ستسبحُ وربّما تُصبحُ منقذًا!

Start from the beginning
                                    

كان يعني كلامه جدًّا.. أحمد اُنتُشِلَ من بكائه وسمع، كما أنّ يد أخيه التي ضغطت بقوّته الممكنة حول ذقنه حتى يرى وجهه الحزين وهو يلقي خطابه القصير جعلته يؤتي تركيزًا أكثر ممّا كان يفعل.

«لن تخاف السباحة بعد اليوم؟»

نفى ذلك وشعر أنه لمن السخيف أن هذا الذي يعشق أمثلة البحار لن يتسنى له تجربة الشعور مجدّدًا.

«لن أخاف، سأسبح حتى أصل إليك.»

ببحّةٍ أجاب الأصغر ليترك عمر ذقنه ويبتسم بعد أن اغرورقت عينيه هو الآخر.

«أرجو أن تكون رحلتك طويلةً وممتعةً.»

ضحك إثر تصويره لرحلته إلى الموت كشيءٍ من الممكن أن يسعد به، لكنها النهاية ما إن كنا راضين أو لا، سعيدين أو لا، خائفين أو لا، حذرين أو لا! ما المهمّ إذًا؟

يجب إذا أن نعيشها بطريقة جيّدةٍ ومُرضيةٍ للحدِّ الأقصى، الموت ليس نهايةً حزينةً إلا لمن يحبّنا، غير هذا فنحن نستطيع الموت ونحن سعيدون.

«لنذهب إلى البحر.»

وقف أحمد ماسحًا دموعه وتأكّدَ قبل قول جملته أن عينيه لم تعودا حمراوتين كما السابق، ثم راح ينادي مارك حتى يذهب معهما فيما تحامل عمر على نفسه ونهض من سريره.

.

«سنركب الحافلة؟»

أومأ له عمر بينما أحمد رغم أنه لا يريد لذلك أن يظهر بدا كما لو أنه يحدّق نحو ابن التسعة أعوامٍ بحقد الطفل داخله، كان هو أول دفعةٍ لأخيه حتى يخاطر تلك المخاطرات.

«أليست الحافلات سيئةً؟»

تساءل كعادته، وبين طيّاتِ ذلك عمر تذكّرَ أنه أحبّ الفتى لأنه كان يشبه أحمد في كثير الجوانب عندما كان طفلًا، هذا ما لم يلاحظه الشارد الجالس على مقعد الانتظار الذي يجاور الصغير المتحمّس.

«أجل، لكننا نستعملها هنا، ربّما سنستبدلها يومًا ما.»

نظر إلى أحمد والآخر فعل كما لو أنه يسمع أخاه يندي بشيء من الممكن أن يعمل عليه بما أنه يخشى ألا ينتج بعد موته المحتوم.

ابتسم أملس الشعر وحدّق في الطريق الواسع أمامهم، من النادر أن ترى فيه سياراتٍ لكن الحافلات وسيارت الإسعاف والشرطة واردة جدًّا.

«إن شاء الله.»

ضحك عمر بصمتٍ بعد أن نطق صغيره بذلك، يشعر بشيءٍ جميلٍ لأنّ هذا الطفل إلى جانبه تعلم منه كثير الكلمات، حتى أنه يفهم كثيرًا من كلامهم ولم يعد يحتاج الفرنسية كثيرًا لمخاطبته.

«شكرًا لأنك ساعدتني لكل هذا الوقت.»

ذلك الصغير قالها كثيرًا، لم يكن يشعر بالإحراج أو بأنه يُثقّلُ على الأكبر، كان فقط ممتنًا ويشكره حبًّا لا غير.

مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ.✓Where stories live. Discover now