الفصل الثاني عشر

17.3K 565 26
                                    


منتظرة بغرفة المكتب الخاصة به لما يقارب ثلاث دقائق بالضبط ، جالسة على مقعد وثير بجانب المكتب واضعة ساق فوق الأخرى ، وبنظرها تتجول بين أرجاء الغرفة .. تتأمل أثاثها الكلاسيكي والرث بالنسبة لها ، حتى الوانها باهتة وتبعث طاقة سلبية في نفس الناظر إليها .. يبدو أن الزمن ترك آثاره حتى على المنزل فجعله كالقصور المتهالكة ، أو ربما هو ليس كالقصور المتهالكة هو بالفعل كذلك .. خالي من الروح والحياة ، منزل كئيب ومظلم ، يعطي انطباع من الخارج أنه مهجور ولا يسكنه بشر ! .
قطع جلسة تأملها في جدارن وأثاث الغرفة دخوله عليها وهو يقول بابتسامة تحمل القليل من الاستنكار :
_ معقول أسمهان هانم بنفسها في بيتي !

بقت بمقعدها دون أن تقف أو تتحرك حركة واحدة ، فقط تطلعت إليه بثبات انفعالي مميز وانتظرته حتى اقترب منها وجلس على المقعد المقابل لها هاتفًا بابتسامة سمجة :
_ قبل أي حاجة .. تحبي تشربي إيه ، دي أول مرة تدخلي فيها بيتي ولازم اضيفك

ملامح جامدة لم تتغير منذ دخوله ، تحدجه بها حتى الآن دون حتى ابتسامة بسيطة متكلفة ، وكيف تتكلف وهي لا تجيد الابتسام  أساسًا ! .
أسمهان بلهجة حازمة :
_ أنا مش جاية اشرب يا نشأت .. هما كلمتين جاية اقولهم ليك وهمشي
رجع بظهره للخلف على مقعده يجلس باسترخاء متمتمًا بهدوء أعصاب مستفز :
_ وأنا سامعك ، اتفضلي
تجاهلت نظراته ولهجته وتصرفت بطبيعتها الجافة حيث قالت في أعين تنبع بشرارة الشر والوعيد :
_ هتخلي بنتك تبعد عن ابني واعتقد دي مش مهمة صعبة عليك .. زي ما اقنعتها تتجوزه هتقنعها إنها تطلق ، وإلا صدقني مش هتشوفها تاني

نشأت بنظرة كلها تحدي :
_ متقدريش يا أسمهان تلمسي شعرة واحدة منها .. عشان سعتها أنا اللي هاخد روحك ومش هعمل حساب لأي حاجة ، واظن كمان إن حتى إنتي عارفة أنا قد إيه راجل **** وممكن اعمل إيه ، ثانيًا لما تحبي تهدديني ببنتي كان المفروض تكون معلوماتك كاملة

أسمهان بزمجرة :
_ قصدك إيه !

انتصب في جلسته وقال بحدة تليق بصوته الرجولي :
_ قصدي إن ابنك اللي متمسك ببنتي ورافض يطلقها مش هي ، وطلب مني إني اديله المساحة عشان يحاول يصلح علاقته بيها تاني وتفضل بنتهم عايشة وسط باباها ومامتها

استشاطت غيظًا فور سماعها لتلك الكلمات وووقفت ثائرة وهي تهتف :
_ عدنان لا يمكن يقول حاجة زي ، بنتك متفرقش معاه بحاجة وهي اللي واضح أوي نيتها أيه من الجواز دي ، الصراحة مكنتش متوقعة إنها هتطلع نسخة حقيرة ومصغرة من أمها كدا

وثبت هو الآخر ثائرًا وصاح بها منفعلًا :
_ أسمهان الزمي حدودك واعرفي إنتي بتتكلمي عن مين ، الغل والحقد اللي في قلبك ده يكون بيني وبينك وتصفية حسابات لو حابة يبقى نصفيها مع بعض ، لكن بنتي خط أحمر

رمقته بنظرة ساخرة أخيرة قبل أن تردف بثقة :
_ انا قولت اللي عندي وإنت فهمتني

ثم استدارت واتجهت إلى خارج الغرفة بأكملها وتركته يشتعل بأرضه من الغضب .

رواية امرأة العُقابWhere stories live. Discover now