الجزء الرابع

117 6 0
                                    

فتحت منار عينيها مع صوت آذان الظهر و توضأت وصلت الصبح و الظهر سوياً وفتحت حسابها على هاتفها وكتبت لعمر :أخبارك إيه انهاردة؟
-أنا حلو عشان سألتى عليا.. وانتى؟
-يعنى.. الحمدللّٰه على كل شئ
-مالك؟!
كتبت بضيق :مخنوقة شوية عشان إتخانقت مع أعز صحابى وكلمتها بأسلوب وحش! ومن موضوع كمان!
-إيه كمان ؟!
-مضايقة من كلامنا بصراحه بتاع انبارح أوى!.. وهو بصراحة مينفعش!

فكر عمر قليلاً ثم كتب : أنا آسف عشان قولتلك حاجه زى كدا وبصراحة إنتى معاكى حق! واعتبرينى مقولتش حاجه و أنا مش هكلمك فى الموضوع دا تانى أبداً غير لما آجى وأتقدملك رسمى.. تمام كدا ولا فى حاجه تانى خنقاكى؟
إرتاحت بشدة لكلمات وكتبت بأريحية : شكراً يا عمر
-العفو على إيه.. المهم إنك تبقى مبسوطة
-أنا ببقى مبسوطة طول مانا بكلمك
أرسلتها منار ثم إنتبهت لما أرسلت!.. وقالت لنفسها "إيه الغباء دا! انا كنت لسه بقولوا إيه وبعتلوا إيه!!.. اظاهر ان هدير كانت صح لما قالتلى إنى ممكن أضعف وأقول الكلام الغلط.. يارب متزعلش منى وتبعد عنى عمر
              
            **** 
وبعد صلاة الظهر حضر حازم مع نور تلك المحاضرة بعنوان "فهمت الدنيا" وكانت من شاب يدعى أحمد أخذ يحدثهم فى المسجد عن حياته السابقة وكيف أخطأ كثيراً وفعل كل مايبغى ولكنه لم يسعد إلا حين عاش لهدف وهو اللّٰه.. ظل حازم يستمع لكلماته والملل يكاد يقتله!.. فهو سمع هذا الكلام مراراً وتكرارا ولكنه لم يشعر يوماً بصدقه !!
عندما إنتهت تلك المحاضرة خرج نور وحازم من المسجد فقال حازم لنور بضيق: عجبتك يانور؟
قال بسعادة : جدا جدا جدا.. أنا بجد بحب أحمد دا جدا ودى رابع مرة أحضرله نفس المحاضرة وهحضرها خامس وعاشر ومليون ان شاء اللّٰه.. كل مرة بيزرع جوايا طاقة إيجابية ويدينى أمل إنى مهما بقيت وحش ممكن أرجع لربنا وممكن أعيشها بانبسغط وسعادة وانشكاح
اعسعت عينا حازم وقال بغير تصديق : إيه دا؟ !!.. أمال أنا ليه محستش بكل دا !.. أنا حسيت إنه بيشتغلنا ياعم !!.. مفيش حد بيتغير 180 درجة كدا بين يوم و ليلة!!.. لأ وايه كان هيعتدى على واحدة ولما قالتله اتقى ربنا اتصلح واتغير وبقى فل يا فل ولأ وايــــــــه نفس ذات الوحدة دى رضيت اتجوزوا !!.. إيه البكش دا !!!
"عتدك حق !"
إلتفت حازم لمصدر الصوت بفزع فإذا به "أحمد" الذى كان يهزأ به منذ ثوانٍ .. ارتبك حازم ولم يجد مايقوله ولكن أحمد نفر عليه هناء البحث عن كلمات وقال بابتسامة منحت حازم بعض الهدوء : عندك حق .. أنا لو حد حكالى حكاية زى دى عمرى ماكنت هصدقها .. بس معنديش حاجة أثبتلك  بيها إنها حكاية حقيقية .. كل اللى أقدر أقوله لك إنك مش هتصدقنى غير لما تحس إحساسى
قال حازم باهتمام : وإنت حاسس بإيه؟
ابتسم أحمد ثم قال : مرتاح
قال نور بسعادة :يارب أنا كمان أبقى مرتاح زيك ياأحمد
-يارب يانور
سأل حازم باهتمام :طب أنا أبقى مرتاح إزاى؟.. أنا مخنوق خنقة فظيعه !!وعمرى ما حسيت براحة !!

-دور على ربنا ياحازم وإنت ترتاح.. دور عليه فى كل حاجه بتعملها.. أنا عارف إنك سمعت كتير وكل الناس بتقولك قرب من ربنا بس أنا بقولك بجد دور عليه.. وعلى اللى يرضيه.. أصل هى دنيا واحدة بس وكلنا هنموت.. يانموت على طريق اللّٰه.. يانموت على أى طريق تانى مش هيفيدنا !
-يعنى إنت عايزنى أحبس نفسى فى صومعة وأقعد أعبد ليل ونهار !.. ولا  اتعلم ولا اشتغل ولا اعيش !!!
رد أحمد بثقة : لأ طبعا !..مين قالك كدا !..المشكلة إننا مترسخ عندنا صورة إن اللى بيحب ربنا دا لازم بيبقى معقد ويحرم كل حاجه ويبقى قفل وخد خنيق كدا !.. والمشكلة الأكبر إننا فصلنا العبادة عن الحياة فإما انى أعيش حياتى بطول و العرض بعيد عن ربنا .. واما اقفل عليا الصومعه واعبد وبس وفى الحالتين مش هترتاح!
تنهد أحمد وأردف : الحياة أجمل بكتير من اللى احنا شايفينه .. الخناقات و الزحمه والغل و الكره ومش شايفين ربنا فى كل دا ..
صمت حازم قليلاً يفكر بكلمات أحمد ثم قال ببسمة : إنت غريب جدا! ..وعايز تعيش فى يوتوبيا (المدينة الفاضلة) بتاعت أفلاطون !.. اللى زيك ميقدرش يعيش مع الناس !
ابتسم أحمد وقال : عندك حق .. أنا فعلا مش عايز أعيش مع الناس .. أنا عايش فى مكان تانى لوحدى .. مش معايا غير ربنا وبس .. مش هقولك يوتوبيا بس أنا عايش فى جنة الأرض على أمل إنى هقابل ربنا فى يوم فى جنته إن شاء اللّٰه .. وإنت شايف إنك لو عملت زيي هتبقى غريب افتكر ديما "فطوبى للغرباء".. وطوبى دى شجرة فى الجنه .. وايه المشكله لما ابقى وانت ونور مختلفين عن بقيت الناس بنفكر باختلاف وتتصرف باختلاف !.. إيه هيحصل لو عيشنا حياتنا بالطريقة اللى احنا نبتكرها مش اللى مجتمع عاملها وبقيت الناس ماشيه عليها .. إيه المشكله لما أبقى مبتسم علطول ومبسوط ولما حد يقولى حاجه وحشه اقولوا تفائلوا بالخير تجدووه .. واللّٰه ياحازم الموضوع بسيط وجميا وصدقنى اول ماتدور على ربنا كل مشاكلك هتتحل .. خليك لوحدك مع ربنا .. صاحب مليون صاحب جدع بس خليك عايش معتمد وواثق فى اللّٰه وبس !.. عشان يوم ماهتبقى لوحدك هتتقوى بربنا وبس .. بصراحه جوايا مشاعر كتييييييييييييييييييرة متتوصفش .. وربنا يرزقك احساسى ومشاعرى المتلغبطه ..
تنهد حازم وقال : بس الدنيا صعبه أووى يا أحمد !.. وكل ما أحاول أقرب من ربما أبعد !..
ابتسم أحمد وقال : البحر الهادئ لا يصنع بحار ماهر .. فاهمنى ياحازم؟
ارتسمت على وجه خازم ابتسامه وقال :فهمتك
            ****  
عاد حازم لمنزله وغرتمى على فراشه أخذ يفكر كثيراً بكلام أحمد وخاصةً عبارته الأخيرة أخذت تردد فى أذنه "البحر الهادئ لايصنع بحار ماهر!".. نهض من فراشه بسرعة واقترب من مكتبه وأخرج ورقة وكتب عليها بخط كبير "هدور على ربنا " وعلقها على الحائط وكتب على اخرى عبارة أحمد الأخيرة وعلقها هى الأخرى على الحائط ثم ارتمى مجددا على فراشه وأخذ يتأملهما ويفكر فى الخطوة القادمة .. ماذا سيفعل كى يرتاح كما ارتاح أحمد وفجأة رن هاتفه فقال لنفسه "أيون .. هبدأ بالاغانى !.." ثم قالت لنفسه " ياعم انت؛ م على الصلاة الأول"..
"خلاص يبقى هبدأ بالصلاة !.. عقدتى الكبرى .. بس دى هحلها ازاى ؟!!.. امممممممممممممم أنا هسأل نور!
بس لما يعرف انى مبصليش شكلى هيبقى وحش قوى قدامه .. خلاص حفاظاً على شكلى أنا هدور على النت! "
فتح حاسبه وكتب "الصلاة".. وضغط زر البحث .. ظهر له عدة شيوخ ممن لا يحب مظهرهم فأضاف" الصلاة مصطفى حسنى ".. ظهر له حلقات أحبك ربى عن الصلتة وغيرها.. بدأ يحملها على هاتفه بحماس شديد وبدأ يحمل حلقات أخرى لنفس البرنامج عن مواضيع مختلفة وهو يشعر بحماس وسعادة لم يشعر بهما من قبل .. ظل هكذا الى أن سمع صوت آذان العصر أغلق حاسبه وتوضأ وفرش المصلاة على الأرض ورفع يديه ولكنه لم يكبر .. انحنى ورفع المصلاه عن الأرض وارتدى حذائه ونزل ليؤدى العصر بالمسجد كبداية ل "صلح مع اللّٰه"

انا انتِ          لـ/ سلمى طارقWhere stories live. Discover now