الفصل الثامن عشر

277 9 7
                                    

اليوم المفتوح

رافقتني ميس ولمار للجلوس في حديقة قريبة من المركز التجاري حتى أحصل على بعض الهواء النقي. وأصفي ذهني قليلا.

كنت شاردة وسط همّي وأفكر بأي كذبة أقولها لأبي في حال وصول المقطع المصور إليه. رن هاتفي فجأة فأجفلت، نظرت إلى هوية المتصل فشحب وجهي كأن المكالمة وردتني من شبح.

اعتلى القلق وجه ميس ولمار فتساءلت الأخيرة قائلة:

" من المتصل؟"

أدرت الهاتف ناحيتهما لأريهما هوية المتصل، فازداد القلق ليستعمر على وجهيهما. حاولت ميس تلطيف الجو فقالت:

" أجيبي على المكالمة لربما كانت تتصل بك لموضوع آخر"

لم أقتنع بكلام ميس، فأمي تعلم أنني برفقة صديقاتي وهي لا تزعجني عادة إلا لشيء طارئ، إذن ماذا تريد؟ إلا إذا كانت تتصل بي بسبب موضوع حسام، هل وصل الخبر بهذه السرعة إليها؟

بكل تردد شديد استقبلت المكالمة، ما إن ألقيت عليها التحية متصنعة نبرة مرحة حتى هدرت بي بقولها:

" عودي إلى البيت الآن! دون نقاش"

ثم أغلقت الخط في وجهي قبل أن تعطيني فرصة لأعترض حتى. تملكني الذعر أكثر وأخذت أرجو صديقتاي أن تجدا حلا لي وأنا أتخيل غضب أبي وثورته.

قررتا في النهاية أن تأتيا معي لتحاولا تهدئتها إذا كانت مهتاجة، ولتقدما لي الدعم والعون. عندما وصلنا المبنى ترددت في الدخول وهممت بالهروب لكنهما أصرتا علي لأواجه مصيبتي بدل الهروب منها فنصبح في مصيبتين فقامتا بجري حتى وصلنا باب بيتي.

تنفست بعمق وقرعت الجرس، فتحت أمي الباب وهي تحمل على وجهها نظرات ساخطة. وبشكل تلقائي احتميت بكتف ميس، ثم صرخت بي:

" تفضلي شرفيني في الداخل"

دفعت ميس لتسير أمامي وشددت بذراع لمار لتسير من خلفي لأحتمي في الوسط، بينما أمي تطالع ما أفعله بتعجب.

أخرجت ورقة مطوية من جيب مريولها، ثم فتحتها أمام وجهي. نظرنا ثلاثتنا نحو الورقة وعيوننا تحمل ألف تساؤل، وأخيرا قالت بنبرة معاتبة:

" لا أعرف ماذا أفعل بك! وضعناك في مدرسة خاصة وأحضرنا أستاذك ليقوم بتعليمك دروسا خصوصية، ومع ذلك تحصلين على هذا التقدير السيء؟ أستاذك قال لي أنك لم تدرسي معاني الكلمات، لكنت على الأقل حصلت على علامة أفضل، أعلم أنك لن تقترفي معجزة لكن على الأقل توقعت حصولك على علامة جيد! كم هو ظني خائب بك"

نظرة البلاهة التي علت وجوهنا لا تفسر أبدا، لكن طيفا من الراحة اجتاح صدري عقب إدراكي سبب غضبها، هي لا تعلم شيئا عن حسام وسقوطي في الاختبار هو سبب استيائها، آه! حمدا لله، شعرت بالنيران التي كانت تتأجج في قلبي تخمد شيئا فشيئا. خطفت منها الورقة وألقيت نظرة على علامتي عليها، إه! لست مهتمة أصلا فقد كنت أعلم أنني سأسقط في الاختبار في كل الحالات وكنت قد حضرت نفسي لئلا أحزن على شيء خارج عن سيطرتي.

حب أم حماقةWhere stories live. Discover now