الفصل الثالث

112 8 3
                                    

تركت زينة فاطمة وتوجهت للسوق واشترت احتياجاتها وبعد ان انتهت عادت لبيتها أما فاطمة فتوجهت لبيت أخيها راضي، قرعت الباب ففتحت لها ندى ابنته الكبرى والتي هللت فرحة برؤية عمتها قائله : هييييه عمتو فاطمة جت يا بابا
احتضنتها فاطمة وقبلتها ودخلت وألقت بالسلام على راضي وسندس ابنته الصغرى وجلست بجواره تلقي التحية والسلام عليه قائله : ازيك يا راضي يا خويا ، عامل أيه وصحتك عاملة أيه ؟
راضي نظر لها قائلا : بخير الحمد لله ، طالما جايه الصبح كده يبقى في حاجة ، خير ؟
( راضي هو الأخ الاكبر لفاطمة وهو من اجبرها على الزواج من صديقه عامر ، متزوج وزوجته تعمل ممرضة في إحدى المستشفيات وهي من تتولى المصروفات عليه وعلى البيت ، أنجب منها ندى وسندس )
أجابته فاطمة قائله : والله يا خويا أنا جيالك بخصوص عامر.
تنبه لحديثها قائلا : خير ، ماله عامر ؟
فاطمة اجابته قائله : لأ يا خويا مش خير ابدا والله ، أنا عوزاك تتكلم معاه وتقولوا بلاش يجيب أصحابه ويشربوا في البيت وبالليل كمان ، أنا مش قادره استحمل أصحابه ورخامتهم أكتر من كده وهو ولا دريان بحاجه ، كل يوم يرجع البيت ساحب معاه واحد أو اتنين ويآكلوا ويلعبوا قمار ويسكروا لحد الصبح وكمان يدخلوا عليا اوضتي من غير لا حيا ولا خشا ، هو ده ينفع ولا يرضي حد ؟
فاطمة قائله : يا فاطمة دي مش اول مرة تتكلمي معايا في الموضوع ده وأكتر من مرة برضو قولتلك ده بيته وهو حر فيه ومحدش يقدر يحكم عليه يدخل مين ويخرج مين ، ولو انتي مش عاجبك خليكي في أوضتك واقفلي عليكي بابك واعملي نفسك مش سامعه حاجة وسبيه هو واصحابه برا احرار يعملوا اللي هما عاوزينه طالما بعيد عنك ، إنما أنا مقدرش اقوله اختي اللي هي مراتك مش عوزاك تدخل صحابك البيت ده هيبقى عيب كبير في حقك وحقي كمان وهيقول اني بتعدى عليه
فاطمة بحزن قائله : يعني هو يرضي ربنا اللي بيعمله ده يا راضي ، وكمان بتقولي بيته وهو حر وادخلي واقفلي عليكي طيب ما هو بيتي أنا كمان وحقي ارتاح فيه وآخد راحتي اطلع او اخرج فيه وقت ما احب مش افضل محبوسه بين اربع حيطان ف الاوضة وهو برا خارب الدنيا ، وبعدين ما انا بدخل وبقفل وهما بيدخلوا عليا يعني اروح اشتكي لمين.
راضي زفر بحنق قائلا : النهاية يا فاطمة خليكي في بيتك ومع جوزك ومتجيش تشتكي منه تاني ، محدش هيتحكم في بيت غيره وده بيته.
فاطمة بحنق قائله : والله العظيم قبل ما آجي وأنا عارفه اللي هيحصل ، انا كنت عارفه انك مش ممكن هتنصفني ابداً ، انت طول عمرك كده واقف في صفه وبتدافع عنه وكأنه بيصرف عليك وبيأكلك ولا ماسك عليك زلة ، عموماً كتر خيرك أنا ليا رب اسمه الكريم هو القادر يسندني ويقف معايا ويرفع عني اللي انا فيه ، سلام يا خويا يا ابن امي وابويا.
-------------
تركته فاطمه وهي دامعة العينان ليس لها سبيل سوى أن تتحمل تلك المعيشة مع ذلك الزوج المريض ليس لها سوي رب العالمين تشتكي له وجعها وتطلب منه الخلاص ، عادت لبيتها تجر أذيال خيبتها وما اصابها من حزن بسبب أخيها ، صعدت لزينة تأخذ منها المشغولات وسألتها عن كريم وتحدثت إليها بصوت ممزوج بالحسرة : هو كريم اخباره أيه دلوقت يا زينة ؟
اجابتها زينة بحزن قائله : والله رجعت لقيت الحرارة ارتفعت تاني مش عارفه بقى ليه مش عاوزه تستقر ، ربنا يسترها بقى هروح اعمله كمادات وشوربة واشوف ميعاد الدوا يمكن لما يآكل ويآخد الدوا في مواعيده يتحسن والحرارة تنزل وتستقر ، المهم انتي عملتي أيه عند راضي طمنيني ، ليه شكلك حزين كده انتي معيطة ولا أيه يا فاطمة ؟

فاطمة بحسرة قائله : والله يا زينة ولا عملت حاجه زي ما روحت زي ما رجعت ، انا عارفه انه مش ممكن هينصفني ابداً ، اخويا وأنا عرفاه ميهموش غير مصلحته وبس ، قالي لو مش عاجبك خليكي في أوضتك واعملي نفسك مش سامعه اللي بيخصل منهم  برا هما احرار يعملوا اللي يريحهم وبعدين ده بيته ومحدش يقدر يقوله متجبش اصحابك فيه ، والله يا زينة انا كنت عارفه إنه مش ممكن هينصفني ابداً دايما بييجي في صف صاحبه انما ييجي معايا انا اخته ده مش ممكن ياله الله يسامحه بقى ، عموما يا زينة انا هنزل أجهز الأكل انا كمان علشان أما يصحى ميتخانقش معايا وربنا يستر لاني اتاخرت وهو كان عاوز السجاير ادعيلي انزل الاقيه لسه نايم
زينة دعت لها قائله : روحي الله يقويكي ويسترها معاكي.
نزلت فاطمة لشقتها ، دخلت غرفتها لتجد عامر مستلقي على الفراش نائم على وجهه ملقى بيده الاثنتين على الفراش لا يشعر بها ، فاقتربت منه لتوقظه قائله : عامر قوم انا اشتريت الفطار والسجاير.
أجابها قائلا وكلماته مختلطة بالنعاس قائلا : هاه ، امم طيب هقوم أهوه ، اعملي الشاي وصحيني.
أجابته فاطمة بحسرة : حاضر.
توجهت فاطمة للمطهى وجهزت الشاي وعادت ترفع صوتها وتنادي: يا عامر يالا اصحى ، يا عامر ياله الأكل والشاي هيبردوا بقي مش هينفع اسخنهم تاني
أجابها من داخل الغرفة وهو يتثاءب : طاااايب جاي اهوه.
اعتدل وخرج من غرفته دون أن يغسل وجهه وجلس يتناول الطعام وهي تنظر له باشمئزاز لا تستطيع أن تتحدث معه حتى لا ينهال عليها بالضرب ويقذفها بوابل من السباب كعادته ، وبعد أن انتهى من تناول طعامه ، قام ليغسل وجهه وبدل ملابسه وتناول سجائره وكوب الشاي بين يديه وسألها : معاكي فلوس ؟

نظرت له للحظات دون ان تُجيب وفكرت ان تجيبه بالرفض هذه المرة وأن لا تعطيه ولكنها سريعاً عادت لصوابها وتذكرت أنه سيلقنها درساً كعادته ويذيقها ضرباً مبرحاً فتحاشت غضبه واجابته قائله : اه معايا
عامر قائلا : هاتي علشان عندي مشوار
اعطته ما طلب منها من مال ، أخذ منها أموالها وتوجَّه للباب وهو يتفوه بكلماته ويحملق النظر فيها قائلا : انا مش جاي النهارده بالليل هسهر برا ، هروح فرح واحد صاحبي وهرجع الصبح متستنيش ، اتعشي انتي لو عاوزه ونامي.
تنهدت فاطمة قائله : ماشي.

تنفست الصعداء حين سمعت بعدم رجوعه للبيت في تلك الليلة وتوجهت للمطهى لتجهز طعام العشاء ، جهزت مشغولاتها وجلست طوال الليل تعمل إلى أن غلبها النوم ، استيقظت على صوت عامر حين ارتطمت قدمه بقدم المنضدة وهو يترنح يميناً ويساراً فأسرعت تتفقد ماذا حدث بالخارج فوجدته وقد ترك باب المنزل مفتوح وألقى بجسده على الأريكة لا يشعر بشيء ، توجهت واغلقت الباب وخلعت له حذاؤه وأحضرت الغطاء وألقت به على جسده وتوجهت لتتحمم وتؤدي فرضها ثم جهزت الافطار وبدلت ملابسها وأخذت حقيبتها وتوجهت لزينة قائله : ياله بينا يا زينة علشان منتأخرش علي الشغل
زينة قائله : لأ روحي انتي يا فاطمة ، انا مش هقدر أنزل النهارده ، كريم تعبان وحرارته عاليه اوي طول الليل وانا كنت سهرانه جنبه ومخلصتش حاجه من الشغل كله زي ما اخدته ، اتشغلت بالواد ومعملتش فيه حاجه خالص ، انتي لحقتي خلصتي الشغل كله ؟

اجابتها فاطمة قائله : اه انا خلصت الحمد لله ، امبارح عامر كان في فرح وبايت برا البيت ولسه راجع من شويه فسهرت خلصت الشغل كله ، عموماً انا هنزل علشان متأخرش عاوزه حاجة من السوق ، أنا هخلص المصنع وهرجع على السوق اشتري الخضار
اجيبلك معايا حاجه؟
زينة قائله : لا ربنا يخليكي حبيبتي ، أنا عندي النهارده أكل مش هعمل حاجه ، هقعد جنب كريم ولو اتحسن واطمنت عليه هعمل الشغل اللي عندي علشان ألحق اسلمه
فاطمة قائله : ماشي طيب همشي أنا علشان متأخرش ، يالا سلام ومتنسيش تسلميلي على كريم
زينة قائله : الله يسلمك يا حبيبتي يوصل بإذن الله
-------------
تركتها فاطمة وانصرفت متوجهه للمصنع ، سلمت المشغولات وانتظرت لحين استلام القطع الجديدة واستلمت المبلغ وتوجهت للتسوق ، اشترت احتياجاتها ثم عادت للبيت لتجد عامر على نفس حالته ، دخلت وجهزت الطعام وبعد ساعتين استيقظ من نومه واحتسي كوباً من الشاي وتحمم وبدل ملابسه قائلا : انا نازل.
فاطمة قائله : بالسلامة هتتأخر ولا هترجع على طول ؟
عامر أجابها قائلا : مش عارف لسه هنشوف السهرة فين النهارده.
ارتفع صوت فاطمة وتحدثت بحنق بعدما زاد ضيقها وفاض كيلها مما يحدث من عامر قائله : هو كل يوم سهر وشرب لوش الصبح كد ه، يا اخي حرام عليك صحتك ، لو مش خايف على نفسك خاف عليا من اصحابك اللي كل يوم تجرهم معاك وتسهر معاهم لوش الصبح والنهاية  بتنام زي القتيل ولا بتحس باللي بيحصل حواليك وهما كل واحد بيبصلي وعينه كلها طمع فيا

اقترب منها عامر وقبضها من شعرها قائلا : انتي بتعلي صوتك ليه يا وليه ، صوتك ده مسمعهوش تاني سامعه ولا لأ ، انا حر أعمل اللي يريحني ، سامعه ولا تحبي اسمعك تاني يمكن سمعك تقيل ، ده بيتي والباب يساع ميت جمل لو مش عاجبك ارحلي من هنا ، وصحابي اشرف منك ومتجبيش سيرتهم تاني على لسانك ده تاني والمرة اللي جايه هقطعهولك

بكت فاطمة وهي تردد : سيب شعري هيتقطع ف ايدك كفايه افترى
زاد نحيبها وأجابته بعدما امتزجت كلماتها بالدموع : سامعة ، سامعة ، سيب شعري بقى حرام عليك.

ترك عامر شعرها وتحدث وهو ينصرف : ستات مفيش وراها غير الهم والنكد جتك القرف انتي واللي عاوز يتصبح بيكي
تركها وخرج من البيت وجلست فاطمه في غرفتها تعمل في المشغولات حتى تنتهي وتقوم بتسليمهم في الصباح التالي إلى أن شعرت بالإجهاد واستسلمت وخلدت للنوم.
__________
دقت الساعة العاشرة مساءًا ، تحدث سامي لزوجته الدكتورة صفا وهو متوجهه للغرفة يبدل ملابسه قائلا : ياله يا صفا علشان منتأخرش عندنا كذا حاله النهارده.
الطبيبة صفا قائله ماشي انا خلصت أهوه ، يا نادرة ياله انتي عشيتي صفي خلاص ونام ولا لسه ؟
الدادة نادرة اجابتها قائله : ايوه يا دكتورة ، خلاص انا عشيته ونيمته من بدري .
عادت صفا تردف متسائلة : اتأكدتي أن التليفون جنبه مشحون والصوت مفتوح لأن دايما بيلعب عليه ويقفل الصوت
احابتها نادرة قائله : اه انا اتأكدت إنه جنبه مشحون والصوت مفتوح كمان اطمني حضرتك
صفا قائله : طيب ياله جهزي نفسك هنآخدك معانا لأقرب مكان ليكي الدنيا بتمطر برا.
نادرة قائله : حاضر يا دكتورة ، انا دقايق وهكون جاهزة

أسرعت نادرة وجهزت نفسها للخروج واصطحبها سامي وصفا في سيارتهم لأقرب مكان من بيتها ثم توجهوا للمشفى حيث موعد مبيتهم الليلة.
__________
استفاقت فاطمه كعادتها على صوت عامر يوقظها لتُجهز له الطعام حيث جلب معه قاسم في تلك الليلة ودخل عليها يأمرها بحنق وهو يرفع حاجبيه ينتظر أن تجيبه بالرفض حتى يلقنها درس اليوم
- قومي جهزي العشا واعملي شاي ، الجو برد والدنيا بتمطر برا 
ومعايا قاسم عاوزين نامل لقمة في السريع نشرب شاي

فاطمه تلك المغلوبة على امرها توجهت في صمت وجهزت الطعام والشاي ووضعته على المنضدة وكعادته قاسم يتفحص جسدها بنظراته اللاذعة ، حين شعرت بذلك أسرعت في وضع الطعام أمامهم ثم توجهت لغرفتها وقد خاصم عيناها النوم فجلست فوق فراشها تستكمل ما تبقى لها من عمل بعد أن احكمت غلق الباب عليها.
#يتبع
#نوري

الهاربةWhere stories live. Discover now