الفصل الثاني والسبعون

Start from the beginning
                                    

ثم اعتدل واقفًا وهندم من سترته قبل أن يلقى عليهم نظرة نارية ويستدير ويرحل تاركًا إياهم الدماء تسيل من كل جزء بوجههم وذلك الوغد يتأوه بألم ... فور خروجه من الباب وجد أحد أفراد الأمن أمام الباب ويسأله بريبة وقلق :
_ هو في حاجة ياعدنان بيه ؟!
عدنان بعصبية :
_ الاتنين ال**** اللي جوا دول ملمحش وشهم بقية الفرح نهائي
أجاب رجل الأمن بانصياع تام لأوامره :
_ تحت أمرك ياباشا

                                  ***
التقطت عيني جلنار زوجها المندفع نحوها والشر يتطاير من عينيه .. ضيقت عيناها باستغراب وقلق بسيط وبقت تتابعه بنظرها حتى وصل إليها ولم تلبث لتسأله حتى ماذا حدث فوجدته ينفجر بها كالثور الهائج :
_ قدامك حلين يا إما تطلعي قدامي على العربية وارجعك البيت بإما تطلعي على فوق في الأوضة اللي كانت موجودة فيها زينة قبل ما تنزل وتغيري الزفت اللي لباسه ده
جلنار بفزع بسيط من طريقته العنيفة وعصبيته ردت عليه بعدم فهم :
_ إيه اللي بتقوله ده .. في إيه ياعدنان !!!
عدنان صائحًا بنظرة مرعبة :
_ هتطلعي الأوضة ولا نروح البيت !
جلنار بعصبية مماثلة له :
_ مش هعمل حاجة .. لما تفهمني الأول إيه حصل ؟!
التهبت نظراته أكثر وأصبحت أكثر احمرارًا وفجأة وجدته يقبض على ذراعها ويجذبها معه لخارج قاعة الفرح بأكملها بينما هي فتحولت لحمرة من النيران وهتفت محاولة إخفاض نبرة صوتها حتى لا يلاحظهم أحد :
_ عدنان إيه اللي بتعمله ده سيب إيدي !!
رمقها بنظرة مميتة وهدر :
_ هنرجع البيت
كانت تستشيط غيظًا وغضبًا لكنها صمتت مؤقتًا وقبلت بالوضع حتى لا يصبحوا حديث على كل لسان .. أشار لها بأن تسبقه للسيارة ففعلت وهي على وشك أن تنفجر من فرط الغضب .. ثم أشار بيده لابنته أن تأتي إليه وفور وصولها له هتفت برقة وابتسامة عريضة :
_ نعم يابابي
عدنان بحزم :
_ يلا يابابا هنرجع البيت كفاية
هنا بعبوس طفولي :
_ بس أنا بلعب من صحابي يابابي لسا !
_ تبقي تلعبي معاهم مرة تاني ياهنا .. يلا على العربية

زمت شفتيها بحزن وتلألأت العبارات في عيناها من معاملة أبيها الجافة لها والتي تشهدها للوهلة الأولى .. لم تعتاد أبدًا على معاملته القاسية تلك !! .
لكنها انصاعت لأوامره بصمت وسارت مطرقة الرأس نحو السيارة لتستقر بالمقعد الخلفي وتلقي نظرة على أمها الحالية بالمقعد الامامي وكان يبدو عليها أنها تحترق من قوة اشتعال نيران غضبها  ! .
لحق بهم واستقل بنقعده المخصص للقيادة بجوار جلنار التي لم تنزل بنظرها عنه للحظة واحدة تستمر في التحديق به بغيظ وغضب بينما هو فكانت كلمات ذلك الوغد ونظراته لها ملتصقة بعقله ولا تتركه .. وكلما تهدأ ثورته قليلًا تعود وتشتعل من جديد فور تذكره لكلماته القذرة وهو يصف مدى إعجابه بجسدها وثيابها الحمراء ! .
دقائق طويلة مرت من الصمت القاتل بينهم جميعًا .. بين هنا الصغيرة التي تتابع الطريق بحزن صامتة وجلنار التي لا تطبق الانتظار حتى تصل للمنزل لكي تفرغ طاقة سخطها المكتظة به وهو مازالت الكلمات تأكل صدره أكل وتلهب غيرته أكثر ...

رواية امرأة العُقابWhere stories live. Discover now