قليلٌ من إشعاع ألفا، كثيرٌ من بيتا.

80 15 0
                                    

°°°


قبل خمسة سنواتٍ:

الليل كان دامسًا، أخاه نائمٌ وهو يريد أن يكون سعيدًا بهذا النجاح الحديث، ربّما يودُّ فقط أن ينسى أحزان أرضه وبيته وأخيه.

«اشتقت إليك.. أنا لست جيّدًا في أي شيء.. بالكاد نأكل لوحدنا.»

تمتم ولم يكن يعني ذلك حقًّا، كان فعليًّا متعبًا من لعب دور الأب القوي، أن يدرس الطب ويعمل أمر صعب، إنها سنته الخامسة تحت وطأة اليتم واحتلال حياتهم في الشمال، يتدرّبون على حربٍ منتظرةٍ ليست تهّمه أبدًا.

منذ مدة لا تفوق بضعة أشهرٍ دفنوا عمهم العازب تحت الثرى، كان آخر شخصٍ عطوفٍ بعد أبيهم قابلوه، وها هما يمكثانِ في منزله حتى إشعارٍ آخر.

عندما دقت ساعة منتصف الليل كان قد أصبح صدره ضيّقًا جدًّا، كما كان لا بدّ من الخروج، ارتدى حذاءه وقابلته شهادة نجاحه في السنة الخامسة في كلية الطب، قبل ساعاتٍ عندما دخل رماها مع الحذاء في نفس المكان، لكنه فهم الآن أنها تُهمّه جدًّا.

أخذها بلطفٍ ووضعها فوق طاولة غرفة الجلوس _التي هي نفسها غرفة النوم له ولأخيه_ ووضع فوقها بعض النقود المعدنية حتى يفطر أخاه بها ثم حمل آلامه وراح يخيط الطرقاتِ ليلًا، علّه يضيعها في زقاقٍ ما.

بعد ساعة من المشي اللا معنى منه وجد أن قدميه تحملانه إلى آخر مكانٍ تلقّى فيه عطفًا وحمايةً من أبيه، حدود بلدهم الحديث، أينما قرروا أن تكون أرضهم، مفتكّين البحر ورمال الشمال الخصبة، ليصبح الشعب جائعًا أكثر مما كان.

ما زال السياج مرتفعًا مهزوزًا، البوابات الصغيرة تثقبه والخلاء يحيط به، لا أحد يجرأ على العيش قرب محطاتٍ عسكرية أجنبية، تماماً أينما تقطن وحوشهم.

«أبي..»

سقط على ركبتيه أمام البوابة التي لقي أباه حتفه جانبها، عندما تذكّرَ أن ذلك الجندي لم يعاقب شعر أن ناره لم تخمد، وأنه يعيش كل هذه المآسي بسبب شخصٍ يحيى الهدوء في خضم تخبّطه هو بين براثن مسؤوليات ليست من شأنه.

«حسبي الله..»

تمتم وتكوّر على نفسه يقعد على الأرض بينما يضم قدميه إلى صدره، لم يسامح الفاعل ولو لثانية من حياته ولن يفعل.

«ونعم الوكيل.»

أتمّها وإذ بشهقاته تعلو، لم يكن يشعر بشيء حوله، أن يكون حذرًا طوال الوقت لأمر صعبٌ، كل شيء فيه مكسور، في يومٍ كهذا اليوم كان عليه الاعتراف بهذا.

السماء اكتسحها ضوء أحمر طفيف وصل إليه، لكنه كان يخفي وجهه ولا يرى غير صورة والده يُقتَل مرارًا داخل عقله.

«أيها الفتى!»

بلغة إنجليزية سمع من يناديه، عندما رفع رأسه وجد سيارة مدرّعة تحمل عددًا من الجنود داخلها أمامه.

مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ.✓Där berättelser lever. Upptäck nu