مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ.✓

نقد للنوفيلا💙

نقد رواية ملحمة بيولوجية:
لطالما سمعنا عن ملاحم تاريخية، وأخرى سياسية واقتصادية داخل قالب الملاحم الاجتماعية، كلها صراعات على السلطة والجاه، لكن ماذا عن الملاحم البيولوجية؟ أهي صراع على البقاء؟

كل هذه كانت أسئلة دفع بها عنوان روايتك المميز، وجعل عقولنا تدور خارج أفلاكها لتحاول جني المعلومات عنه، نحييك على اختيارك الموفق.

أول ما يخطف الأنظار في نصك هي علامات الترقيم التي كانت منثورة بعناية فائقة كطاهٍ يعد كعكة لمناسبة رسمية، لكن أحيانًا هذا الطاهي يتناسى الفصل بين الجمل الصغيرة، وبعد النداء، وقد يطيل الجملة؛ لذا ننصحك بتقسيم الجمل بمقدار النّفس الذي ستحتاجه لقراءة هذه الجملة، تخيّل أنك تقرأ النص بصوت عالٍ وتلقيه على الحضور، وانظر أين ستقف، هذا دون إغفال إتمام معنى جملة وإيصال معلومة مفيدة.

غير أن المواضع كانت منضبطة، اختيارك لعلامات الترقيم ذاتها كان ممتازًا؛ فلقد اخترت الأقواس الصحيحة وميّزت بين الفاصلة المنقوطة وغير المنقوطة.
لكن الجمل الاعتراضية يفضل وضعها بين هاتين العلامتين: (- -) وليس هاتين: (_ _).

أما فيما يتعلق بالنقاط، فقد حافظت على ختام الفقرات بالنقاط، لكن دعنا نعرّفك على موضوع بسيط سيفيدك إن شاء الله.
هناك خلافٌ قائم بين اللغويين والكُتّاب على استعمال نقاط الحذف؛ فاللغويّون يرون أن نقاط الحذف هي ثلاث نقاط لا أقل ولا أكثر، أما الكتاب يضعون نقطتين بدل ثلاثة، ويستعملونها في الفصل بين الجمل، لكن الأصح لغويًّا هو الثلاث نقاط، ويرجى توخي الحذر، فالنقاط تلتصق ببعضها بعضًا وتلتصق بالكلمة التي قبلها وتنفصل عن الكلمة التي بعدها.

نأتي لزينة الكلمات التي تحير الجميع، وهي الهمزات.
نحييك على اهتمامك الجم بها فقد ظهر جليًّا في سطورك خاصةً فيما يتعلق بهمزات الوصل والقطع، لقد كانت منمقة ومرتبة.
لكن لدينا بعض الملاحظات البسيطة.

أوّلًا همزة الوصل والقطع:
- كلمة (اثنين) تكتب دون همزة لأنها من الأسماء التسعة المستثناة من القاعدة، لكن إن كنا نقصد يوم الإثنين نُبقي على الهمزة.

- الاتحاد همزتها همزة وصل؛ فهي مصدر لفعل خماسي همزته همزة وصل لفعلٍ أصله اتّحد، ويجب توخي الحذر من الشدة التي تعلو التّاء، إذ أننا نحسب الحرف المشدد بحرفين، الحرف الأول ساكن والثاني متحرك.
فيصبح الفعل: (ا-تْ-تَ-ح-د)

كذلك الوضع في كلمة (استخبارات)؛ فهي مصدرٌ للفعل السداسي (استخبر)، لذا همزته همزة وصل.

ثانيًا الهمزة المتطرفة:
- ترسم الهمزة المتطرفة في كلمة (سيئ) طبقًا لحركة الحرف الأخير وهو الياء؛ لذا رسمناها على نبرة وليس على السطر، لأن الياء هنا مكسورة وليست ساكنة.

- (التوضؤ) كما قلنا سابقًا، الهمزة المتطرفة تخضع لحركة الحرف الذي يسبقها، الضاد في الكلمة مضمومة؛ فبالتالي سنرسم الهمزة على الواو.

- يرجى التفريق بين (آخِر) التي تعني الشّيء النهائي الأخير، وبين (آخَر) التي تعني شيئًا غير الذي نتحدث عنه؛ فالأولى بكسر الخاء، أما الثّانية بفتحها.

نتطرق للنحو الذي كانت أخطاؤك اللغوية معدودةً فيه.

- لا نقول: (ربما التحدث عن من يعيش) بل نقول: (عمّن يعيش)؛ حرفا الجر (عَن ومِن) تُحذف نونهما للتخفيف إذا دخل أحدهما على مَن الاستفهامية أو الموصولة، فتصبحان هكذا: عمّن، ممّن.

- (لا يمكن إخفاؤها) تكتب على هذا النحو، يمكن هو فعل لازم يرفع فاعلًا فقط ولا ينصب مفعولًا، لذا فإخفاء هي كلمة مرفوعة بالضم، لذا وجب علينا كتابة الهمزة على الواو، لأن الضم أقوى من السكون، لذا تُكتب إخفاؤها.

- نقول: لن يتركونا وليس يتركوننا؛ فالفعلُ (يتركون) هو من الأفعال الخمسة التي ترفع بثبوت النون وتنصب وتجُزم بحذف النون، وهنا الفعل يتركون سبق بلن الناصبة، التي تحذف النون، فيصبح يتركوا، وبعدها ندمج معها (نا الدّالة على جماعة الفاعلين) فتصبح يتركونا.

وها قد حان دور الصرف وصياغة الجمل، ليتفضلا معنا على المسرح!

- يُفضل عدم استعمال كلمة خاصته، لأنها ترجمة حرفية عن ضمائر الملكية من اللغة الإنجليزية، لذا استبدلها بضمائر الملكية.

تعالَ، سنخبرك ببعض الأسرار عن الأرقام.

- نقول: ثلاثة أطباء؛ لأن الأرقام من ثلاثة لتسعة تخالف المعدود في التذكير والتأنيث؛ فكلمة أطباء هي جمع تكسير مذكر؛ لذا يجب إسباقها بعدد مؤنث إن كان من ثلاثة لتسعة.
والأطباء ثلاثتهم أجانب، وليس ثلاثة الأطباء أجانب.

- نكتب خمسمئة، وليس خمس مئة.
والنصيحة الأهم على الإطلاق، ننصحك بمراجعة درس الأعداد من كتاب وصايا الفرسان على حسابنا على الواتباد.

- من الأخطاء الشائعة استخدام كلمة بدون، إذ أنها خطأ بلاغي متعلق بالمعنى؛ فحرف الباء يعني المعية والمرافقة، أما كلمة دون تعني الانفصال، لذا لا يجب الجمع بينهما، بل نقول دون، أو من دون.

- لا ينبغي تنوين كلمة أشقر؛ فهي صفة على وزن أفعل، أي أنها ممنوعة من الصرف فلا تقبل التنوين.

واجهتِ بعض الصعوبات الطفيفة في ترتيب الجمل، خاصة بعد بعض الحروف، مثال:
بعد أن إفريقيا اكتفت.
والصواب هو: بعد أن اكتفت إفريقيا؛ من الأساليب الأعجمية الدّخيلة والخاطئة وضعُ الفاعل أوّلًا وبعده الفعل، فتركيبُ الجملة العربيّة عبارةٌ عن: فعل+ فاعل+ تكملة الجملة. ولهذا نضعُ الفعل قبل الفاعل.

وفي الختام، ننصحكُ دائمًا وأبدًا بالقراءة والاستزادة من أنهار اللغة؛ لأنك بالفعل على أساس حسن يؤهلك لبناء صرح لغوي متين لا تشوبه شائبة، ولا تنسَ نقل هذه الملاحظات إلى دفتر ملاحظاتك الجميل بخط واضح وجميل مثلك.

وتذكّر أن فرسان اللغة دائمًا هنا للدفاع عن اللغة وتحصينها وإرشاد الحائرين.

°°°

الشكر للفرسان على نقدهم ونشرتو عسى ينفع حد فيكم💛

دمتم في وِدٍّ 🧡
واستغفروا 💚