قَتِيلُ حَيْفٍ.

Start from the beginning
                                    

.

قبل إحدى عشر عامًا:

«لقد أصبح الشمال الإفريقي محطة عسكرية للإتحاد الأروبي، يرجى من جميع السكان التوجه نحو الجنوب خلال ثلاثة أيام، أو أن الرجال سيُجنّدون والنساء والأطفال سيُدفعون إلى هناك قسرًا

المذيعة قدّمت الخبر وهي تبكي، مخالفة بذلك كل ما تدربت عليه من قمع لمشاعرها والتصرف بحيادية، وكل الشعب في الشمال نفذ بطواعية، بينما أهالي الجنوب أصبحوا يجهزون أنفسهم لاستقبال أقاربهم، ومن لا أهالي له يستعدون لاستقبال من لا مأوى لهم.

لقد حصل كل هذا قبل الحرب العالمية الخامسة، وسيطرتهم على تلك الأراضي كان فقط لتكوين مراكز وثكانات عسكرية تدريبية فقط، لأنهم كانوا على علمٍ بتلك الحرب التي ستقضي على ثلث سكان الأرض، والتي ستتبعها أمراض مميتة.

«أبي، هل سنترك أمي هنا ونرحل؟»

الصغير كثيف الشعر تساءل مشيرًا إلى اتجاه المقبرة القريبة من منزلهم الصغير، أومأ الأب وهو يضب أمتعتهم حامدًا الله كثيرًا أن له أخٌ في أحد المدن جنوبًا.

«هل أجلب كتبي أيضًا؟»

عمر من تساءل هذه المرّة.

«طبعًا، تلك أهم ما لدينا، وأحضر كل ما حله أخوك من معادلات.»

كان أبًا سيهتم لتلك التفاصيل حتى في أحلك أوقاته، ثقل الأغراض عليه مع ظهره الغير سليم لم يكن مهمًا بقدر مستقبل أبناءه.

أومأ وراح يفعل ذلك.

عندما خرج ثلاثتهم من بيتهم كانت المدينة في حالة فوضى عارمة، الجميع كان خائفًا من الجيش القويّ، الجميع كان يلهث حتى يصل إلى الحدود التي رسمها ذلك الجيش لهم حتى لا يُقتلوا.

«أبي، جارنا جالس أمام منزله، هل نأخذه معنا؟»

أحمد من اقترح ليستغرب الأب تصرف جاره العجوز، طالما كان رجلًا يحب الحياة حتى هذه الضبابية التي يعيشونها، لِمَ ليس هاربًا من الموت إذا؟

«معتز! هيا إلى الجنوب!»

«تعرفني لا أحب الصحاري يا رجل، أريد رؤية دباباتهم وصواريخهم.»

أجابه مبتسمًا.

«وهل ترى الينابيع تحيط المكان، كفاك هذيانًا!»

أصرّ الأب يتقدّم نحو العجوز الذي بقدرِ ما يظهر عليه التمسك بقراره بقدر ما هو حزين، تبعه أبناؤه يحملقون بالعمّ الوحيد الذي لا يردعهم عن إحداث ضجة في الحي لا يريد الهرب من الوحوش الآتية.

«أرى حياتي.. لا أريد الهرب منهم، سيقتلوننا في كل الأحوال، أظنني سأستعمل فرنسيتي للمرة الأولى بعد المدرسة، إذهب مع أطفالك يا يحيى، أنا متأكّدٌ أن هذا الصغير سيفعل شيئًا ما، أحطه بالرعاية لأجل هذا البلد وهذا الشعب.»

| مَلحمةٌ بيولوجِيّةٌ | ✓Where stories live. Discover now