الفصل السادس والخمسون

11.4K 468 24
                                    

(( امرأة العُقاب ))

_ الفصل السادس والخمسون _

فجأة همسة عالية باسمه وصلت لأذنه من الخلف كانت كفيلة حتى تسمره بأرضه :
_ هشام !!!
التفت برأسه للخلف قبل أن يستقل بمقعده فوقع نظره عليها تقف على بعد مسافة منه وتلهث أنفاسها كأنها كانت في سباق للعدو ! .
اعتدل في وقفته واستدار بجسده كاملًا يتابعها وهي تتقدم منه ببطء حتى وقفت أمامه مباشرة وتطلعت بعيناه في ثبات وبعض الرجاء لتهمس :
_ متمشيش !
طالت نظراته الصامتة وسط ابتسامته الجانبية حتى رد متصنعًا عدم الحيلة :
_ مينفعش يا زينة الطيارة بعد ساعتين خلاص وهناك مستنيني في المستشفى في المانيا
عبس وجهها لكن سرعان ما اعتلته معالم الحدة والشراسة وهي نجيبه :
_ وأنا مش هسمحلك تمشي يا هشام

تراقص قلبه فرحًا على سيمفونية خاصة .. لم يكن يتوقع تمسكها به ورفضها القاطع لمغادرته وفراقهم ولذلك هي الآن تدهشه .. ولا بأس من المزيد من الدهشة ! .. حيث مال بوجهه علي قامتها الصغيرة مقارنة بقامته الطويلة والعريضة حتى أصبح في مقابلة وجهها تمامًا وركز عيناه على خاضتها يسألها بترقب ونبرة ذات معنى :
_ليه مش هتسمحيلي !
تعرقت وارتبكت من نظراته وقربه فبقت ساكنة ترمقه بصمت وعينان زائغة من فرط الخجل .. لم يسعفها عقلها ولسانها للإجابة فأطرقت رأسها أرضًا تتهرب من نظراته ومن الإجابة .. ضحك بصوت مكتوم وقرر اللعب على اوتارها قليلًا حيث رسم قسمات الغضب والضيق على محياه بمهارة وانتصب في وقفته ثم هتف :
_ مفيش سبب صح !!!
القى نظرة أخيرة ماكرة قبل أن يستدير ويهم بالاستقلال بمقعد سيارته في حركة مدروسة منه وبالفعل أسرعت هي تقبض على ذراعه حتى تمعنه من الرحيل فور ابتعاده وتهتف بعفوية :
_ لا في طبعًا !
اتسعت ابتسامته لكنه أخفاها بسرعة ورسم الجدية على وجهه قبل أن يلتفت بجسده لها من جديد ويردف :
_ إيه هو ؟!
ازدردت ريقها بتوتر وعيناها راحت تتجول بكل مكان حولها كالكرة الدوارة من شدة اضطرابها ثم بالأخبار خرج همسها ضعيف ومرتبك :
_ مش عايزة اخسرك .. محتاجة احس بوجوك جمبي ومعايا .. متسنبيش ياهشام أنا مفضليش غيرك إنت وماما .. لو بتحبني بجد قلبك مش هيطاوعك تسيبني وتبعد عني خصوصًا وأنا بترجاك

تأملها بأعين هائمة تطلق سهوم العشق وسط ابتسامته التي حكت أكثر من شفتيه .. ود للحظة أن يأخذها بين ذراعيها ويمطرها بوابل من قبلاته ولكن هيهات ! .
خرج صوته الرجولي ممتزج ببحة غرامية تذيب القلوب  :
_ آه لو تعرفي إنتي عملتي ايه في قلبي دلوقتي

أجفلت نظرها أرضًا خجلًا وسط ابتسامة رقيقة منها ثم لحظات معدودة وعادت تتطلع له بحماس طفولي وسعادة :
_ خلاص مش هتمشي صح ؟
لم يجيب واكتفى بابتسامة ونظرة أجابت بدلًا عنه جعلتها تقفز عليه فرحًا وتعانقه هاتفة :
_ كنت متأكدة

لم يبعدها عنه واستمر عناقهم لدقيقة كاملة كان هو غارقًا في سيل مشاعره وسط عناقهم وهي تعتليها السعادة بالكامل لنجاحها في ردعه عن الذهاب ووضع نهاية لذلك الفراق السخيف ! .....

رواية امرأة العُقابWhere stories live. Discover now