مُديرية أمن القاهرة.

49 16 2
                                    

الساعة 10:00 مساءً.

أحيانًا، يتهموني بأنني رجلًا بلا قلب، ولٰكن تلڪ الحالة التي كانت أمامي فاقت ما قد يتحمله أي رجل بلا قلب، بالتجاوز عن ذِكر و وصف الحالة التي كانت عليها من الإنهيار العصبي، ومُتلازمة ما بعد الصدمة، اضطررنا لنقلها لمكتبي لاستجوابها بآخر ما رأته.

وحتىٰ الآن، لم تتكلم فيما حدث من نفسها، وإذا أردتُ أن أُخرج منها المعلومات بنفسي، يجب عليَّ التحلّي بالصبر.

- نزية بيه!

صدرت من أحدهم، لتقاطع أفكاري وأنفاس سجائري مُتلفتًا لمصدر الصوت المألوف، فوجدته ذات الوجه المألوف:

- ... هلال!

وصل إليّ، فسلّم عليَّ بحرارة، وقابلته أنا بنفس الحرارة، علىٰ عكس المعتاد مني، قبل أن يردد مُستنتجًا علىٰ وجههي الأمر:

- قطعوا أجازتڪ؟!

- ابتديت تشغل دماغڪ.

- مش محتاجة تشغيل دماغ، إنتَ راجل مُشعر، لمَّ بتهمل دقنڪ يومين بتنبت، بس خُد بالڪ بقى عشان ابتدت تبيضّ يا راجل يا عجوز!

ضحكتُ مُستهزءً ما قاله، مُستنكرًا إياه، فسألته:

- عامل إيه في قضيتڪ؟

- مشاكل عائلية.

- طب شِد حيلڪ!

- حاضر.

تركني ورحل، وأنا لا أزال مُعرضًا وجهي بنفس زاوية مُحادثته، لأرىٰ من الجهة الأخرىٰ هيثم المصري وصل بنهاية الرواق، وعلىٰ وجهه تعابير العجالة في أمره.

- ... خير؟

- ده تقرير تشريح الأربع جُثث.

تأكدتُ أولًا أنه بخط يد عمار عرابي، فرددتُ مُبتسمًا بصوتٍ مسموع، غير مُبالٍ تعليق ذٰلڪ الضابط الخفيف.

- عظيم!

- ربنا يبارڪ في سعادتڪ يا باشا.

ساذج!

التفتُّ بعدها إليه قائلًا:

- هتطلب عشا لفردين وتحصلني علىٰ مكتبي.

- ربنا يبارڪ في سعادتڪ يا باشا، والله ما له لزوم التكليف ده!

رمقته بنظراتٍ مُتعجبة، فعقد هوَ حاجبيه مُستعجبًا تعجبي.

- آء.. هوَ في حد عند سعادتڪ جوة؟

- روْح يا هيثم، إخلص!

- أمر سعادتڪ.

* * *

«مُكتب مُصطفىٰ نزية».

الساعة 10:35 مساءً.

- ... لأ، كُلي يا خلود، مينفعش كدة؛ عشان خاطر نفسِڪ!

الملف الأسود | The Black FolderWhere stories live. Discover now