قَتِيلُ حَيْفٍ.

75 19 16
                                    

°°°

قبل خمسة عشر عامًا:

«عمر، فسّر لأخاك المسألة ولا تسخر منه مجددا.»

تأفّأفَ مجعّدُ الشعر عكس أخيه ليضع الكتاب فوق الطاولة الصغيرة أمام سرير أمّه طريحة الفراش، بينما يقابله أخوه الباكي مُحمَرّ الوجه.

«إنها مسألة لطلّاب السنة الثامنة، وهو في الثامنة ولم يدخل مدرسةً، أمي هو فقط يريد إزعاجي!»

رغم أنه كان يتذمّر ويتململ إلا أنه بالفعل فتح الكتاب على المسألة التي بتفرّدٍ جذبت انتباه الطفل الباكي أمامه.

«لا تقل هذا، أحمد عزيزي سيفهمها، يجب أن تتصرّف كاخٍ أكبر عمر، لا أحد له غيرك يفسّرُ له.»

زمّ شفتيه وحدّقَ في عيني أخيه الغائرتين، شعر بتأنيبٍ ليعبس حاملًا القلم متمتمًا قبل أن يبدأ في التفسير:

«آسف.»

«أنا أحبّك!»

اعترف داخليا أن أحمد يصبح كتلة لطافة متحركة فور رضاه، وربما هذه أحد الأسباب التي تجعله يزعجه أساسًا.

«أنا أحبّك أيضًا.»

جلس الصغير بِجانبه وحوّل كل تركيزه إلى شرح الأكبر المفصّلِ.

«سالب خمسة وعشرون.»

أجاب فور فهمه لقواعد الجمع والطرح والضرب والقسمة للسالب والموجب، كان عمر ما زال يكتب أول عملية حِسابيّةٍ بينما أحمد تمتم بالحلّ.

«لِمَ لم ترغب بدخول المدرسة؟»

عندما تأكّد من صحّة إجابته، وبعد تكرار الأمر عدة مرّاتٍ طرح سؤاله ذاك بأسفٍ.

«الجميع كان عُدوانيًّا، كما أن الكتب كانت مليئة بالرسوم..»

همس كما لو أن ما قاله هو أسوأ ما على الأرض.

«أنت تكره الرسوم.»

أكمل عمر مكانه ثم أحاط كتفيه في عناقٍ تلاه وقوف الصغير حتى يحكي لأمه عمّا تعلّم.

«أمي نامت.»

علّقَ وأجّل الأمر، بينما جحض الأكبر وهو يرى صدر أمه ثابتًا لا ارتفاع فيه ولا هبوط.

هي شُخّصَت بعدّة أمراضٍ مزمنةٍ، كما مشاكل حادّةٌ في التنفّس وضربات قلبها غير مُستقرّةٍ، ربّما يعود الكثير مما سبق إلى أمومتها، لأنها دائما وفي كل مشكلة يتبعها انفجارٌ يخلّفُ كثير الغازات والدخان الضار كان تلف أبناءها بجلبابها وتحملهما إلى أبعد مكان مؤتيةً إياهما كل معدات الحماية لتبقى هي عارية منها، كان هذا في المعارك التي سبقت الحرب التي حدثت.

مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ.✓Where stories live. Discover now