البارت الحادي عشر | عودة إلى الماضي

2.2K 113 6
                                    

في كل منا جزء مهزوم، كطائر جريح ، جرحه لا يشفى، و دمائه لا تنضب...

الليل أسدل ستائره، هدوء مريح يحتوي المكان، أضواء خافتة، و مدفئة خشبية مشتعلة، تلفح تللك الجالسةعلى الأريكة من برد نوفمبر....
تقرأ ماتيا كتابها بهدوء و تتمعن في تفاصيله،  و بين كل صفحة و أخرى تتذكر فيتال ....
أسيوافق و يؤيدها الرأي، أم أنه سيعاند كما هو الحال دائما...
بعد مدة رفعت هاتفها لترى الساعة....
"إنها العاشرة ليلا، لماذا لم يتصل بعد و يخبرني بقراره...
آه فيتال ،كم أنت شخص مكابر ..."

حتما... هي إستغرقت ما يقارب الساعة و النصف ،وهي تقرأ ذلك الكتاب...

أطفئت المدفأة،  و سارت بخطى هادئة نحو المطبخ...
لتحضر شاي أخضر يهدئ أعصابها... فهذه من العادات التي لا تستطيع أن تتخلى عنها....
أنتهت من تحضير الشاي ، و أخذته معها متجهة إلى غرفتها،  لعل النوم يزورها ....

إستلقت على سريرها و راحت تقلب في هاتفها...
و ما إن أرادت و ضعه،  رن و ظهر إسم فيتال على شاشته...
إبتسمت لتقول في سرها....

"كنت أعلم أنك ستتصل..."

كان الوقت متأخرا ، وهو لايزال في مكتب المعرض، ينهي بعض الأعمال... و يدرس مجرى قضيته مع ألبرتو...
لتداهم فجأة تفكيره... و لنكن أكثر صراحة... هي لم تغادر عقله أصلا...

فتحت الخط ليصله صوتها الهادئ... حمحم وهو يقول...

"مساء الخير ماتيا، أعلم أن الوقت متأخر... لكن أود أن أطلب منك شيء..."

بدى لها صوته مُتعَب،  أحست بهذا و كأنها أمه... لتقول حينها...

"ما بك فيتال ، ألاتزال في المكتب "

تفاجئ من قوة حدسها، و إحساسها و تفهمها الدائم له...

"نعم ، لا أزال في المكتب... "
توقف عن الكلام لبرهة ليكمل ...

"ماتيا، أيمكنني أن أمر عليك الآن؟؟؟
إذ لا يزعجك هذا طبعا..."

تستشعر شيء غريب في صوته،  و كأنه ليس على ما يرام... وقفت من سريرها مسرعة نحو الخزانة...

"طبعا ، سأكون بإنتظارك..."

ردت ، و ردها كان ما ينتظره... أقفل الخط، و خرج من المعرض ، ذاهبا إليها...
كان المطر ينزل على زجاج سيارته...
بينما هو يفكر ... يفكر في السبب الذي جعله يتصل بها فور ما أحس أنه ليس في مزاج جيد...
كان دائما الرجل الذي يفضل العتمة على النور ، يكتم أسراره، و يحارب ضعفه بنفسه...
أطلت عليه ماتيا لتنقص كاهله من الأفكار المتعبة التي تكتسيه دون سابق إنذار،  و دون موعد...
يرتاح عند الكلام معها... لا يشعر نفسه ذلك الرجل الغامض المريب...
يكون على طبيعته، لا يخاف من البوح أمامها... يثق بها جدا...

وقف أمام المنزل ، ليدق الجرس...

فتحت الباب ليقابله وجهها و إبتسامتها الهادئة...
كانت تشير له بالدخول لكنه قاطعها بصوته...

لقاء الأقدار Where stories live. Discover now