في قلبها ولا مجال في إقتلاعه الآن...

بقيت شاردة على هذا الحال ،حتى سمعت صوت السائق منبها أنها وصلت... دفعت له ما يستحق،و نزلت بهدوء من تلك السيارة... 
فتحت باب منزلها، و أشعلت الأنوار... و في تلك اللحظة إنهالت عليها سيل من الذكريات...

عندما جاء فيتال إلى منزلها أول مرة ، و لم يكن بينهم شيء... عندما عرفت عمره...
اليوم الذي جاء ليخرجوا سويا، و تذوق الشاي و الحلوى التي صنعتهم هي...

كل هذه الذكريات جاءت إلى مخيلتها الآن، لتبتسم تلك الإبتسامة المصطنعة، المغطاة بطعم الخذلان و الإنكسار...

أخذت تصعد تلك السلالم بكسل، لتصل أخيرا إلى غرفتها...
أغلقت هاتفها... ليست متاحة الآن... فهي تحتاج وقتا لنفسها...
تفكر... كيف ستنام الليلة... ستكون ليلة طويلة بلا شك...

لقاء الأقدار Where stories live. Discover now